يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    الجوع يفتك بغزة وجيش الاحتلال يستدعي الاحتياط    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    النائب العليمي يبارك لرئيس الحكومة الجديد ويؤكد وقوف مجلس القيادة إلى جانبه    التركيبة الخاطئة للرئاسي    أين أنت يا أردوغان..؟؟    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    حكومة بن بريك غير شرعية لمخالفة تكليفها المادة 130 من الدستور    اعتبرني مرتزق    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    3 عمليات خلال ساعات.. لا مكان آمن للصهاينة    - اعلامية يمنية تكشف عن قصة رجل تزوج باختين خلال شهرين ولم يطلق احدهما    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    شاب يمني يدخل موسوعة غينيس للمرة الرابعة ويواصل تحطيم الأرقام القياسية في فن التوازن    قرار جمهوري بتعيين سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء خلفا لبن مبارك    بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    أزمة اقتصادية بمناطق المرتزقة.. والمطاعم بحضرموت تبدأ البيع بالريال السعودي    الطيران الصهيوني يستبيح كامل سوريا    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توفيق الخامري ل"المصدر أونلاين": لو أن مسئولينا اهتموا بمصلحة البلد كما يهتمون بمصالح أولادهم وأسرهم لكانت البلد في خير
نشر في المصدر يوم 05 - 06 - 2010

قبل أن ألتقيه، كنت أؤمن أن رجال الأعمال يحافظون على مصالحهم التجارية بوضع الماء على أفواههم حتى لا تزل ألسنتهم عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة. لكن، وحتى مع معرفتي المسبقة أن رجل الأعمال الشاب توفيق الخامري – الحاصل على شهادة إدارة أعمال من الولايات المتحدة – يمكنه أن يقدم شيئاً مختلفاً للقارئ، إلا أني لم أضع في حسابي أن اللقاء سيكون مثيراً وحاداً، إلى الحد الذي جعلني أخشى أن يكون تفاعله مع مجرياته قادته إلى زلة لسان هنا أو هناك. في الحقيقة كان الأمر قد اتضح لي بالفعل أثناء الدردشة التمهيدية التي تسبق اللقاء عادة. إذ وجدته يقتحم بسرعة حقل الألغام الذي يخشى أصحاب المال الدخول فيه حفاظاً على أرواحهم [مصالحهم التجارية]، وعنئذ، هززت رأسي، وسألته: هل أنت متأكد أنك تريد تسجيل اللقاء ونشره؟ فأجاب بحزم: نعم. قلت: ألن يؤثر ذلك على مصالحك وتجارتك؟ ابتسم، وقال بثقة: لست جباناً، ولا أخشى أحد سوى الله. حينها فتحت زر المسجل، ودار بيننا هذا الحوار:

إلى أي مدى أثرت الأوضاع الأمنية واستمرار الاضطرابات السياسية في البلاد سلباً على التاجر والمستثمر اليمني من جهة، وضعف إقبال رأس المال الخارجي على الاستثمار في اليمن من جهة أخرى؟
بداية علي أن أشكر المصدر أونلاين وإدارته على اهتمامه بمشاكل القطاع الخاص.. أما بالنسبة للأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة والمتتالية التي تدرجت وقائعها على البلاد خلال الأعوام الخمسة أو الستة الأخيرة تقريباً، فقد أثرت كثيرا – ولا يستطيع أحد أن ينكر هذا - على القطاع الخاص والتنمية في البلاد. ونحن كرجال أعمال يجب علينا أن نتكلم بوضوح وشفافية.

وإذا ما خصّيت القطاع السياحي هنا بالذكر فقد عانينا ومازلنا نعاني الكثير من المشاكل والخسارة. فمثلاً ما يتعلق بنا نحن في الشركة اليمنية للفنادق والاستثمار، أستطيع أن أؤكد لك أن الشركة منيت بخسارة تصل إلى أكثر من 18 مليون دولار على مدى الأعوام الخمسة أو الستة الماضية وحتى هذا العام..


