هزتني مشاعر قوية كادت تعصف بأعماقي وأنا استمع إلى أنشودة، "رددي أيتها الدنيا نشيدي" التي كتب كلماتها رجل أحب اليمن وأحبته اليمن، وغناها رفيق له أخلص لليمن وخذلته اليمن في السنين الأخيرة من عمره. ورغم أني كثيرا ما استمعت إلى السلام الوطني اليمني إلا أن استماعي لمقاطع من أنشودة السلام، ضمن برنامج عن صاحب كلمات الأنشودة، كان شيئا مختلفا، أعاد الأمل إلى أعماقي بأن اليمن سوف تستعيد رونقها الذي كان سائدا وقت كتابة كلمات النشيد. فإلى جانب برنامج المحاور الرائع عارف الصرمي، تألقت قناة السعيدة اليمنية بعرضها برنامج " الفضول: سيرة ومسيرة" الذي يروي جزءا مهما من حياة صاحب أروع كلمات الحب والبطولة والحياة، الشاعر والأديب والسياسي الراحل الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان، الذي كان يطيب له وصف نفسه باسم " يمني بلا مأوى"، دون أن يدري أن مأواه سيظل خالدا في قلوبنا وقلوب أبنائنا وأحفادنا إلى الأبد. وقد حفر الفضول بكلماته مكانته هذه، وللعهد الذي كان يعيشه بكلمات بسيطة، لكنها قوية تكسب قوتها من الصدق والحماس الذي كان يختلج في صدر صاحبها المحب لوطنه. ولا أخفي على القارئ الكريم أيضا أن ظهور الفنان الكبير أيوب طارش في البرنامج وحديثه عن صديق عمره الراحل أشجاني كما أشجاني حديثه عن الأخ الرئيس الذي ظهرت الأنشودة في عهده، وهو الرئيس الراحل إبراهيم محمد الحمدي، فعندما قالها أيوب "الأخ الرئيس"، شعرت أن لدينا رئيسا فعلا، لكن سرعان ما انتابني اليتم بعد أن تأكد لي أنه يقصد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، وتذكرت أن اليمن بلا رئيس منذ يوم 11 أكتوبر المشؤوم عام 1977. إني أتساءل: كيف كان مصير اليمن لو أن الحمدي مازال حيا بيننا، هل كنا سنستثقل طول بقائه؟ وهل كان سينهب بترولنا وثرواتنا، وهو الذي كان يمنع أبناءه من الكتابة بأقلام الدولة؟ وهل كان أبناء الجنوب سيخرجون ضده في مظاهرات مسلحة؟ وهل كان أبناء صعدة سيصعدون الجبال في كفاح مسلح بلا مشروع؟ شكرا لك أيوب على تذكيرنا بالرئيس الحمدي الذي أحببناه، وبقوات المظلات وعبدالله عبدالعالم الذي لا يجرؤ أحد على ذكر اسمه بإيجابية سوى رجل في قامة أيوب طارش. وشكرا للأخ يحيى محمد عبدالله صالح أحد ملاك السعيدة على مشاركته في البرنامج وحديثه الجريء عن الفضول وأيوب، وهو الحديث الذي أثبت به أن الدنيا مازالت بخير رغم الظلام الدامس. لقد سألت نفسي هامسا وخائفا من أن يسمعني أحد، كيف يمكن أن يكون وضع الفنان الكبير أيوب طارش لو أن إبراهيم الحمدي مازال حيا يرزق بيننا؟ هل يمكن أن يعلن الحمدي في صحيفة 13 يونيو أنه سيتحمل تكاليف علاج فناننا العزيز دون أن يكلف نفسه دفع قيمة " الجمالة" ، معتمدا في ذلك على حياء أيوب الذي تردعه عفته وخجله عن السؤال عن مصير المساعدة التي تحدثوا عنها كذباً في إعلامهم الكاذب؟! لقد نشر موقع المؤتمر نت خبراً العام الماضي أن الرئيس سيتحمل تكاليف علاج أيوب في الخارج، ولكن للأسف، اتضح أن الخبر لم يكن سوى محاولة لاستغلال اسم أيوب الذي لم يصله سوى الفتات، ومازال يكابد وجع المرض ووجع ظلم أهل القربى في وقت واحد. وليس عيباً أن يعاني أيوب من المرض، ولكن عار على اليمن أن يعاني أيوب طارش عبسي من العوز، في حين أن أشرطته يعيش منها آلاف الأسر في اليمن، وسلام اليمن الوطني يعزف في كل زيارة من زيارات التسول في الخارج . أين أنت يا شاهر؟ وأين أنت يا أستاذ علي محمد سعيد؟ وأين أنت يا عزت؟ وأين أنت يا عبدالعزيز الأغبري؟ أليس من العار علينا وعليكم أن تضحك علينا الرئاسة بأنها ترعي أيوب، وأيوب يكابد صامتا ومرددا " رددي أيتها الدنيا نشيدي".