جدة - ياسر باعامر أثار طلب وزارة الشؤون البلدية والقروية في السعودية مناقشة إشراك المرأة في انتخابات المجالس البلدية المقرر عقدها في 2011 بشكل سري، جدلا واسعا على عدة أصعدة.
واعتبر العديد من المختصين والمختصات بحقوق المرأة السعودية القرار الحكومي بمثابة جس نبض ل"الإسلاميين المحافظين" الذين يسيطرون على 36 مجلسا بلديا في السعودية بعد نجاحهم الساحق في أول انتخابات تجرى في السعودية عام 2005.
حيث أكدت سارة الخثلان وهي مستشارة في شؤون المجالس البلدية السعودية عدم وجود مخالفات شرعية في مشاركة المرأة السعودية مرشحة وناخبة في انتخابات المجالس البلدية القادمة.
وعبرت للجزيرة نت عن اقتناعها بأنه "لا يمكن تجاوز" مشاركة المرأة في تلك الانتخابات، مؤكدة أن الأمر يحتاج إلى قرار رسمي من القيادة السياسية العليا ينهي هذا الجدل، معتبرة أن سيطرة الأعراف والتقاليد تعد العائق الأكبر لولوج المرأة تلك الانتخابات.
واتهمت سارة الخثلان بعض السلطات الدينية والمختصة بممارسة ازدواجية مع المرأة، حيث أجازت هذه السلطات للمرأة الترشح والتصويت في انتخابات الغرف التجارية الصناعية، بينما تعارض ترشحها لانتخابات المجالس البلدية. من جانبها اعتبرت مراقبة فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن السبب وراء المناقشة السرية هو عدم حسم القرار السياسي على مستوى القيادة السعودية، مشيرة لتصريحات للنائب الثاني للعاهل السعودي ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، أعلن فيها أن السعودية تدرس إمكانية مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات البلدية المقبلة ترشحًا وانتخابًا، قبل أن يعود في مارس/آذار 2009 ليقول إن بلاده لا تحتاج إلى تمثيل للمرأة في مجلس الشورى، وإنه ليس هناك ضرورة لدخول المرأة السعودية لأي انتخابات.
بدورها اتهمت الدكتورة سهيلة زين العابدين الداعية الإسلامية وعضو الجمعية السعودية لحقوق الإنسان بعض علماء الدين بأنهم يخضعون النصوص القرآنية والنبوية للأهواء والتقاليد، مضيفة "أنهم يعارضون أي مطلب شرعي للمرأة، ويغالون في تطبيق قاعدة سد الذرائع على المرأة".
ولم يعارض الداعية الإسلامي الدكتور علي بادحدح حق المرأة بالتصويت، مؤكدا عدم وجود حظر شرعي في ذلك، وقال "حق التصويت للمرأة سيكون إيجابيًّا، حيث ستحرص على انتخاب من يحافظ على مصالحها الاجتماعية وكيان الأسرة"، إلا أنه اعتبر أن مسألة جواز ترشحها، تتعلق بنوع الانتخابات التي ستخوضها، دون إبداء تفاصيل أخرى.
مخالفة دولية وكانت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان قد اعتبرت في تقريرها الصادر في يناير/كانون الثاني 2009 عدم السماح للمرأة بالمشاركة في الانتخابات "ترشحًا وانتخابًا"، مخالفة صريحة لبعض الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها السعودية.
وأوصت الجمعية بإصدار نظام خاص بالانتخابات يحدد شروط الترشيح والانتخاب بما يكفل المساواة وعدم التمييز بين الرجل والمرأة. حظر شرعي لكن الشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ومستشار العاهل السعودي، رفض وجهة النظر التي تقول إن المرأة السعودية بحاجة إلى قرار سياسي لنيل ما يسمى حقوقها الانتخابية، مشددا على أن الأمر يتعلق بالشرع. وأكد أن القرار السياسي ظل وسيظل دائما في خدمة القرار الشرعي الإسلامي، وانتقد من يقول إن المؤسسة الدينية تقف عائقا أمام نيل للمرأة لحقوقها، ووصف من يقولون بأن حقوق المرأة في السعودية مهضومة بأنهم تغريبيون يريدون تغريب المرأة عن دينها وأصالتها.
تجدر الإشارة إلى أن السعودية شهدت أول انتخابات بلدية منذ تأسيسها عام 1932م في عام 2005، لاختيار نصف أعضاء المجالس البلدية، بينما جرى تعيين الأعضاء الآخرين. وغابت المرأة السعودية عن تلك الانتخابات تصويتًا وترشحًا.