يضطلع النائب علي العنسي عادة بمهام برلمانية نبيلة في مواجهة الوزراء نيابة عن زملائه الغائبين.. ففي هذا الأسبوع كان النائب الإصلاحي مفضل إسماعيل الأبارة في مهمة تسجيلية لبرنامجه الأسبوعي في قناة سهيل، وكان وزير الزراعة والري قد وصل إلى القاعة للإجابة على سؤاله المقدم قبل 4 أشهر بخصوص تفشي مرض الدودة الحلزونية في بعض مديريات ريمة. وفي هذه اللحظة المباغتة بحضور الوزير المعني اضطلع النائب علي العنسي بمهمة مقارعة الوزير نيابة عن زميله المشغول.. فقد أبدا استعداده ملء الفراغ الذي تركه الأبارة وأخذ يفنّد إجابات الوزير القائلة بأن وزارته قامت بواجبها تجاه الحيوانات التي ماتت.. وكان يلقي تقريره المفضل على النواب كما لو أنه وزير زراعة دولة البرازيل.. كان تقريره مكتوباً ومتخماً بالأرقام عن الحالات المعالجة، آخذاً في تعديد القرى والحظائر والحيوانات التي برئت من المرض في مديريات ريمة الست.
كان الوزير يبدو عجيباً وهو يسرد الأرقام بتباهٍ، وكان علي العنسي غارقاً في الضحك وهو الذي يعلم جيداً من موقعه كعضو في لجنة البيئة أن هذا التقرير مزيف "وأن هناك تضليلاً للوزير من مكتب الزراعة في ريمة".
وعندما أنهى الوزير قراءاته، نهض علي العنسي رافعاً ورقة، كان الأبارة قد أعطاها إليه قبل أن يغادر، وتكشف كيف تغلب المواطنون على الداء "وما هي الطريقة التي اتبعوها في معالجة مواشيهم".
قال العنسي: "أنا لا ألوم الوزير، فالتقرير الذي بين يديه ليس صحيحاً".
وطالب العنسي بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقيقة ومقابلة المواطنين.. وأضاف مخاطباً الوزير: "أخي الوزير لا يوجد مكتب زارعة في ريمة بهذه الصورة التي تزعم، نحن نعلم ما الذي يحصل في ريمة.. وما هو مؤهل مدير مكتب الزراعة هناك، وبالتالي أنا أطالبك أنت بأن تشكل لجنة للتحقيق في الموضوع لأن هذا ليس صحيحاً وسوف نتابعك".
وهو ما حدا بالوزير إلى هز رأسه موافقاً ومتعهداً بالتحقيق في الموضوع وموافاة المجلس وعضو البرلمان بتقرير مفصل.
علي العنسي قال إن الناس في ريمة تكبدت خسائر فادحة في المواشي بسبب هذه الدودة الخبيثة ولم يتخذ مكتب الزراعة هناك أي إجراءات حيال ذلك الوباء.. وأضاف بأن الناس استغاثوا بالوزير وبالمنظمات المعنية لكن أصواتهم لم تصل، وبالتالي "عالجوا قراشهم وماشيتهم بوسائل بدائية من خلال البودرة والقاز والبترول والقطران حتى فكها الله عليهم وبرئت الحيوانات".
وكان مفضل الأبارة، وهو أبرز نواب ريمة وأنشطهم، قد وجّه سؤالاً عاجلاً، قبل أشهر لوزير الزراعة عن استشراء ذلك الوباء في مديريتي مزهر والسلفية ولم تعرهم وزارة الزراعة أي اهتمام، وطالب بحضور الوزير لمساءلته عن هذه الجائحة البيئية التي تعرض الثروة الحيوانية للانقراض آخذة اتجاهها إلى الإنسان نفسه.
اضطلع علي العنسي بمهمة محترمة في مقارعة الوزير في غياب زميله مفضل الأبارة، كما وأيضاً نجح في تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر مبدياً استعداده بالتنسيق مع الأبارة ونواب ريمة في متابعة اللجنة حتى يأتي التقرير "والتأكد من صحة المعومات".
ويوم الأحد جاء وزير النقل إلى مجلس النواب للإجابة على سؤالين متشابهين للنائب عبدالملك القصوص (إصلاح) ومحمد النقيب (مؤتمر) حول أسباب سقوط الطائرة اليمنية العام الفائت في المحيط، وهي في طريقها إلى جزر القمر "وما هي نتائج التحقيق". كان النقيب متواجداً في حين صادف غياب القصوص. وفي هذه الأثناء أبدا علي العنسي استعداده طرح السؤال على الوزير نيابة عن زميله القصوص.
الوزير شرح الخطوات العملية التي اضطلعت بها وزارته لحظة وقوع الحادثة وحتى الآن.. وقال بأن غرفة عمليات شكلت برئاسته وأرسلت الفرق الفنية المتخصصة والغواصين خلال ساعات، ثم أكد تشكيل لجنة مشتركة من اليمنيين والقمريين حتى تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة، لكن التحقيقات لا تزال جارية".
العنسي والنقيب وآخرون كانوا مستغربين ولم يقتنعوا بهذه الإجابة.. فقد ابتدره الأول بسؤال: "هل يعقل أنكم لم تتوصلوا إلى شيء رغم كل هذه المدة، رغم أن التحقيقات حول الطائرة الأثيوبية التي سقطت بالقرب من شواطئ لبنان قبل شهرين قد انتهت؟".
وأضاف: "لنكن صريحين.. ما صحة الكلام الرائج من أن الطائرة أسقطت بصاروخ من بارجة فرنسية وتم التوصل مع الحكومة الفرنسية إلى صفقة مفادها تحمل الجانب الفرنسي التعويضات مقابل تنازل الجانب اليمني والتكتم عن الموضوع؟!".. وكان رد الوزير كالتالي: "الحوادث لا تقاس مثل بعضها ولا تتشابه.. وفي موضوع الصاروخ كل شيء محتمل، غير أن التحقيق لم ينتهِ بعد".
أما النقيب فقد استغرب كيف أن التعويضات لم تسلم إلى أسر الضحايا بعد رغم كل هذه المدة الطويلة على وقوع الحادث.