تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرى يسكنها الإنس والجن..وأمراض قاتلة تهدد مجتمع ..وحقوق مسلوبة.. وأسعار ملتهبة..وجنود وخريجو جامعات ونساء وأطفال وعاطلون.. وأرياف وحضر .. هموم وطن!!
أخبار اليوم تلتقي عدد من الحالات التي عاشت وتعيش هذه الهموم..
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 08 - 2011

تظل هموم المجتمع اليمني على اختلاف فئاته ومناطق تواجده، متوحدة ومتجسدة في انتشار البطالة والفقر والفساد, فالمواطن بشكل عام يعيش هاجسا يوميا في التفكير بكيفية توفير قوت يومه له ولأفراد أسرته.
وتختلف فيما بعد بعض الهموم والمشاكل بين شخص وآخر، لكنها تلتقي – غالباً – في النواحي الاقتصادية وارتباطها بمستوى حياته وفي هذه الزاوية حرصنا على معرفة أهم تلك الهموم التي وإن بدت تختص بفرد واحد إلا أنها لسان حال شريحة واسعة من المجتمع بحاجة إلى رؤية جادة واضحة لحلها قبل أن تصبح معضلة جذرية, تتهيأ لأن تكون قنبلة موقوتة تتفجر هنا وهناك مخلفة ورائها أثاراً اجتماعية ومشكلات يصعب تجاوزها بسهولة
طفولة يلتحفها البؤس ويحدوها لقمة العيش
الطفل عمر ذي الثلاثة عشر ربيعاً، يعمل طوال اليوم في جمع علب مياه الصحة والمشروبات الغازية ليبيعها في محاولة منه لتوفير الطعام له ولوالدته وإخوانه الثلاثة الصغار يقول: (أعمل في جمع علب المياه والبيبسي منذ توفي والدي قبل ثلاثة أعوام تقريبا , كان أبي يعمل في البناء ورفع الطوب وعندما توفي في حادث عمل لم أجد أنا وأمي ما نأكله حاولت العمل بالأجر اليومي كوالدي لكن صغر سني لم يسمح لي بذلك حيث رفض الكثير أن أعمل لديه واتجهت إلى عملي هذا) عمر كان يدرس في الصف الرابع وكان طالبا متميزا كان يطمح بان يصبح معلما لكن ظروفه التي يعيشها لم تسمح له بمواصلة تعليمه .
لم يحظ عمر بفرصة هو وأهله للانضمام إلى الضمان الاجتماعي, فهو يعيش مع أسرته على ما يجود به المحسنين عليهم بين الحين والآخر، وعلى ما يجنيه من مال قليل في عمله .
يصيبه الهم والقلق كل شهر كيف سيسدد إيجار الدكان الذي يسكنونه, فهو يجمع الإيجار يومياً مع والدته مما يحصل عليه ويحرمون أنفسهم من بعض الوجبات فلا يتناولون سوى وجبتين في اليوم قد لاتتعدى الخبز والماء في بعض الأحيان خوفاً من ألا يستطيعوا توفير الإيجار فيقوم صاحب الدكان بطردهم إلى الشارع كما يقول .
عمر يتمنى أن تكون هناك جهات حقيقية ترعى من هم أمثاله وأن يستطيع إكمال تعليمه ويكون له مستقبل أفضل من الاستمرار في جمع قناني المياه والبيبسي .
الشباب وشبح البطالة والتهميش
أطفال بعمر الزهور يتخذون من علب الماء وبراميل القمامات وأزقة الحارات وسيلة للعيش.
طارق حسن قاسم وهيب من محافظة الحديدة يعاني كما تعاني محافظته من التهميش ونهب الأراضي والممتلكات ونهب الصيادين وجرف الثروات السمكية, يقول: (نحن أبناء محافظة الحديدة نعاني من قلة التعليم وانتشار الأمية.. يذهب أبناء المحافظة بسبب الفقر المدقع للاغتراب في دول أخرى فيما هنالك من يأكل ثروات محافظتهم).
طارق لم يكمل تعليمه واضطر للعمل مبكراً نتيجة للظروف الصعبة التي يمر بها... لم يستطع الحصول على أي وظيفة حكومية بسبب نفوذ كثير من المسؤولين هناك, وسيطرة الوساطات بشكل كبير على تلك الوظائف .
