الحوثيون الان معزولون داخليا وخارجيا وفي مازق اعمق من مازقهم في 19 يناير الماضي.. لكن مازقهم لا زال يتعلق بموقف "الخارج" اكثر من تعلقة بردود فعل "الداخل"! لقد انتظر عبد الملك الحوثي 22 ساعه ليلقي خطابه، وانتظرت احزاب الإصلاح و المؤتمر والاشتراكي بين 24 الي 30 ساعه لاعلان موقفها من الانقلاب! لم يكن الحوثي بحاجة لهذه الساعات لاعداد خطاب لحدث يعرف مسبقا انه سيقع..ولم تكن الاحزاب السياسية بحاجة لمثل هذا الوقت لاعلان موقفها من إجراء عبثي ينتزع مكتسباتها ويضعها تحت الوصاية.. ما الذي كانوا ينتظرونه إذا؟ موقف الخارج....وبالذات موقف السعودية والخليج.
الحوثيون يعرفون قبل غيرهم ان السعودية وليس إيران مفتاح بقائهم علي كرسي السلطة او سقوطهم منه. والمؤتمر والاصلاح يريدون وقتا ليعرفوا اي طرف خارجي يمكن ان يلعبوا دور "الوكيل المحلي" لتنفيذ رؤيته.. مواقف اليوم كلها كانت استجابة لردود افعال الخارج لا لتحديات الداخل! الحوثي يطمئن الخارج ويستجدية...وبقية القوي تغازل باستحياء. هذا التعويل على الخارج نتيجة لعزلة هذه القوي وافتقارها لاي بعد شعبي حقيقي يمكنها من صناعة قرار وطني.. واذا كانت عزلة المؤتمر والاصلاح معروفة ومفهومة، فان عزلة الحوثي كانت أوضح وأعمق في عشوائية الاعلان "الدستوري" وافتقاره لتاييد اي قوة سياسية حقيقية (حتي الاحتفالات كانت محاصرة في بعض حارات صنعاء وصعده التي يعتبرها خطاب الحوثي الشعب كله!) الحوثيون ليسوا "سبب"ما حصل، بل هم "نتيجته"...انهم خطايا القوي السياسية التقليدية مكثفة ومجسدة في طرف واحد.. فهل ستنجح القوي السياسية في مواجهة تحديات اللحظة، ام أننا مقبلون علي تخبط وغباء سياسي جديد سيمكن الحوثيين من تجاوز الازمة وترسيخ الانقلاب؟ انتهي الخارج من تحديد موقفه مما يحدث في اليمن..والتحدي الذي يواجهه الحوثيون حتى الان لا زال خارجيا.. اما قوي الداخل فقد "اعلنت" عن "مشاعرها" لكنها لم تحدد مواقفها او تحركاتها ..واليمنيون الان بانتظار الخطابات والبيانات والتحركات التي تخطابهم هم، بعد ان سمعوا تلك التي كانت تخاطب الرياض وطهران وواشنطن.. وحتى تلك اللحظة يظل الفراغ سيد الموقف..