يعاني العديد من ضحايا الألغام والمتفجرات التي خلفتها حرب صعدة من أوضاع إنسانية سيئة، ويشتكون من إهمال السلطات اليمنية لهم، وعدم حصولهم على الرعاية الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية. وعرضت منظمة سياج لحماية الطفولة في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين نماذج من ضحايا الألغام، الذين يعانون من أوضاع سيئة، بعد رفض بعض المراكز الصحية معالجة جراحهم، رغم توجيهات كل من رئيس الجمهورية ووزير الصحة بمعالجة ضحايا الألغام مجاناً.
وقال رئيس منظمة سياج أحمد القرشي إن التوجيهات واضحة، لكن من أسماهم بالموظفين التنفيذيين يعيقون تنفيذ التوجيهات الرئاسية، ما يسبب معاناة شديدة إلى جانب المعاناة الصحية والنفسية للضحايا.
وحمّل القرشي رئيس الجمهورية ووزير الصحة المسؤولية الكاملة في حال استمرار هذا الإهمال تجاه الضحايا. وقال "توجيهاتكم يا رئيس الجمهورية ويا وزير الصحة غير معمول بها، وإذا ظل الوضع على هذا النحو فإنكم ستكونون المسؤولين عن التقصير الجاري". داعياً إلى تنفيذ توجيهات الرئيس ومعالجة الجرحى على حساب الدولة.
وأشار إلى أن الكثير من المواطنين يضطرون للبحث عن قطع المعدن المتناثرة من بقايا حرب صعدة لبيعها إلى تجار الخردة من أجل الحصول على قوت يومهم، وهم لا يعرفون أن بعض هذه القطع المعدنية قابلة للانفجار في أي لحظة.
واستنكر القرشي إعلان بعض المناطق في صعدة أماكن آمنة، لافتاً إلى أن الحوثيين يؤكدون عدم وجود خرائط لأماكن الألغام والمتفجرات، وأن من زرعها هم أفراد ربما قضوا خلال الحرب، وماتت معهم أماكن الألغام المزروعة، التي تفتك من حين لآخر بأناس أبرياء.
وقال إن المنظمة تقلت بلاغاً قبل ثلاثة أيام يفيد بأن رجلين قتلا، وأصيب ثلاثة أطفال في منطقة (لم يكشف عنها) كان أعلن أنها منطقة آمنة، متسائلاً: من المسؤول عن إعلان هذه المناطق الآمنة؟.
وتحدث رئيس منظمة سياج عن حالات انفجار ألغام بالقرب من مخيم المزرق للنازحين، وعرض في المؤتمر الصحفي ثلاث فتيات صغيرات ضحايا انفجار لغم أرضي حين كنّ يرعين الأغنام على بعد حوالي 200 متر من مخيم المزرق 2، ما أدى إلى مقتل طفلة، وإصابة الأخيرتين بإصابات خطرة، وحرمت كل طفلة إحدى عينيها.
وأكد الضحايا أنهم تعرضوا للطرد من المستشفيات، وسحب الفرش من تحتهم ومطالبتهم بمبالغ مالية مقابل فترات الرقود التي قضوها هناك، في حين لم تقدم لهم المستشفيات أي أدوية، ولم يتم انتزاع الشظايا من أجسادهم رغم مرور أكثر من شهرين على أغلب الحالات.
وأوضح الضحايا أنهم يعيشون ظروفاً إنسانية قاسية داخل العاصمة صنعاء، حيث لم يسمح لأغلبهم بالرقود في المستشفيات الحكومية خلافاً لتوجيهات رئيس الجمهورية وقرار وزير الصحة العامة والسكان. وقال أولياء الضحايا إنهم اضطروا للنزول في لوكندات والسكن في غرف ضيقة ورديئة ولا تناسب وضعهم كأطفال مصابين.
وأكد القرشي أن المؤتمر الصحفي الذي عقدته المنظمة هو رسالة بأن جهود المنظمات العاملة في هذا المجال لا تزال ضحلة، وأن الوضع أكبر من أن تحتويه هذه المنظمات، مشدداً على ضرورة تكاتف الجهود من أجل نزع الألغام من المناطق السكنية في المنطقة، ومساعدة الضحاياً، سواءً بتوفير العلاج الجراحي، أو العلاج النفسي للضحايا، خاصة الأطفال منهم، والتوعية بمخاطر الألغام، لكنه استدرك: "الكثير من المنظمات تعمل في مجال التوعية، لكنها تنحصر على الألغام الظاهرة أما المدفونة فلا يمكن التوعية بها". وحمل أطراف الصراع (الحوثيين والجيش اليمني والجيش السعودي) المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقانونية تجاه ضحايا الألغام.
وكشفت منظمة سياج عن سقوط 33 طفلاً بين قتيل وجريح نتيجة الألغام، وذلك في إحصائية موثقة رصدتها وحدة الرصد بالمنظمة منذ مطلع العام الجاري 2010. وتتوزع ال33 حالة على النحو التالي: (10 قتلى منهم 7 في محافظة صعدة وثلاثة في محافظة شبوة، كما أصيب 23 طفلاً بإصابات بالغة وتشوهات وفقدان أعضاء منهم 16 في محافظة صعدة وسبعة في محافظات الضالع وشبوة ولحج).
وقدم رئيس منظمة سياج الشكر للحكومة اليمنية والمنظمات الإغاثية اليمنية والدولية على جهودها التي تبذلها للحد من مخاطر الألغام، داعياً إلى تكثيف وتطوير الجهود الحالية لمواكبة الأوضاع التي تزداد يوماً بعد يوم.
وانتقد في سياق حديثه، رجال الأعمال والقطاع الخاص. وقال إنهم لم يبذلوا أي أموال لمعالجة الجرحى والمتضررين "ولو حتى من باب الدعاية الإعلامية" حد قول القرشي.
وحذر من أن الوضع "خطير على المدنيين بشكل عام" في المناطق التي شهدت اشتباكات خلال الحرب الأخيرة في صعدة، مستنكراً استخدام أو استهداف الأطراف المتصارعة للمنشآت الخدمية في الحرب، واصفاً إياها ب"جريمة حرب". وأكد أن المدارس في محافظة صعدة غير آمنة، مشيراً إلى أن ما يقرب من 380 ألف طفل حرموا من التعليم بشكل عام في صعدة، وأن 0.07 % فقط من الأطفال حصلوا على حقهم في التعليم.