طارق عمل في أكثر من مكان ويعانى كثيراً - كغيره من الشباب - من البطالة وعدم التأهيل ووجود الفرصة الملائمة للحصول على عمل مناسب .
يقول: (احد أقاربي يعمل في الصيد بقارب صغير يستأجره في محاولة للحصول على لقمة العيش بكرامة مهما كانت شاقة لكنه فوجئ بالمشاكل العديدة التي واجهته ابتداءً بالمتنفذين في المنطقة ودخول السفن الكبيرة وجرفها للثروات السمكية ومهاجمة القراصنة لهم وغيرها الكثير من المشاكل التي جعلته يفكر بالسفر بطريقة غير شرعية إلى السعودية والعيش في الأحراش والمزارع والعمل الشاق من أجل الحصول على اجر زهيد لتوفير عيش كريم لأسرته .
وعلق طارق كثيراً على المعاملة السيئة التي يتلقاها المغترب اليمني في الخارج وحقوقه الضائعة فقط لأنه يمني، مشيراً إلى أن السبب في ذلك هو عدم حرص الحكومة على تعزيز مكانة وصورة المواطن اليمني في الخارج ومحافظتها على كرامته وحقوقه .
وطالب بضرورة انتشال الفساد المستشري في الوظائف والقطاعات الحكومية وكذلك تشجيع العمل في الصيد وتسهيله للشباب والمحافظة على الثروة السمكية التي تعد رافداً اقتصادياً هاماً للبلد.
ريف مهجور وأحلام ضائعة
نجم عبد الرحمن العلفي، يعمل بائعاً لعصير التوت على إحدى العربيات، أكمل الثانوية العامة ولكن الظروف المعيشية الصعبة لم تسمح له بمواصلة تعليمه, كان نجم يحلم بأن يدرس في كلية الهندسة ويصبح مهندساً معمارياً, ولكن سرعان ما تبخرت أحلامه تلك عندما اصطدم بالواقع، فعلى نجم - الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره اليوم - أن يعيل عائلته التي تعيش في أحد أرياف جبلة بمحافظة إب ولكون الأعمال هناك شبه معدومة اضطر نجم لترك قريته الصغيرة والرحيل إلى صنعاء ليعمل في بيع عصير التوت على إحدى العربيات, فهو في كل صباح يدعو ربه ألا يقابل عمال البلدية وأن يمر يومه دون مشاكل معهم أو ينهبون ما جناه من أموال بالكاد تكفيه, وما فاض منها من ريالات قليلة يرسلها لأهله لتساعدهم في مواجهة تكاليف الحياة الصعبة .
يأمل نجم في أن تتحسن ظروفه وأن تكف البلدية عن ملاحقته هو وأقرانه وأن يوجد الحل المناسب لهم ليستطيع إعالة أسرته وإكمال تعليمه وتحقيق حلمه في أن يصبح مهندساً ذات يوم.
الجيش الجائع وخدمة البلد الضائع
بشير السلمي، في الثلاثين من عمره، يعمل جندياً في الجيش، يرى أن التعليم لم يجد نفعاً فخريجي الجامعات على حد قوله يبيعون البطاط فوق العربيات أما الماجستير والدكتوراة فأغلبهم أصبحوا مصابون بأمراض نفسية، والمحظوظ منهم يعمل في وظيفة مختلفة تماماً عما فنا عمره في التأهيل لها وهي لا تناسب مستواه التعليمي ولا تدر عليه دخلاً كافياً فيما مديره صاحب الظهر المسنود لم تتعدى شهادته مرحلة الثانوية.
وبسبب ذلك قرر بشير اختصار الطريق والانضمام إلى الجيش وقال: (كنت افتخر بنفسي عندما تعسكرت لأني كنت أرى منذ طفولتي من يرتدي البزة العسكرية شيئاً كبيراً وكنت أعتقد انه يمتلك الدنيا وما فيها لأنه يحمي بلداً بأكمله ويقوم بمهمة إنسانية عظيمة ولكني فوجئت بالوضع المأساوي للعسكري فلا تغذية جيدة وراتبه مقطوع دائماً أو مستقطع ومضطهد من قبل رؤسائه فالعسكري اليمني يعيش أسوأ وضع معيشي في اليمن، فيما هو يقدم روحه وراحته فداءً لوطن ولأشخاص ينهبونه يومياً... يختلسون من مستحقاته وإن تحدث واعترض يسجنونه على الفور أو يوجهون به إلى الصحراء لا يهمهم المصاعب التي يواجهها, والمواد الغذائية التي تصرف له دائماً ناقصة ومن أردئ الأنواع فيما تزخر منازل كبار القادة بكل ما لذ وطاب من المؤسسة العسكرية التي لا نجد منها حتى علبة فول للعسكري الواحد، هم يقدمون خمس علب لسرية كاملة لا تخلو في الغالب من الدود فيما بيت القائد يمتلئ بالكراتين الكثيرة من مختلف الأصناف والمواد الغذائية الأخرى .
