اتفق المشاركون في ندوة حول حرب صعدة، على أن أزمة صعدة جزء من أزمة الوطن بأكمله، وأن وقف إطلاق النار الجاري تنفيذه الآن ليس اتفاق لإيقاف شامل للحرب، وإنما عبارة عن "هدنة" لمعالجة آثار ميدانية. وانتقد المشاركون في الندوة التي نظمتها اللجنة السياسية والدستورية بتحضيرية الحوار الوطني بصنعاء اليوم الخميس ما أسموه ب "الغموض" الذي ساد الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة والحوثيين، فضلاً عن غموض الأسباب الحقيقة لاندلاع الحرب.
وأشاد المشاركون بوثيقة الاتفاق التي وقعتها تحضيرية الحوار الوطني مع جماعة الحوثيين والتي "حولت التنظيم من تنظيم روحي إلى جماعة سياسية"، بحسب توصيف القيادي الناصري عبدالملك المخلافي.
وإذ أكد المنظمون أنهم كانوا حريصين على مشاركة طرفي الأزمة المتمثل في الحوثيين والسلطة،- بحسب تأكيد القيادي في المشترك نائف القانص الذي أدار الندوة-، فقد كشف عن استجابة الحوثيين لطلب المشاركة، إلا أن الجانب الأمني منعهم من الحضور إلى صنعاء للمشاركة، في وقت قال إن السلطة لا تعترف باللجنة التحضيرية للحوار الوطني برمتها، "فكيف لها أن تشارك في ندوة تنظمها اللجنة" بحسب تعبير القانص.
عبدالملك المخلافي قال إن حرب صعدة لم تنته بعد ، لغياب الشروط الموضوعية لوقف الحرب نهائياً ومعالجة المشكلة من جذورها. وأشار إلى أن "الحاصل الآن هو هدنة" لمعالجة بعض آثار الحرب الميدانية".
وأضاف أن الاتفاقيات بين الحكومة والحوثيين لا تعالج سوى بعض الأعراض لجوانب ميدانية من المشكلة، مثل إيقاف إطلاق النار، وإنهاء التمترس، وفتح الطرقات، وتسليم الأسلحة، لكنها لم تعالج الأسباب الحقيقية لصعود وتمترس الحوثيين في الجبال، بالإضافة إلى تحديد مصير الجماعة المقاتلة.
وأشار المخلافي وهو عضو في لجنة محور صعدة للإشراف على وقف إطلاق النار، إلى جوانب خلل في الاتفاق بسبب عدم الثقة المتبادلة بين الحوثيين والحكومة، فالحوثيين يطالبون بالإفراج عن المعتقلين قبل تسليم الأسلحة والمنهوبات الحكومية، والسلطة تطالب بالعكس.
وقال إن طرفي الحرب مارسا نوعاً من الغموض، سواءً عند اندلاع الحرب، أو في أوقات الهدنة بين الطرفين، منتقداً جماعة الحوثي التي قال إنها لم تحدد مطالب سياسية، أو تقدم تصوراً لأسباب المشكلة حتى الآن.
وأكد المخلافي أن الحل يبدأ في اعتراف السلطة بوجود أزمة في صعدة، وأنها تحتاج إلى حل، وأن تستعد للتوصل إلى حلول سياسية، كما يجب على الحوثيين أن يطرحوا تصوراً للأزمة والحل لها، ثم يتحاوروا حول هذه المطالب، لإغلاق الملف نهائياً، ومن ضمنها الاتفاق على مصير الجماعة.
وأشاد المخلافي باتفاق التفاهم الذي وقعه الحوثيون مع لجنة الحوار الوطني، لافتاً إلى أن لجنة الحوار أدركت جوانب الأزمة، وحاولت التوصل مع الحوثيين لتحويل الجماعة من روحية إلى مشروع سياسي.
أما أمين عام حزب الحق حسن زيد فيعتقد أن جذور أزمة صعدة بدأت مع تأسيس معهد دماج من قبل الداعية السلفي مقبل بن هادي الوادعي، والتي قال إن ذلك خلق خلافات مجتمعية، من بينها خلافات "زيدية – زيدية" ما أدى إلى إنشاء البعض لحركة الشباب المؤمن، التي بدأت بحملات للرد على "الوهابية".
فيما تحدث البرلماني الإصلاحي زيد الشامي عما خلفت الحرب من دمار، وآلاف القتلى في صفوف الجيش، والحوثيين والمواطنين، عدا عن عشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين، بالإضافة إلى مئات الآلاف من المشردين الذي يعيشون مرارة التشرد، وحرماناً من التعليم والصحة.
من جانبه، قال القاضي محمد لقمان رئيس محكمة ابتدائية سابق "إذا كانت الحرب شنت ضد الحوثيين بدعوى خروجهم عن طاعة ولي الأمر، فثورة 26 سبتمبر 1962 باطلة، لأنها خروج عن طاعة ولي الأمر حينها الإمام البدر"، مضيفاً أن حرب صعدة ليست حرباً ضد فئة معينة، ولكنها "ضد من يفكر بزوال الحاكم".
وأشار لقمان هو قاضي تم عزله وتقديمه للمحاكمة بعد إندلاع حرب صعدة الأولى بتهمة الارتباط بجماعة الحوثي، وأفرج عنه إثر عفو رئاسي، أشار إلى أنه كان مشاركاً في تنظيم الشباب المؤمن، وأفتى قبل سبع سنوات بجواز ترديد شعار جماعة الحوثي كجزء من حرية التعبير، لكنه حوكم على إثرها، وصدر عليه حكم بالسجن 10 سنوات.
من جهته، قال السفير السابق أحمد الكبسي في تعقيب له إن الرئيس علي عبدالله صالح أشرف شخصياً على دعم الحوثيين في بداية تأسيسهم عبر المرحومين مجاهد أبو شوارب، ويحيى المتوكل.، ليكونوا بمثابة "حائط صد أمام المد الوهابي القادم من السعودية"، .
وطالب الكبسي "بعقد اجتماعي جديد بين النظام والمجتمع، يضمن صلاحيات محدد وواضحة للرئيس والحكومة"، داعياً السلطة إلى "الاستجابة لمنطق العقل، ودعوة لجنة الحوار الوطني، التي أنشئت لإيجاد حلول لأزمات اليمن".