هل تتعلق تلك الخسارة بالجانب الأمني أم هناك عوامل أخرى؟
طبعاً بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة، من اختطافات، وانفلات أمني، واضطرابات وغيرها. وهذه بالطبع أمور خارجة عن إرادتنا، لكن الشيء المهم الذي أريد أن أؤكد عليه هو أن الدولة وحتى الآن لم تستدعي القطاع الخاص وتناقشه في سبل تجاوز هذه المشاكل والمحن.. بل إنها بدلاً من تعويضهم أو منحهم أي تسهيلات، نجدها فقط تواصل إرسال أطقمها إلينا ومطالباتها لنا بالدفع..!

ما الذي كان يجدر بها القيام به لمساعدتكم..؟
كنا نتمنى في ظل هذه الظروف الصعبة – من جميع النواحي طبعاً، لكني هنا أخصص الحديث عن القطاع السياحي بالمقام الأول- لو أن الدولة على الأقل وقفت إلى جانب القطاع السياحي، ومنحته تسهيلات..

مثل ماذا؟
تسهيلات، للتخفيف من شدة الوطأة التي عليه..على الأقل أن تمنح القطاع السياحي إعفاءات لسنوات طويلة على الأقل، حتى لا يضطر هذا القطاع إلى تغيير أنشطته، وربما يقتضي الأمر تسريح آلاف العمال. ومع ذلك فإن مثل هذه الإعفاءات في نظري هي أقل ما يمكن القيام به كحلول إسعافية أو ترقيعية – إذا جاز التعبير - للتخفيف من الوطأ، لأنها لن تمثل - بأي حال من الأحوال - الحل النهائي المفترض، الذي يجب أن يتأتى عبر بذل مزيد من الجهود الحقيقية في سبيل إيجاد الأمن والأمان.

ربما يكون الجزء الأول (الحلول الإسعافية أو الترقيعية) تحت قدرة الدولة، لكن الشطر الآخر يبدو أنه من الصعب تحقيقه..!
حينما أتحدث عن ضرورة إيجاد الأمن والأمان، فأرجو أن لا يفسر حديثي على أنه غير موجود على الإطلاق. لأنه ما يزال موجوداً في بلادنا، على الأقل بمقوماته. إلا أن الاختلالات التي طغت خلال الفترة الأخيرة عكست انعدام تمثله على أرض الواقع، وذلك يرجع أساساً إلى وجود سوء إدارة كما أعتقد.

وهذا الأمر ليس على مستوى الأمن والأمان فحسب، بل هي إشكالية يمنية عميقة تجسدت في وجود سوء الإدارة على كافة الجوانب. وهذا الكلام لا أقوله أنا، بل أشارت إليه معظم التقارير الدولية التي ترصد عن كثب الأوضاع في بلادنا. وبريطانيا التي دعت إلى مؤتمر دولي لإنقاذ اليمن، في عاصمتها لندن، أكدت هذه النقطة، وهي: الفشل الدائم لإدارة الحكومة اليمنية. وهو أمر يجب علينا أن نقره. وعلى الحكومة اليمنية أن تعترف بفشلها في إدارة البلاد، وبالتالي عجزها في إصلاح الأوضاع والاختلالات القائمة نتيجة لتلك السياسات، وعلينا أن ندرك، أنها إن استمرت على ذلك فإنها تقودنا إلى الهاوية..! والقطاع الخاص هو من سيدفع الثمن.

باعتبارك الأمين العام للاتحاد اليمني للفنادق، هل لديكم إحصائية بعدد الفنادق السياحية التي أغلقت خلال الخمس السنوات الأخيرة..؟
أتحفظ عن ذكر الرقم، لكني أؤكد أن هناك عدد كبير من الفنادق أغلقت بسبب تدهور السياحة.

من يتحمل مسئولية ذلك؟
طبعاً الدولة..هي التي يجب أن تتحمل مسئولية سياساتها الخاطئة. أدخلتنا طوال السنوات الماضية من حرب إلى حرب، ومن مشكلة إلى أخرى.