ارتفاع الأسعار الهاجس الأعظم
عبده احمد صالح عبد الله يعمل في صنع القهوة والشاي اضطرته البطالة والفقر للعمل بعد أن تخرج من الثانوية العامة، وكون معدله ضعيف لم يفكر حتى بإكمال تعليمه بل فضل أن يغادر قريته في محافظة ذمار ويبحث في العاصمة صنعاء عن فرصة عمل أخرى، فلم يجد أمامه سوى صنع الشاي والقهوة حرفة يمكن أن يعيش منها هو وأسرته الكبيرة التي يعولها في القرية .
يقول عبده: يظل هاجسي الوحيد الخوف من ارتفاع الأسعار فالحرفة التي أعمل بها مدخولها قليل جداً ولا أستطيع معها مواجهة ارتفاع الأسعار الجنونية كل يوم والتي بسببها أضطر إلى التخلي عن احتياج معين لتوفير احتياج آخر أكثر ضرورة.
مستشفيات خمس نجوم
سعد العديني رأيناه وهو فوق دراجته النارية تجلس خلفه ابنته التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، وجهها شاحب ووجنتاها محمرتان جداً ولا تستطيع التحدث لألم شديد في حلقها وكل ما تقوم به هو توزيع القبلات التي تضعها على أطراف أصابعها لكل من يرمقها بنظرة إشفاق فيما كان والدها يحمل في يديه ألفي ريال ويسأل عن مكان لطب شعبي يمكن أن يستأصل لابنته اللوزتين الملتهبتين جداً بذلك المبلغ الذي لا يملك غيره, مؤكداً أنه لم يجد أي مستشفى حكومي أو خاص وافق أن يقبل بإجراء العملية لابنته حتى من باب الإنسانية والرحمة.
حسن كان يسأل كل من يمر امامه وهو يقود دراجته النارية التي يقول أنه يستأجرها للعمل عليها يومياً: (هل تعرف مستشفاً ممكن أن يجري لابنتي عملية اللوز؟ هل لديك وساطة في أحدها ليساعدني في إجرائها بألفين ريال؟؟؟).
سعد لا يعلم أن في كل دول العالم هناك مستشفيات تقدم خدماتها المجانية لمواطنيها وبالذات لمن هم في مثل ظروفه إلا في بلدنا فكل خدمة فيها تحتاج إلى شوال من المال دون أي مراعاة لجودتها أو لحالة من يستجديها .
حقوق مسلوبة... تم توقيفها منذ سنوات
ابتسام علي، معلمة منذ بداية الألفية الثانية بعد أن تخرجت من الثانوية العامة أكملت دراستها الجامعية وهي تعمل معلمة, وبعد أن حصلت على شهادتها الجامعية بصعوبة ومماطلة من رئاسة الجامعة حاولت ان تسوي وضعها الوظيفي منذ عام 2005م وأن تسوي على أساسها راتبها الضئيل إلا أنها تصطدم دائماً بعبارة لم تفتح التسويات بعد .
تقول ابتسام: (أنا خريجة رياضيات بدرجة جيد جداً وأعمل معلمة لغة عربية للصف السادس وهو بعيد تماماً عن تخصصي كل ما خاطبت المديرة وطلبت منها إعطائي منهجاً يوافق تخصصي تخبرني بكل برود أنتي لدي خريجة ثانوية ولا أستطيع أن أعطيك غير هذا التخصص).
ابتسام كغيرها من آلاف الموظفين الحكوميين المترددين على أروقة الوزارات والجهات المختصة يبحثون عن حقوقهم الموقوفة منذ سنوات في التسويات والمعاشات والتقاعد وغيرها من الإشكاليات التي لم يعرف سبب لتوقفها سوى غول الفساد الذي أكل الأخضر واليابس في هذه البلاد .
