[1] هذه بعض التعليقات على بعض ما جاء في خطاب الحوثي الذي ألقاه الأسبوع الماضي على هامش أحداث عمران التجمع اليمني للإصلاح؛ مع التنبيه أنها تستند لتلخيص وليس نتيجة سماع للخطاب! ولعله من المناسب أن نكرر هنا ما نجده قاسما مشتركا في ثلاثة مشاريع سياسية إرهابية يجمع بينها البعد العنصري والإيمان بالتفوق السلالي؛ ونقصد بها المشاريع: الصهيونية، والحوثية، والنازية.. فهذا الاستهداف الحوثي الصهيوني للمساجد والمنازل والمدارس صار علامة مسجلة للمشروعين، وبنفس المبررات أي وجود إرهابيين أو تكفيريين فيها! وكما يحمل نتنياهو حماس مسؤولية قتل الجيش الصهيوني للفلسطينيين وتدمير بيوتهم؛ فكذلك يصنع الحوثة الذين يحملون الإصلاح مسؤولية جرائم مليشيات الحوثة القادمة من صعدة في حق المدنيين وفي تدمير المساجد والمنازل والمدارس في كل مكان! وآخر هذه الفبركات الصهيونية- الحوثية ما يشيعه الإعلام الحوثي والمؤتمري بأن الإصلاح هو المسؤول عن قتل القائد البطل حميد القشيبي! ولأنهما مشروعان عنصريان؛ فها هم الحوثة يكررون ما حفظه لنا التاريخ من أساليب الدعاية النازية الهتلرية أثناء الحرب العالمية الثانية.. فقد كان هتلر العنصري كلما حقق انتصارا وكسب أرضا تعالت أبواقه في الحديث عن السلام والتعايش المشترك.. وكذلك يفعل الحوثة اليوم ومنذ كتاف ودماج.. فكلما توسعوا واحتلوا أرضا تعالت أصواتهم في الحديث عن السلام، وضرورة تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار! قد يكون من المفهوم عند البعض: لماذا تدمر إسرائيل النوادي الرياضية، والمنازل، والمزارع في غزة.. لكن لماذا يدمر الحوثة أتباع المسيرة القرآنية المزعومة المساجد ودور ومدارس تعليم القرآن الكريم؟ لم لا يحتفظون بها لاستخدمها لتدريس أي خبالة؛ ولو كانت ملازم الحوثي وخطاباته؟
[2] كالعادة يحاول الحوثي بعد كل عدوان أن يؤدي دور المتسامح المنفتح كما هو متبع في الخطاب الإعلامي والسياسي له ولمساعديه ولأبواقه داخل صنعاء، لذلك راح في خطابه يمثل دور المؤمن بالتعايش والتسامح السياسي والثقافي مع من يتهمهم بأنهم يحاربونه ويريدون شطبه من الوجود!! ومتسائلا إن كان للإصلاح مشروع سياسي ثقافي فلماذا لا يجعل صراعه (مع الحوثيين) سياسيا وثقافيا بدلا من تحويله إلى صراع عسكري؟ وتساءل أيضا: لماذا لا ينفتح الإصلاح على الحوثيين كمسلمين ويمنيين مثل جزء من انفتاحه على الغرب والخارج؟ [لاحظوا أنه تجاهل خبثا أو جهلا أن يقول أيضا: أو كانفتاحكم على الأحزاب اليمنية الأخرى! والخبث والجهل يتضح سريعا لأن الإصلاح بالفعل منفتح وعلى البحري مع عديد من الأحزاب اليمنية من كل المشارب السياسية والفكرية، ويشارك مع أبرزها في تحالف سياسي بدأ منذ 1996؛ ومنها أحزاب (أَخْرَى) من الحوثيين أنفسهم مثل حزب الحق بنسختيه أو فرعي حسن زيد ومحمد المنصور!.. وهو انفتاح وصل إلى درجة أنه يجوز لكل من هب ودب في قيادات الأحزاب المتحالفة مع الإصلاح أن تشتمه، وتلعنه، وتحرض عليه الداخل والخارج، وتتحالف ضده مع عفاش ودباش وطفاش، وعلى لسان قياداتها البارزة وفي صحفها الرسمية ثم لا يحدث لها ولو عتاب أو تصريح من مصدر مسؤول.. في الوقت الذي لا تتحمل هذه الأحزاب أن يمسها كلمة من ابن جيران أولاد خالة ابن عم جدة سكرتير أي مسؤول إصلاحي في وسيلة إعلامية مستقلة لا علاقة لها بالإصلاح إلا التي أشرنا إليها!].