لماذا يلقى بالمسئولية على الدولة دائما؟ أين ذهب القطاع الخاص، الذي - وطوال تلك الفترة - ظل يؤدي دور المتفرج، ولم يحرك ساكناً، في الوقت الذي كان بمقدوره تشكيل تكتلات ولوبيات قوية لممارسة الضغط على هذا النظام، للحفاظ على مصالحه؟
يا أخي علينا نحن اليمنيين أن نفتح صدورنا لبعضنا البعض. هذا أولاً. وإذا بدأنا بهذا الأمر فسيمكننا بعد ذلك تقديم تنازلات.. وعلى هذا الأساس من الفهم والإدراك سنتمكن من التوصل إلى حلول مناسبة..

إذن ما المشكلة؟ لماذا لم يتم ذلك، عبر تلك الطريقة التي تعد هي الأنسب بالنسبة للتجار الذين جبلوا على مواجهة مشاكلهم بالحكمة والحلول الهادئة خوفاً على مصالحهم التجارية؟
أنا أولاً أشيد بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح، كونه صاحب حكمة، وله القدرة على تقديم مفاجآت. لكني أعتقد أيضاً أنه يتوجب عليه أن يشارك الآخرين همومهم ومشاكلهم، ويشركهم في الحلول. أتمنى عليه أن يشرك الآخرين مشاركة فعالة، وليس كما هو حاصل إشراكهم ك"ديكور". وأنا هنا أريد أن أستغل هذه الفرصة في التأكيد على أمر مهم ربما مثل أحد أبرز المشاكل القائمة التي تؤثر على النظام وبالتالي انعكست نتائجه على بقية الجوانب الأخرى كالتجارة والاقتصاد اليمني ككل، وهي قضية الوحدة الوطنية.

فنحن سواء كنا شماليين أو جنوبيين، الوحدة اليمنية بالنسبة لنا قدر ومصير..ولا يمكن التفريط بها على الإطلاق. يمكن أن تقطع أجسادنا، ونقدم في سبيلها الشهداء تلو الشهداء حتى لا تمس وحدتنا اليمنية بسوء..لكننا وبالمقابل نريد أن تكون الوحدة اليمنية على جميع الناس [المواطنين]. فكما يتوجب علينا حمايتها وتقديم أرواحنا فداء لها، يجب – بالمقابل - أن يشمل خيرها الجميع. توجد أخطاء وممارسات سيئة، وهذا لا يمكن أن ينكره أحد، ومع ذلك نقول إن الحل ليس بالانفصال..لأن هذا الحل يعتبر كارثة.

الاقتصاد أولاً، فساد الغاز، وخليجي 20، و"دفعت الثمن غالياً"..

هناك مجموعة متراكبة ومعقدة من الاختلالات: سياسية واقتصادية وأمنية، وغيرها. ما هو الجانب الأهم، أو الأكثر إلحاحاً لتجنب الهاوية التي تحدثت عنها؟
في اعتقادي أن الشأن الاقتصادي هو الأكثر أهمية..كونه يتعلق مباشرة بمعيشة الناس، وحياتهم الاقتصادية. لكن ومع ذلك تجد أن أكثر اهتمامات الحكومة تتجه إلى بناء الجيش والاستعراضات العسكرية، فيما أنها لا تولي الجانب الاقتصادي أي اهتمام. وهنا أعود من جديد إلى ما سبق وتحدثت عنه حول مشكلة سوء الإدارة. فلو كانت هناك إدارة منظمة وذات كفاءة عالية، تعمل على إحداث إصلاحات حقيقية لما كان للدولار أن يصل إلى 225 ريال يمني. وهذا فقط مثال بسيط جداً، فيما أن الحديث في هذا الجانب وسرد الأمثلة قد يطول، لكن خلاصته: أن هناك خلل اقتصادي كبير جداً.