الإيجارات وغياب القوانين الفاعلة
وفي الطريق كان صادق محمد، يضرب بكفيه وهو يتمتم بعبارات غاضبة سألناه عن السبب في ذلك فرد على الفور: (رغم المشاكل الاقتصادية السيئة التي يواجهها البلد اليوم إلا أن هناك من الناس من لا يهمهم إلا أنفسهم فقط فصاحب المنزل الذي أسكنه يقوم برفع الإيجار كل ستة أشهر تقريباً وعندما يجدني مضطراً للدفع يرفعه أكثر وأكثر, في جشع مفرط، هو لا يعي أني موظف حكومي وراتبي الضئيل بالكاد يغطي مصروف الشهر وأضطر للعمل بعد الظهر في أعمال متعددة هنا وهناك بحثاً عن مدخول آخر أغطي به إيجاره المتزايد وكل ما أخبرته بظروفي يقول لي: كن أحمر عين واعمل مثل الآخرين ملمحاً لي بأن ارتشي واختلس لأعيش حياة أفضل مما أنا عليه لكن ضميري وأخلاقي تأبى علي ذلك وأظل كل ستة أشهر في هذا الصراع الذي لا ينتهي والمشكلة أن هذا المنزل قريب من عملي وبالكاد وجدته وهناك ندرة كبيرة في السكن في هذه المنطقة، بحثت كثيراً عن سكن آخر ولكنني أفاجأ بأسعارها الباهظة والتي تتجاوز بعضها راتبي فيما هي سيئة ولا تستحق تلك المبالغ.
صادق يتمنى أن يكون هناك قانون ونظام يهتم لمثل هذه الأمور وينظم عملية الإيجار بين المؤجر والمستأجر وأن تكون هناك معايير تحدد أسعار الإيجار ومدتها ومتى يكون الرفع اسوة بعدد كبير من الدول الاخرى معتقدا كغيره من الناس ان مشكلة الايجار اصبحت اليوم مشكلة كبيرة حدثت بسببها خلافات كبيرة وصلت بعضها الى المحاكم والاقسام والعنف في ظل غياب قانون يحد من تلك المشاكل ومن جشع اصحاب العقارات .
المعاقين خارج إطار الحياة الاجتماعية
لم تمنع الإعاقة الجسدية فريد إسكندر داوود من أن يحلم كغيره من الشباب بأن يجد له عملاً مناسباً يعيل بها نفسه وكونه معاق وذو مواهب مختلفة وناشط في مجال حقوق المعاقين جعلته يشارك في مؤتمرات خارجية, كان يطمح بأن يحظى ولو بقليل من الاهتمام في ظل حكومة تنعق دوما في وسائلها الاعلامية عن توفيرها وظائف وفرص عمل وبيئة مناسبة للمعاقين .
ليكتشف ان كل ذلك مجرد كلام يذهب ادراج الرياح حين يبحث عنه المعاق في الواقع .
يسكن فريد في منطقة المعلا بعدن ويعاني كغيره من المعاقين في بقية المحافظات من
"المركزية" الشديدة في كل مايخص المعاق , فهو يضطر لتحمل معاناة السفر الى صنعاء لأبسط الاحتياجات مثل الكرسي المتحرك أو أدوية أو أي إحتياجات تتوفر للمعاقين في صنعاء من قبل صندوق المعاقين .
يقول فريد ( نحن المعاقين في اليمن نعاني من عدم توفير مستشفى متخصص للأمراض والاعاقات المستعصية مما يشكل خطير كبير على حياة المعاق وتفاقم حدة الاعاقة ويليها زيادة في حاجة المعاق لمعدات وأجهزة تعويضية تكون غالباً باهضة الثمن ولايستطيع شرائها غالبية المعاقين )
ونظراً لعدم وجود إستراتيجية حقيقية للدولة لمعاناة الفقراء والمعاق خاصة نرى أن نظام الضمان الاجتماعي لم يعط للمعاقين أي خصوصية وتم مساواتهم
مع غيرهم من المستفيدين من الضمان الاجتماعي بعكس ما يفترض وما هو معمول به في معظم دول العالم حيث يحظى المعاق بمبلغ تعويضي ومساهمة من الدولة للمعاق للتغلب على احتياجاته .
