هل تظنون لو كان رجلاً معروفاً سينجو بجريرته وسيظل يسوم الناس صنوف العذاب والمهانة؟ لا أظن ذلك لأنه لو التقاه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب كرَم الله وجهه منذ زمن بعيد لقتله. إنه الفقر. فهو عدو الإنسانية جمعاء وخاصةً شعوب العالم الثالث الفقيرة .
والفقر هو عدو اليمن الأول قبل الانفصاليين والحوثيين والقاعدة .فأهلنا في المحافظات الجنوبية والشرقية معروف عنهم حبهم وعشقهم للوحدة, والتغني بها والفرح بتحقيقها , ولكن عندما لا يجد الشباب فرصاً للعمل , ويتعرضون لمرارة الفقر والحاجة, ويجدون أنفسهم يتجمعون بلا هدف فوق الأرصفة وفي الشوارع , ويروج لهم الحاقدون على الوحدة بأن الفقر مفروض عليهم كونهم من أبناء المحافظات الجنوبية , بينما يعيش أبناء المحافظات الشمالية في بحبوحة من العيش والرفاهية , طبعاً كذباً وزوراً وتدليساً. فيندفع الشباب في فلك تلك العناصر وينادون بالانفصال وفك الارتباط , وغيرها من الخزعبلات .والقاعدة والحوثيون رغم اختلافهم في الأيدلوجيات ولكنهم في المحصلة يستغلون الشباب وأغلبهم من الفقراء والعاطلين عن العمل فيعطونهم الفتات , ويدفعون بهم نحو تنفيذ أعمال معادية وخارجة عن القانون.
فهل تستطيع مثل تلك الجماعات تجنيد الشباب لو كان لديهم وظائف وأمل في مستقبل أفضل ؟ لا أعتقد ذلك.
والفقر ليس قضاءاً و قدراً مكتوباً علينا ولابد من القبول به والاستسلام لبطشه. بل يجب علينا أن نعتمد على أنفسنا , ونفكر في مشكلتنا , وندرس طرق ووسائل التغلب عليها. فبلدنا خام وخصب ومتنوع في التضاريس والمناخ والأنشطة الاقتصادية والزراعية والمهنية.ولدينا ثروات كامنة لم تمس ولم تكتشف, وتحتاج لمزيد من البحث والدراسة .ولدينا أهم وأغلى ثروة وهو الإنسان . والذي إن أحسنت الدولة تعليمه وتربيته, فقد استثمرت في انجح الاستثمارات.وأكثرها ربحاً وفائدة على المدى الطويل.
.وبالرغم من شحة مواردنا فإنها تهدر , وتتسرب في قنوات الفساد اللعين . والمفروض أن تتبع الحكومة سياسة ترشيد وتقشف في النفقات قبل فرض الجرع التي تزيد من معاناة الناس وآلامهم .وتوفر مبالغ مالية تستثمرها في مشاريع تنموية , تحرك عجلة الاقتصاد , وتساهم في الحد من الفقر والبطالة , وتعمل على الارتفاع بالمستوى المعيشي للمواطن. وبإمكاننا الاستفادة من تجارب ناجحة لدول شقيقة وصديقة كانت في وضع أسوأ من ما نحن فيه وبفضل العزيمة والإرادة السياسية والتخطيط السليم , أصبحت في وضع جيد اقتصاديا.
وإذا توفرت فرص العمل والاستثمارات , فلن يستطيع أي تيار معادٍ أن يستغل حاجة الناس وفقرهم ومآسيهم , لتنفيذ مشاريعه المشبوهة , بل قبل الأمن والجيش سيتصدى المواطنون لتلك الدعوات المغرضة , ويحفرون قبرها بأيديهم , لأنها ستقلق سكونهم , وتعكر صفو حياتهم . فهل تفهم حكومتنا الرشيدة وكبار المسئولين أن الفقر هو العدو والأول وهو السبب الأول لكل المشاكل ؟ فيتركوا الخطابات المأزومة والتخوين والتهم الباطلة ويعملوا على حل المشكلة من جذورها هذا ما آمله.