فيما يخشى النظام على البلد من الاضطرابات والاختلالات السياسية والوحدة الوطنية، إلا أن الكثير من المحللين الخارجين يعتقدون أن انهيار الدولة اليمنية سيأتي من الجانب الاقتصادي، لاسيما مع استمرار نضوب النفط، كأهم وأكثر المصادر الرئيسية للموازنة العامة، في الوقت الذي تستنزف فيه المياه بسرعة كبيرة، مترافقاً في الوقت ذاته مع معدل نمو سكاني كبير..هل هذا يعزز ما ذهبت إليه؟
لا ريب. نحن نشاهد المعطيات أمامنا، جميعها ربما قد تمثل مبررات دامغة لانهيار وشيك. وأنا أعتقد أنه لن تكون هناك مفاجأة إذا ما حدث ذلك لا قدر الله، لأنه لا توجد دولة بالمعنى الحقيقي. الواضح والأكثر بروزاً هو طغيان سوء الإدارة على كافة الجوانب.

هل هناك أمثله على سوء الإدارة في جوانب أخرى غير السياحة؟
لو أخذنا سياسة الدولة إزاء الغاز اليمني كمثل بسيط لكنه ذو دلالة عميقة على سوء الإدارة. هذا الغاز لو كنا استثمرناه محلياً لكان أدر على الدولة مليارات الدولارات سنوياً، ناهيك عن الفوائد الأخرى في التنمية والطاقة وغيرها. لكن انظر ما الذي استفادته البلد من هذا المشروع. لا تذكر مقارنة بما كان يفترض عليه الأمر لو أديرت العملية بنجاح. وربما كان الكوريون الذين بيع لهم هذا الغاز بعقود طويلة الأجل هم المستفيد الأكبر، لدرجة أن كوريا فرضت تخفيضات على بيع الغاز لمواطنيها بسبب حصولها عليه بأسعار زهيدة.

وقبل كوريا، كانت الفائدة الأكبر لجهة الشركات الأجنبية المنتجة، التي لم تحصل فقط على نصيب الأسد من الأرباح، بل خصمت التكاليف والخسارة الأولية من أرباح الإنتاج. وفي المقام الثالث بالنسبة للمستفيدين يأتي أصحاب العمولات. ذلك لأن السعر الذي بيع به الغاز – في ذلك الحين – كان بخساً وزهيداً جدا. حيث غلب عليها طابع الفوائد وتوخي المصالح الشخصية والعمولات أكثر من مصلحة البلد. ولذلك أقول لو أن مسئولينا اهتموا بمصلحة البلد، كما يهتمون بمصالح أولادهم وأسرهم لكانت بلادنا بخير. وأنا أجزم لك هنا أن معظم المسئولين همهم الأكبر هو: كيفية الحصول على الغنائم والعمولات وغيرها، دون أن تهمهم مصلحة البلد.

كنت قد تحدثت معي قبل هذا اللقاء عن فساد يرافق خليجي عشرين في اليمن.. هل تريد الحديث عن هذا الأمر وتوضيحه؟
هذا الأمر يدخل في ذات المنظومة الفاسدة . علي أن أعتبر نفسي رجلاً متسامحاً جداً وأقول: لماذا لا يكون خليجي عشرين في إحدى دول الخليجطالما وأن إمكانياتنا الاقتصادية، إلى جانب سوء الإدارة والتخطيط، تعتبر عوامل مساعدة على الفشل..! بل إذا كان مثل هذا الأمر سيكشف فضائح وفساداً كبيراً من شأنه أن يزيد من الطين بلة بالنسبة لسمعتنا في الخارج، فالأفضل من وجهة نظري أن تنظمه إحدى دول الخليج.

فمثلاً أن تصرف حوالي خمسين مليار أو أكثر على خليجي عشرين دون أن تحدث سوى فارق بسيط في البنية التحتية، فهذا أمر يدعو للاسف الشديد. أعتقد أن الفساد ونسبة العمولات التي ستخرج من إجمالي هذا المبلغ قد تصل إلى 30 في المئة. والسبب أنها لم تدخل للمنافسة أو تقدم فيها مناقصات. على سبيل المثال: تم إنشاء فندق جديد في عدن بدون مناقصة، بأكثر من 90 مليون دولار كما يقال، بينما أن هناك حديث يتردد في الشارع أن سعره الحقيقي لا يتجاوز ربما 40 مليون دولار..! أليس هذا فساداً كبيراً!