كما يعاني المعاقون بشكل عام من مشاكل يومية تنغص حياتهم وتزيد من حالة الاحباط واليأس نتيجة عدم وجود مساكن ملائمة للمعاق وفق احتياجاته وخصوصاً في الحمامات ومداخل ومخارج المنزل وبعكس ما يحدث في دول العالم المتقدم أو بدول الجوار حيث يتم تكييف منزل المعاق وفق احتياجاته وخصوصاً لمستخدمي الكراسي المتحركة.
واضاف اسكندر: (من أبرز مشاكل المعاقين لدينا المواصلات وعدم وجود وسائل نقل ملائمة لهم، وحتى في الجمعيات أو المؤسسات الخاصة للمعاقين نجد أن وسائل المواصلات هي نفسها التي تعم الشارع اليمني مثل الميكروباص و الهايس..) فريد الذي نشط كثيرا في قضايا المعاقين وكتب مواضيع مختلفة وحلول عملية تسهل الحياة عليهم لم يجد أي اذان صاغية له , وعوضا عن ذلك هو اليوم بدون أي منصب أو عمل رسمي مع المعاقين بعد أن يأس من معاناة التمييز والظلم من قبل صندوق المعاقين..
السرطان وباء قاتل .. وصمت حكومي مطبق
هناء فتاة في ربيع عمرها تحلم كغيرها من الفتيات بعش الزوجية وتكوين اسرة سعيدة، لكنها لم تعلم ان الاقدار تخبيء لها مستقبلا مجهولا وهاجسا مخيفا قد يقضي عليها وعلى كل احلامها فجأة..
شعرت هناء ذات يوم بالام حادة في اسفل بطنها وتنقلت بين مستشفيات عدة ليعطيها كل مستشفى وكل طبيب تشخيصاً مختلفاً عن الآخر وبعد أن خسرت من المال الكثير جاءت اخر الفحوصات لتؤكد ان هناء تعاني من سرطان في الرحم .
)يا الله .. قالت والدتها ... ابنتي لم تتجاوز الثالثة والعشرين من عمرها من أين جاءها هذا المرض؟ (
لم يدخر أهل هناء جهدا في أخذها لأكثر من مشفى ومركز لمعالجة الأورام السرطانية ولكن تلك المراكز تعاني من مشكلة ندرة الأطباء الماهرين في هذا المجال وغالبية من يتداوى لديهم ينتهي مرضه بسلسلة عذاب طويلة بين جرعات الكيماوي والعمليات الى المقبرة لم يحدث أن سمع احد عن مريض بالسرطان عولج بإحدى المراكز الطبية المتخصصة في اليمن والموجودة فقط في صنعاء كمركز واحد أو اثنين وطابت صحته وعاد سليما مهما كانت درجة الإصابة بسيطة بينما تعود حالات عديدة من الخارج كانت مستحيلة العلاج في أتم الصحة والعافية وفي الأخير يقولون لك إنما الموت والحياة بيد الله .
وكانت نصيحة الجميع لأهل هناء هي بأخذها فورا للعلاج في الخارج قبل ان تستفحل حالتها وتضيع عليها فرصة العلاج .
وكون والد هناء يعمل في وظيفة حكومية اعتقد ان من حقه طلب منحة علاجية لابنته وبدأ مسرعاً عملية طلب منحة علاجية من جهة العمل التي يعمل بها, ولكنه فوجئ بأن الحكومة قد اوقفت جميع المنح العلاجية الخارجية ما عدى في أمراض معينة ليس منها أمراض السرطان ومع التدقيق اكتشف والد هناء أن تلك الامراض هي امراض عادية قد يصل بعضها الى حد الزكام ولكن بشرط ان يكون المصاب فيها مسئول او قريب مسئول كبير في الدولة .
اخبرهم بانه قد يفقد ابنته الشابة اذا لم يأخذها للعلاج إلى الخارج وكونه موظفا بسيطا لا يستطيع تحمل تكاليف علاج ابنته وعمليتها التي ستكلفه وحدها اكثر من عشرة الاف دولار , لكن المسئولين عن المنح اكدوا ان حالة ابنته لا تحتاج إلى العلاج في الخارج وان علاجها متوفر في اليمن, وانه لا يسمح له بأخذ منحة علاجية على نفقة الحكومة .
هناء تأخذ اليوم جرعات لمقاومة المرض , تؤكد والدتها ان ابنتها لم تاخذ جرعة واحدة في موعدها المحدد بالرغم من اهمية ذلك بسبب عدم توفر الجرعات واحيانا عدم توفر سرير تاخذ عليه تلك الجرع .
