تعيين اللواء محمد صالح شملان محافظاً لمحافظة عمران كان مفاجئاً ربما لكثيرين، إذ أنه أتى في ظل ظروف استثنائية تمر بها المحافظة أضحت مؤثرة على المشهد الوطني عموماً. ردود الأفعال تجاه القرار كانت مختلفة وتعكس مدى قرب وبعد الجهات من واقع المحافظة: - رحب التجمع اليمني للإصلاح بالقرار منذ اللحظة الأولى لإعلانه، رغم الضجة الإعلامية والسياسية والضغوط التي تصور منذ فترة ان إبعاد دماج عن موقع المحافظ إبعاد للإصلاح وتحجيم لدوره السياسي والإداري، كان موقفه مفاجئاً رغم توقع بعض خصومه أنه لن يقبل بتعيين شخص من خارجها.
ورأينا منشورات قياداته ترحب وتؤكد الدعم والمساندة والوقوف إلى جانب المحافظ الجديد، بل إن أحد أبرز القيادات الإصلاحية شكر رئيس الجمهورية لقراره الموفق، حسب قوله. لا أعتقد أن هذا الترحيب كان مجرد تسجيل موقف، بل مبني على إدراك إصلاحي لمعنى القرار.
السمعة الطيبة والتاريخ المهني للمحافظ شملان كرجل دولة ناجح ونشط أيضاً وخبراته في التجربة المحلية من خلال تجاربه في الحديدة وأبين ثم في الحكومة، كانت أهم المعايير التي دفعت قيادة الإصلاح للترحيب بالقرار.
كما أن الإصلاح إذ بادر لإعلان ترحيبه بالرجل أكد مرونته وقبوله بالشراكة وأسقط دعاوى الاستئثار بالسلطة واحتكار محافظة عمران في حصته، ليقول إن مصلحة المحافظة واستقرارها وتنميتها هو الأهم والثابت في سياساته.
- موقف المؤتمر الشعبي العام تجاه القرار من الطبيعي أن يكون مبنياً على علاقته وموقعه من المحافظ الحالي ودوره في المحافظة التي ظل حزب المؤتمر حاكمها الوحيد منذ تأسيسها في عام 1998، إذ ظل موقع المحافظ حكراً على المؤتمر حتى تعيين دماج نهاية 2012.
رحبت غالبية قيادات المؤتمر بالقرار لأنها رأت فيه تحقيقاً لمطلبها الذي ظهر منذ أشهر بإقالة المحافظ دماج في الوقت نفسه كان لجماعة الحوثي أنشطتها الأخرى، عبر قيادات محلية وحزبية من بينها نائب المحافظ، واعتبرت أن القرار أعاد للمؤتمر امتلاكه قرار الدولة في عمران، فاللواء شملان قيادي بارز في المؤتمر الشعبي العام ومقرب من رئيسه أيضاً، وأعتقد أن هذه الجزئية الأخيرة هي التي دفعت قيادة مؤتمر عمران للترحيب بالرجل القادم من خارج إطارها التنظيمي المحلي الذي كان عدد من قياداته يرغبون في تبوأ هذا الموقع.
- أما جماعة الحوثي فكان من الطبيعي أن تبادر للترحيب بالقرار الذي يعد تحقيقاً لمطلبها المعلن من القرار بإقالة المحافظ دماج الذي ظلت منذ أشهر تسوّقه إعلامياً كخصم يبرر لها ما تمارسه في محيط المدينة منذ شهر فبراير الماضي حيث تحتشد عبر لافتات بدأت سياسية واجتماعية وصولاً إلى إحكام حصار خانق عبر آلاف المسلحين والسلاح الثقيل في كل مداخل عاصمة المحافظة بغية إسقاطها عسكرياً، وخاضت أكثر من معركة وغزوة في سبيل تحقيق هدفها بإسقاط مركز المحافظة الذي أعلنت عنه بوضوح في الفترة الأخيرة، ولا زالت حتى الليلة تطبق حصارها لولا الصمود القوي لوحدات الجيش والأمن في المدينة ودعم سكانها للموقف القوي.
وكان الترحيب بالقرار أمراً طبيعياً بعد دخول الدولة على خط ما يجري في عمران، وانتقال الملف من السلطة المحلية والعسكرية بالمحافظة إلى قيادة الدولة ممثلة بالرئيس ووزير الدفاع وقائد المنطقة العسكرية السادسة.
فور إعلان القرار بدأ ناشطي الحوثي يتداولون جزئية من القرار تتعلق بما أسموه "إقالة دماج" كجزء من انتصار سياسي بعد ما سمعناه عن خسائر فادحة تعرض لها مسلحو الجماعة في الأيام الأخيرة ما جعلها تتجه لخيار السياسة والمفاوضات.
تعيين اللواء شملان كان يصلح أن يعده الحوثيون انتصاراً سياسياً لهم، لكن التراجع المفاجئ لناشطيهم والعودة إلى مربع التشكيك في شخصية وخلفية المحافظ الجديد والتذرع بمشكلات أخرى كان مفاجئاً ويضع الحوثي في مواجهة الدولة ويسقط آخر ذرائعه.
كان المتوقع أن يبادر الحوثي رسمياً للترحيب بالقرار وتأكيد دعمه للمحافظ الجديد. وإعلان انسحابه من محيط المدينة واللجوء للتفاوض من أجل تحقيق بقية أطماعه الممكنة، بدلاً من ذلك ترد أنباء عن استمرار التحشيد والاستعداد للعدوان، بل وسمعنا عن تحركات واستحداثات في مديرية همدان التابعة لمحافظة صنعاء والتي تفصل بين العاصمة ومحافظة عمران.. الكرة في ملعب الحوثي وحده اليوم.
- الانسجام الكبير والتفاعل مع القرار بين موقف أهم القوى السياسية في المحافظة (المؤتمر والإصلاح) ربما من شأنه تغيير المعادلة، إذ ان افتراقهما سياسياً وبتأثير الوضع السياسي الذي تشهده البلاد منذ 2011، هو أهم عوامل تمدد الحوثي ولعبه علىى التناقضات، وقد رأيت وسمعت من قيادات الحزبين اعترافاً بهذا الاختلال ورغبة في تجاوزه، وربما يكون التعيين الجديد أهم مداخله.
- نهنئ المحافظ الجديد صاحب السمعة والخبرة التي تبعث على التفاؤل، والواجب التفاف الجميع لما من شأنه إعادة الاستقرار لعمران ودفع شبح الحرب عنها، ودفعها نحو التنمية والتعايش والسلام.