لحوالي خمسة عقود من الاشتغال في التجارة، عايشتم ظروفاً جيدة، وأخرى سيئة..لماذا اليوم فقط ارتفعت نبرة التذمر؟ هل يتعلق الأمر بفقدان مصلحة ما، أو بأمر ما حدث مؤخراً، أم أن الكأس قد أمتلئ وطفح الكيل فعلاً؟
لا هذا ولا ذاك. فعلى العكس، أنا أحد رجال الأعمال الذين لديهم مواقف ثابتة إزاء الاختلالات وقضايا الفساد، ليس من الآن، بل منذ أمد طويل. ولو تابعت مقابلاتي أو تصريحاتي السابقة ستجد النبرة ذاتها.

لكن، يقال أن المال جبان، ويبحث دائماً عن المكان الهادئ بعيداً عن المعارك السياسية التي تعتبر من ألد أعدائه..فهل يدخل توفيق الخامري ضمن القلة القليلة المستثناة من هذه القاعدة؟
في الواقع لقد دفعت الثمن غالياً بسبب انتقاداتي. وكما أسلفت أنت، عندما تكون رجل أعمال وتوجه انتقاداتك للأشياء السيئة، فإنهم يخرجون لك ملفات وقضايا، وتجرجر للمحاكم وتصدر ضدك أحكام فورية، وغيابية، وغيرها من العراقيل التي تتعلق بأنشطتك وأعمالك التجارية. لكن ومع ذلك لم ولن يثني هذا عن قول ما أؤمن به. خصوصاً وأن أيدينا بيضاء ولا نخشى شيئاً. ويبقى أملي أن نصل إلى اليوم الذي نجد فيه المحاكم والنيابات قد تمتعت باستقلاليتها ونأت عن العمل السياسي والتوجيهات..

هل ما تقوم به يندرج في إطار تحقيق تلك الأمنية، من خلال توصيل رسائلك للمعنيين في هذا الجانب بهذه الطريقة التي قد تؤثر سلباً على مصالحك التجارية؟
الأمر ليس شخصياً. فسمعة بلادنا أصبحت في الحضيض. وعلينا أن نتعامل بشفافية، ونعترف بالخطأ، لنعمل على تصحيحه وتجاوزه. أغلب الشركات الأجنبية عندما تأتي وتوقع عقود عمل واستثمار تشترط التحكيم الأجنبي، لماذا؟ لأنها لا تثق بالقضاء اليمني بسبب تلك السمعة السيئة.

وأنا لا أقول إن القضاء اليمني برمته يعكس صورة سيئة، فمن الخطأ أن نعمم، لأن هناك قضاة مخلصين ويعملون بضمير.. غير أن ما هو سائد وموجود بصفة عامة هنا أن رجال الأعمال يفرون أو يرفضون الاستثمار في اليمن بسبب عدم وجود احترام للقوانين ولا احترام للنظام.. الشائع أو السائد بأن الغلبة تكون دائماً لمن هو فوضوي أو أحمر عين كما يقال، بينما من يحترم القانون ويحتكم للنظام لا مكان له..! ولو سكتنا جميعاً فإن القارب سيغرق بالجميع.

تجار حقيقيون عاجزون عن البوح، وتجار نفوذ مسيطرون على الساحة

لكن، بالمقابل هناك رجال أعمال كثر آخرون يمارسون أنشطتهم التجارية بشكل طبيعي دون تذمر، بل بسعادة بالغة يواصلون جني الأرباح، ومن يواجه عراقيل وصعوبات يضع في فمه ماء، فهل سيعني صراخك هذا شيئاً مقارنة ربما مع الغالبية العظمى من قرنائك..؟
نحن تجار حقيقيون، وعمر مجموعتنا ربما يتجاوز خمسين عاماً، وما أريد قوله في هذا الجانب هو أنه يجب التفريق بين نوعين من التجار. فإلى جانب أن هناك تجاراً حقيقيين متواجدين في الساحة بجهودهم وكفاءاتهم ولديهم مصالح تجارية كبيرة، هناك أيضاً نوع أخر من التجار وهم "تجار النفوذ".