تنظر والدتها كل يوم الى وجهها وهو يذبل وشعرها يتساقط وعيناها تدمع بحرقة تدعو الله ان يأتي من يرحم ابنتها من عذابها ويعطف عليها ويمنحها جرعة امل في الحياة بل يهبها الحياة كلها بإرسالها إلى الخارج للعلاج .
تقول والدة هناء ( الخيرين كثر لكن المبلغ المطلوب للسفر والعلاج كبير جدا والحكومة لا تريد مساعدتنا بفلس واحد )
هناء تسمع بين الحين والاخر عن رفقاء لها في مركز الاورام السرطانية يموتون بعد عناء طويل قد يمتد لسنوات في العلاج من هذا المرض الخبيث الذي اصبح عاديا في الخارج بينما بلادنا تفتقر لعلاج حقيقي سوى المسكنات التي تجعل المريض يتجرع الويلات ويموت تدريجيا, وكأنه يعاقب على مرضه ذاك .
هناء تتمنى ان يجد اقرانها المرضى العلاج الحقيقي والاهتمام الكافي والسرعة في القضاء على المرض وهو في بدايته والكشف الصحيح والسليم والمبكر فهل سيجد مئات الالاف من المصابين بهذا المرض العلاج الصحيح ؟؟؟
استثمار وهمي .. ومشاريع تذهب ادراج الرياح
مايسة ابراهيم سيدة اعمال تطمح ان تصبح وزيرة للسياحة تحدثك عن طموحها ذلك قائلة (بلادنا تزخر بمقومات طبيعية نادرة قلما تجدها مجتمعة في أي مكان اخر , لكن المسئولين عندنا للأسف لا يعون ذلك وكل ما يهمهم هو ممارسة البلطجة والفساد في كل مشروع استثماري حقيقي يخلص البلد من البطالة المفتعلة بين اوساط الشباب ).
مايسة لديها عدد من المشروعات الطموحة والتي تشغل الالاف من الايادي العاملة حاولت ان تستقطب بعض رجال الاعمال العرب لتلك المشاريع ولكنها فوجئت بالعراقيل العديدة من قبل الجهات المتخصصة
تقول مايسة: ( قالوا لنا إنهم سيوفرون لنا البيئة المناسبة وجميع التسهيلات ولكن كل ذلك طلع مجرد كلام فاضي (
فما أن تبدأ مايسة أي مشروع تجد اكثر من مسئول يحاربها فيه اما ان تعطيه نصيباً من المشروع وتدخله شريكا دون أي مسوغ او تحارب ويغلق مشروعها .
وكونها امرأة ومن اسرة متمدنة ليس لها قبيلة كبيرة تدعمها فان الكل يحاول تحطيم مشاريعها.
تقول مايسة ( يبدأ المستثمر المحلي مشاكله بتداءا من استخراج التراخيص .. تصوروا طلبوا مني اثبات اني يمنية ومعهم بطاقتي رغم ان شكلي يؤكد اني يمنية وكذلك لهجتي العدينة الواضحة , وغيرها من العراقيل التي لاتنتهي الا بدفع الرشاوي )
وتجد مايسة كغيرها من المستثمرين اليمنيين ان الاستثمار في اليمن يعد مجازفة كبيرة لايقدم عليها الا من هو بايع لامواله او ذو قوة ونفوذ كبير .
فغير الفساد هناك مشاكل عديدة يواجهها المستثمر ابتداءا من غياب البنية التحتية الحقيقية وانعدام الامان وازمة المشتقات النفطية التي تظهر بين الفترة والاخرى وعدم استقرار الاسعار ومشاكل الضرائب والجمارك وغيرها من المشاكل العديدة التي تجعل من أي مستثمر يرى ان الاستثمار في جنوب افريقيا ارحم الف مرة من الاستثمار في اليمن التي شبهتها بالبحر الذي يبتلع كل شيء دون ان يظهر عليه شيء .
منح دراسية ..... لغير الدارسين
طاهر عباد حاصل على درجة الماجستير بتقدير عال في احد المجالات العلمية , يعمل معلما في احدى المدارس , اراد ان يكمل دراسته ويحصل على الدكتوراة ولأن ظروفه المادية لاتسمح له بالسفر على حسابه الخاص بحث طويلا عن منحة دراسية خصوصا وانه متفوق وكان دوما الاول على دفعته في دراسته الجامعية.