هذه ملاحظة خرجنا بها – لأمر في نفس يعقوب- عن التسلسل المنطقي في إيراد كل وسوسات الحوثي قبل الرد عليها. فمثلا كيف يمكن إدارة صراع (يقصد منافسة ولكن الطبع الحربي غلب على التطبع) سياسي مع منظمة عسكرية لا يوجد لديها حزب سياسي (إذا استبعدنا نسختي حزبي الحق كوكلاء).. ومعلوم من الذي يرفض تشكيل حزب سياسي والخضوع لمعايير ذلك في مخرجات مؤتمر الحوار. أما عن الصراع الثقافي فموجود، ولكن من الذي يصفه بأنه شطب وطمس، واستهداف لشريحة من المواطنين ومذهبهم وأئمتهم الذين حكموا اليمن، ولو كانوا من كبار المجرمين في حق اليمنيين؟ الجواب: عبده!
[3] ويستمر الحوثي في موعظته أو دوره في مسرحية (موعظة المشاغبين) مستنكرا ما يسميه مساعي الإصلاح لطمس ملايين اليمنيين وشطب فئة معينة من الزيدية وأنصار الله! محذرا أنه لا يمكن شطب أنصار الله ومن ثم فالحل هو في العيش المشترك! آمنا بالعيش المشترك من وعاااد الحوثي إلا صغير أي قبل 21 سنة ، ولذلك نقول كما قال الله تعالى لأمثاله (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم..) وكما قال أيضا: (كبُر مقتا عند الله أن تقولوا ما تفعلون).. الحجة عليك فأنت على الأقل حاكم متغلب تتحكم في محافظة كاملة منذ سنوات، ومحافظة أخرى أكملتم السيطرة عليها قبل أيام، وكما قال أحد أجدادك وبنفس العيفطة للشعب اليمني: هذا الفرس وهذا الميدان. نقول نحن: هذه صعدة وهذا العيش المشترك وعدم الشطب وطمس الملايين.. أرنا كيف يكون العيش المشترك في مملكتكم وتحت سلطانكم! أسمعنا فقط بيانا شافيا سريعا قبل انتهاء رمضان أن المسلمين في جميع مناطق صعدة ومناطق هيمنتكم لهم حرية أداء صلاة التراويح والقيام في المساجد.. هذا ما هو مطلوب عربونا سريعا على صحة الإيمان بالعيش المشترك! وحبذا لو نقلت قناتكم بعض صلوات التراويح على الهواء مباشرة لتأكيد إيمانكم بحقوق الأقلية المسلمة في ممارسة شعائرها! [ قبل كتابة هذه الكلمات أتصلتُ بأحد الأخوة في محافظة صعدة للتأكد من تفاصيل معركة أم التراويح التي يخوضها الحوثة كل سنة، وأكد لي أن صلاة التراويح مسموح بها فقط في قلب المحافظة والمساجد القريبة (لزوم البريستيج والعيش المشترك والانفتاح على الأقليات الدينية! وعلشان يحلفوا يمين طلاق للجنة الأممالمتحدة أنهم يحترمون الحريات الدينية للأقليات بدليل أنهم يسمحون لها بأداء صلاة التراويح مخاطرين أن يغضب الله عليهم لسكوتهم على هذه البدعة.. وأي بدعة: يصلوا التراويح؟) .. أما في بقية المناطق فجنود المسيرة القرآنية (الوصف الأخير من عندي) يطاردون ويمنعون صلاة التراويح التي يقرأ فيها آيات القرآن وليس التوراة والإنجيل والزبور، وأكد أن المجاهدين ضد التراويح يغلقون المساجد لمنع التراويح كما حدث في قريتهم قبل يومين، وفي قرية أخرى استنكروا على الذين صلوها في أحد المساجد واستدعوهم للذهاب إلى مكتب السيد!].. هي فوضى أو ما فيش دولة؟
[4] للعلم أيضا؛ ففي يوم الجمعة الماضية اشتكت وكالة خبر التابعة للمخلوع علي صالح من احتجاز الحوثيين في عمران لاثنين من مراسليها، ومصادرة الأجهزة التي معهم.. المشكلة هنا ليس في نهب ممتلكات الصحفيين؛ المصيبة أن الوكالة الشاكية ترقص على أنغام أنصار الله، وتقود الحملة العفاشية لدعم الحوثي في السراء والضراء، والمنشط والكره، ومن صعدة إلى دماج إلى كتاف إلى عمران وحجة وهمدان وبني مطر.. وتقوم بدورها – والشهادة لله- على أكمل وجه، وفاقت حتى وسائل إعلام الحوثي: إخلاصا وحمية، ومع ذلك لم يشفع لها العيش المشترك.. والمؤامرات المشتركة.. والكيد الواحد.. فكان هذا جزاؤها أو لعلها فضيحة الدنيا قبل فضيحة الآخرة!