وأستطيع أن أؤكد لك أن معظم التجار الحقيقيين يعانون، لكنهم لا يستطيعون البوح بمعاناتهم خوفاً من أن يدفعوا الثمن غالياً، وخصوصاً من لديهم أعمال ومصالح شبه يومية. بالنسبة لي، أستطيع أن أدخل في الفساد، وأجني مليارات الدولارات مثل البعض، وأؤكد لك أن الكثير من الفرص أتيحت لي في هذا الجانب، إلا أن الفارق الجوهري في اعتقادي أنه لدي ضمير ووازع ديني، إلى جانب أن ثقافتي مختلفة في هذا الموضوع. فأنت عندما تقرأ أو تسمع كثيراً عن تهريب المواد والمشتقات النفطية وغيرها..هذا الأمر فيه فساد كبير لأنك تتحدث عن حوالي 3 مليار دولار.

تقصد الدعم الحكومي للمشتقات النفطية..!
نعم..هذا الدعم الذي تقدمه الحكومة للمشتقات النفطية بالمليارات، لا يستفيد منه سوى قلة قليلة من الفاسدين الذي يقومون بتهريب جزء كبير منه وبيعه للخارج بأسعار أكبر من شرائه. فكما هو واضح، لا يستفيد منه سوى بعض الفاسدين الذين يتمتع معظمهم بالنفوذ أو يقف وراءهم مجموعة قليلة من المسئولين، في الوقت الذي يبرر فيه أن المواطن هو المستفيد الأكبر، وهذا كلام غير صحيح، فالفائدة لا تتعدى سوى جزء يسير جداً.

وهذا الأمر تدركه الحكومة جيداً، لكن يبدو أن المستفيدين الكبار من بقائه، يسيطرون جيداً على قراراتها. ما أريد أن أصل إليه هو أني أستطيع الدخول في هذه التجارة الرابحة جداً، ومثلها أيضاً تجارة الأسلحة وغيرها من الأعمال والأنشطة التجارية التي تدر أموالا طائلة، وسريعة، لكن ثقافتي وأخلاقي تمنعني من ذلك. فالربح الحلال وإن كان قليلاً، أفضل وأبرك من الحرام ولو كثر.

الواضح أن الحكومة تسعى لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، لكنها لم تجرؤ خوفاً من النتائج، لاسيما وأن المعارضة تقف في هذا الجانب مع المواطن الذي سيتأثر من نتائج الرفع..!
أنا مع الدولة شريطة أن يكون لديها استراتيجية ناجعة وناجحة في هذا الجانب، وآليات واضحة لرفعه تدريجياً، لأن ذلك – وعلى العكس مما يقال – من مصلحة البلد، ولذا يجب القضاء عليه نهائياً لأنه كما قلت لا يستفيد منه المواطن مباشرة بل تستفيد منه عصابات التهريب، بينهم تجار معروفون للأسف الشديد. وأعتقد أن هذا يشبه إلى حد كبير ما حدث سابقاً مع دعم المواد الغذائية التي كانت الدولة تدافع عنه، في الوقت الذي لم يكن يستفيد منه سوى عدد محدود من التجار الكبار الذين كسبوا من ورائه مليارات الدولارات، لكن وحين تم رفع الدعم عنها سارت الأمور إلى الأحسن، واليوم غادر بعض هؤلاء التجار إلى الخارج مع أرباحهم وباتوا يستثمرونها هناك، فيما لم يستفد منهم الوطن شيئاً..!

القرار بحاجة إلى إرادة سياسية قوية، لا تخلو من استراتيجية واضحة مبنية على دراسات للآثار وسبل معالجتها.؟
بالضبط. ولذلك يجب أولاً اختيار المسئولين الأكفاء والأقوياء ممن لديهم ضمائر، والحريصين على مصلحة الوطن، لأن الوطن في هذا الوقت الراهن والعصيب، يجب أن يتخلص من المسئولين الضعفاء أو السكرتاريات الذين لا يتحركون إلا وفق توجيهات وتعليمات. ففي اعتقادي أن هذا النوع لم يعد صالحاً اليوم لمواصلة العمل، لأن المرحلة القادمة خطيرة جداً. عندما تغادر خارج البلاد، تجد الناس يتحدثون عن الفساد المستشري الذي باتت معه المعالجة صعبة، حتى أنك تلحظ من حديث بعضهم أنهم فقط ينتظرون سقوط اليمن في أي لحظة، وأن حدوث ذلك ليس سوى مسألة وقت. وهذا الأمر إن حدث لن يكون في مصلحة أحد، بما في ذلك دول الجوار التي من الطبيعي أن تتضرر مما يحدث في بلادنا، بل أتصور أن انهيار اليمن ليس من مصلحة الدول العربية برمتها.

