لم يفعل الحوثيون بدخولهم العاصمة اليمنيةصنعاء أكثر من تحقيق مطامع بعينها، مصحوبة بنشر الفوضى ليس في العاصمة وحدها، بل في اليمن كله تقريبا.. فالحوثيون يريدون السيطرة على اليمن بكامله، ولذلك اقتحموا أول من أمس مدينة "رداع" في محافظة البيضاء، واستمرت معاركهم في محافظة "إب" مع مسلحي القبائل مما خلّف عشرات القتلى، الأمر الذي يؤكد أنهم لن يتورعوا عن فعل شيء لتحقيق غايتهم المرسومة بإملاءات خارجية. لذلك فإن ما تقوله وزارة الداخلية اليمنية من أنها ملتزمة "ببنود اتفاق السلم والشراكة، الذي يقضي بسحب المسلحين الحوثيين ورفع الاعتصامات بمجرد تعيين رئيس وزراء" هو تبرير غير منطقي، فالحوثيون لم يلتزموا من قبل بأي اتفاق، وخرقوا كل الوعود التي قطعوها، وهم يعيثون فسادا وخرابا، مما يعني أن وزارة الداخلية في حقيقة الأمر عاجزة عن ردعهم، لأنها بلا حول ولا قوة أمامهم نتيجة ظروف معينة.
اليمن في وضع لا يحسد عليه، والأمر يتطلب من الجميع الوقوف صفا واحدا لإنقاذه من مستقبل مظلم إن لم يتم تدارك الوضع، فالحوثيون يتوسعون في مختلف المحافظات، والدعوات الجنوبية للانفصال وفك الارتباط بالدولة في حالة تصاعدية، ومؤسسات الدولة ذاتها بدأت تختفي منذ أعلن الحوثيون عن سيطرتهم على العاصمة صنعاء، فيما الشعب اليمني في حالة حيرة أمام المشهد الذي لم يكن يتخيل حدوثه.
موقف دول مجلس التعاون الخليجي من الأوضاع في اليمن واضح، فهي تريد الاستقرار وعدم العبث بمصير اليمن، وتريد دولة ناجحة غير مرهونة بمطامع خارجية، دولة تعمل لمصلحة الشعب اليمني بمختلف شرائحه وتياراته وليس لصالح فئة بعينها، لذلك فإن تشكيل الحكومة لن يقدم أو يؤخر إذا لم يفهم الحوثيون أن اليمن لكل اليمنيين، وأن قراره يجب أن يخضع للرغبة الجماعية وليس للمطامع الحزبية والطموحات الإيرانية.
إذا لم يتم العمل سريعا على تحجيم الحوثيين فأحوال اليمن لن تشهد الاستقرار قريبا، فعناصر تنظيم القاعدة موجودون، والمناخ الذي يوفره الحوثيون لهم ملائم لاستمرار العبث وإعادة تجميع الصفوف، وهذا لن يؤثر على اليمن وحده، بل سوف يمتد إلى دول الجوار، فأهداف "القاعدة" معروفة للجميع، وما يجب أن يفهمه الحوثيون وغيرهم أنه إذا لم تعد للدولة هيبتها فلا استقرار لهم أو لليمن حتى وإن أصبحوا هم أصحاب القرار فيه.