[5] موعظة المشاغبين تتحدث عن طمس هوية الملايين وشطبهم لأنهم زيود وأنصار الله. والله والملائكة والناس يشهدون أن الذين يطمسون هوية الملايين ويشطبونهم من بلادهم وقراهم ويشردونهم ليعيشوا في مخيمات النازحين، ويخوضون الحروب دون توقف – إلا لإطلاق مبادرات السلام- لفرض سلطتهم على الجميع هم.. الحوثة! هاتوا لنا حوثة مشردين عن بلادهم وقراهم يعيشون في المخيمات على إحسان المنظمات الخيرية كما هو الحال مع الهاربين من انفتاح الحوثي وإيمانه بالعيش المشترك! وهاتوا لنا حوثة يجبرون على الضم والتأمين وإلا تم استدعاؤهم إلى مقرات الإصلاح لمحاسبتهم على هذه البدع! ها هم الحوثة موجودون في كل مكان في قلب العاصمة ؛وحتى في تعز وإب، مدججين بالسلاح الخفيف والمتوسط.. ويملكون وسائل الاتصالات الحديثة بكل أنواعها، ويتخاطبون مع العالم كله دون حرج، وينشطون ضد الدولة ومعارضيهم بحرية يحسدهم عليها الإيرانيون في بلادهم، ويهددون قادة الدولة بالويل والثبور جهارا ( فيسبوكا تويترا).. ولديهم حلفاء يعينونهم على إخراج الخبراء العسكريين الأجانب الذين يصلون إلى المطار في سيارات ميري ومنه إلى صعدة وساحات العيش المشترك وعدم الطمس والشطب.. قصدي ساحات المعارك في عمران وغيرها! هل سمعتم أن هناك معارضين للحوثي ينشطون ضده في صعدة، ويسيّرون المظاهرات ضده وأمام بيته كما يفعل الحوثة أمام منزل هادي.. ويقيمون الاعتصامات أمام مكتب مناع، ويطالبون بعزل المحافظ أو القائد العسكري الفلاني، فضلا عن أن يطالبوا بتحرير المحافظة من الحوثيين وكبيرهم الذي علمهم العيش المشترك، ودرّبهم على عدم الطمس والشطب؟ هل سمعتم أن جماعات مسلحة معارضة للحوثي تتجول في صعدة وغيرها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وتتحدى الأمن كما يحدث في صنعاء من قبل الحوثة؟ إذا تمت الإجابة عن هذه التساؤلات فسوف تفهمون المعنى الحقيقي لشعارات الحوثي حول العيش المشترك، والانفتاح على الآخر، والصراع السياسي والثقافي بدلا من الصراع العسكري والأمني!
[6] أضم صوتي للأستاذ فهمي هويدي وهو يعلق على العدوان الصهيوني على غزة مقابل سكوت النظام المصري وحياديته: أين الذين بشروا المصريين واليمنيين والعرب بأن الانقلاب العسكري في مصر أعاد مصر إلى دورها القومي، وعودة زمان العزة القومية بعد القضاء على حكم الإخوان؟ وأين أيضا الذين ملئوا الفضاء صراخا عن المؤامرة الصهيونية وراء الربيع العربي ضد مصر والوطن العربي. لماذا لا ينتهزون الفرصة لرد الصاع صاعين، والهجوم على إسرائيل وهي مشغولة ، أو أضعف الإيمان: يفتحون معبر رفح ويسمحون بدخول الأدوية والمساعدات الغذائية؟ أما أظرف ما كتب تعليقا عن شماتة مؤيدي الانقلاب العسكري في مصر من حماس، وتحريض بعض اليهود على تدميرهم؛ فهو هذه الكلمة الساخرة: [لكل سيساوى : وأنت قاعد في التكييف وبتتفرج على المسلسل.. افتكر أن ليك أخ يهودي بيتنفخ دلوقت من رجالة حماس!].