سياسيات تقضي على التجار الحقيقيين وتدعم الطفيليين
إذا ما عدنا للحديث عن رجل الأعمال اليمني، على مدى اشتغالك بالتجارة لفترة طويلة، هل لاحظت تغيراً لافتاً في خارطة أو منظومة رجال الأعمال في اليمن، لاسيما خلال السنوات الأخيرة؟
أقول لك بكل شفافية إن مجموعة من السياسات القائمة التي برزت بشكل لافت خلال الفترات الأخيرة، تهدف بعضها إلى القضاء على رجال الأعمال الحقيقيين، في الوقت الذي تعمل على خلق تجار طفيليين وتجار النفوذ والفساد.. وهنا أريد أن أعترف أن بعض تلك السياسات حققت ما كانت ترمي إليه..! ويمكنك الآن ملاحظة أن معظم التجار الحقيقيين إما أنهم يعانون من مشاكل، أو ذهب بعضهم إلى السجون، وخنق آخرون بالتزامات مالية كبيرة جعلته غير قادر على فعل شيء، مقابل بروز أولئك الطفيليين وبسط سيطرتهم ونفوذهم على الساحة التجارية. لكن في اعتقادي أن هذا الأمر سيتحول في المستقبل إلى دمار كبير جداً على الوطن..

كيف؟
استخدام النفوذ وإتاحة الفرص للبعض دون الآخرين، وعدم المساواة في المواطنة، هو من أخطر الآفات على مستقبل الشعب اليمني، ووحدته الوطنية. فإذا كانت الأزمة في المناطق الجنوبية قد تراكمت بفعل بعض السياسات التمييزية، حتى شعر البعض بعدم وجود مساواة في المواطنة، الأمر الذي أفضى إلى مضاعفات لم تستطع الدولة الخروج منها، فإن الشيء ذاته في عدم وجود مساواة في المواطنة بين تاجر وآخر، قد يؤدي إلى النتيجة وربما بشكل أوسع وأكبر. ماذا تعتقد أن يحدث حينما تتمايز الفرص، ويتحول الأمر إلى توجيهات وأوامر لفلان أوعلان من الناس دون غيرهم! هذا خلل كبير بدأ يتضح تدريجياً وسيؤدي إلى الهاوية.

ويزداد الأمر سوءاً حين يترافق ذلك مع اختلالات اقتصادية تسببت بها سياسات خاطئة. ارتفع الدولار إلى 225، ورفعت الحكومة السندات إلى 20 في المئة أو ربما أكثر..حتى أن الحكومة اليوم استنفدت كل آلياتها وحلولها الاقتصادية، ولم يعد لديها أي أدوات أخرى للحل.

إذا تطرقنا لمشكلة الكهرباء. لم تستطع الحكومة حلها حتى الآن، مع أن الحل - كما يقال - سهل جداً..هناك من يضع هذه المشكلة كأحد أسباب عوائق الاستثمار في اليمن..ماذا تقول في هذا الشأن؟
على مدى السنوات الماضية، أنا أشعر بالأسى والحزن لحديث الرئيس والحكومة عن قضية الكهرباء وضرورة حلها لتساعد في التنمية وجذب الاستثمارات، لكن ومع ذلك نجد أن المشكلة مازالت قائمة حتى اليوم. هذه المشكلة أكبر دليل على سوء الإدارة، وهي بحاجة أولاً إلى إرادة وقرار سياسي.