وبعد عناء مضني وملاحقة هنا وهناك حصل طاهر اخيرا على منحته الدراسية وبدأ في تجهيز نفسه للسفر تنازل عن نصف راتبه وودع اصدقاءه واهله وقبل موعد السفر بايام فوجيء طاهر بان اسمه واسماء عدد من رفقاءه في الدراسة للخارج قد سقطت وان هناك اسماء لاشخاص آخرين لايعلم من اين جاؤوا .
قدم طاهر مع زملائه الشكاوي العديدة ووصلت شكواهم الى مكتب رئيس الجمهورية ولكن تلك الشكاوي لم تجد منصفا لها , واكتشف طاهر ان الاسماء الجديدة كانت لأبناء مسئولين او تم بيعها لاشخاص بمبالغ خيالية . وانه مهما عمل لن يستطيع ان يغير شيئا , وتراجعت مطالبه وزملائه الى اعادة رواتبهم كما كانت واعادتهم الى اعمالهم , ليظل بعدها طاهر وغيره الكثيرون ممن تم الاستيلاء على منحهم محبطين خلف كراس مخفية، أسرى لاعمال ليس فيها أي ابداع او خدمة للمجتمع فيما يظل اخرون لايملكون روح التميز والابداع يشغلون مقاعد الدراسة الخارجية لاعوام طويلة جدا لايعودون منها بشهادة تملي العين على الاقل , وكأنهم كانوا مسافرين لتغيير الجو لا اكثر
قرى نائية ... يسكنها الإنس والجن والجهل
تقع قرية هدى صالح في احد ارياف محافظة اب النائية , ويعاني اهلها من تدني التعليم والامراض وانتشار السحر والشعوذة .
تقول هدى التي حالفها الحظ في التعلم في صنعاء ودراسة الجامعة وحفظ القرآن ( كل ما زرت قريتي يحز في نفسي الوضع المتردي لابنائها ونسائها في غياب مراكز التاهيل والتعليم وتحفيظ القرأن التي ملأت كل حي في العاصمة , وبعد ان عرضت مشكلة قريتي التي يعاني منها اغلب الريف اليمني الى احدى المؤسسات الخيرية قررت تلك المؤسسة مساعدتي في فتح مركز لمحو الامية وتحفيظ القرآن الكريم )
ابناء قرية هدى التي تسمى ذي عسال في منطقة التويتي بوادي بناء شعروا بسعادة غامرة لهذه المبادرة من مؤسسة علا المجد للتنمية في فتح مركز ام الخير لابناء القرية , لكن هدى بعد ان فتحت المركز وجدت صعوبة بالغة في توفير رواتب مجزية للمعلمات سوى مبالغ بسيطة تمدها بها المؤسسة كما ان المقر كان عبارة عن مبنى ايل للسقوط فوق اسطبل للحيوانات , ومع ذلك اصرت هدى على اكمال مشروعها وفتح مراكز اخرى في قرى مختلفة لمحاربة الدجل وخصوصا الشعوذة واستخدام الجن في اعمال السحر وخلافه , ومع ان فكرتها كانت سامية الا انها لاقت محاربة عنيفة من قبل المحاربين لفكرة دخول تعليم القرآن لتلك القرى، نظراً لوجود الخرافات والخزعبلات وقلة الوعي باهمية التعليم ومحو الامية , ولم تتوقع هدى ان تحارب ايضا من بعض الاحزاب السياسية، التي تنعم في ظل هذه الأجواء، والتي حاولت احتواء مشروعها الخيري تحت إطار حزبي وتسييسه أو محاربته وإغلاقه .
تقول هدى ( انا نذرت بمشروعي هذا لارحم الراحمين واريد تخليص منطقتي من الجهل والحرمان والاستغلال وتعليم الشباب والنساء حرفا يدوية يستطيعون العيش منها بحياة كريمة دون ان يتحكم أحد في حياتهم ومصيرهم لمصالح شخصية أو حزبية ضيقة، ولن اتراجع عن هدفي هذا أبداً(
هدى تتمنى أن تمتد الأيادي السخية لمثل هذه المشاريع وأن تنتبه المؤسسات التنموية والخيرية والجمعيات والجهات الحكومية والمجالس المحلية، لما يعانيه الريف اليمني وتوليه جزءاً من اهتمامها وألا تركز كل انشطتها على المدن فقط .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.