هل من المعقول ونحن في القرن الواحد والعشرين فيما لا زالت مشكلة الطاقة بالنسبة لنا تعتبر مشكلة كبيرة؟ وهل يعقل أننا مازلنا مستمرين بالتعامل مع حلها عبر استئجار أربع أو خمس محطات تتبع شركات خاصة و بعض التجار، يجنون منها مبالغ كبيرة جداً، وفق عقود سنوية تصل إلى ثلاث أو أربع سنوات..! مع أنه بالإمكان شراء محطات جديدة للدولة بقيمة الإيجار..! ألا يعني بقاء الأمر على ما هو عليه هكذا منذ سنوات، أن هناك فساداً كبيراً وعمولات ولوبيات لا يعنيها أمر الوطن بقدر ما تعنيها مصالحها الخاصة عبر جني الأموال بهذا الشكل، مع أننا لدينا غاز ..! هذا شيء يدعونا للخجل.. ولكن من تنادي؟

أين هيئة مكافحة الفساد من هذا كله؟
هذه الهيئة أعتقد أنها ولدت ميتة. فهي لا تمتلك صلاحيات واسعة للقيام بدورها، وفاقد الشيء لا يعطيه. لم نر ولا حتى واحداً من حيتان الفساد الكبار يحاكم. ربما أن الصلاحيات التي يمتلكونها لا تتجاوز محاسبة ومساءلة الفاسدين الصغار. مع أن الأمر واضح، فقط لو فعلت مسألة الذمة المالية، ثم بعد عامين مثلاً، تسألهم: من أين لكم هذا؟ لوجدت الكثير مما تقوم به.

لكن ربما يعرف الكثيرين أن إنشاء هذه الهيئة جاء فقط كديكور لإرضاء البنك الدولي وتنفيذا لمطالب بعض الدول والمنظمات المانحة..لكن طالما وأنها لا تمتلك تلك الصلاحيات وليس لديها برنامج وآليات محاسبة حقيقية فإنها ستعتبر في إطار الفساد القائم، فقط عبء إضافي ورواتب ومقر وأثاث وموظفين وغيره..

لا للهجرة، وأفكر بمحكمة دولية للتعويض
لا حكومة، ولا قضاء ولا هيئة فساد، ولا حتى الدول القوية الداعمة للإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية يمكنها أن تساعد على إيجاد الحلول..طالما والأمر كذلك، ألا تفكر بنقل استثماراتك للخارج، كما فعل البعض – بما فيهم مسئولون ونافذون - كما يقال خلال السنتين الأخيرتين؟
لا. أنا لا أؤمن بمثل هذا الحل منذ فترة طويلة. مع أني تلقيت عروضاً بهذا الخصوص أكثر من مرة وخصوصاً أثناء المضايقات التي تعرضنا لها أنا وأخوتي خلال الأعوام الأخيرة من اختطافات ومحاولات قتل وغيره..

يبدو أن هناك سبباً أو ربما أسباباً تقف وراء تمسككم بمثل هذا القرار؟
أنا كغيري من المستثمرين أؤمن أن بلادنا بيئة طاردة وليست جاذبة. فالمستثمر جبان ولا يعرف وطناً. وعندما يسمع عن اختطافات وقتل واضطرابات وتوترات، ومحاكمات وأحكام غيابية، وقتل، وطيران يقصف ويقتل خارج القانون، و و .. الخ فمن سيجازف ويأتي للاستثمار؟!

إلا أن السبب الرئيسي لرفضي نقل استثماراتي للخارج، أني مع ذلك كله، أؤمن أن اليمن ما تزال خام أو غابة مليئة بالأشجار، ولا تزال فرص الاستثمار فيها قوية جداً ومجدية أكثر من غيرها في كثير من الدول، وهذا الكلام أقوله من تجربة ومعرفة مقارنة بدول الخليج كلها..فقط نحن بحاجة إلى تفعيل القوانين الحالية الجيدة، إلى جانب إضافة بعض القوانين الأخرى التي تعمل على تشجيع المستثمر الداخلي، وجذب الاستثمارات الخارجية إلى الداخل. هذا إلى جانب ما قلته وأكدته وما زلت أؤكد عليه، أننا بحاجة إلى أمن واستقرار. وهذه الأمور ليست صعبة، فهي بحاجة إلى إرادة سياسية قوية وتقديم مصلحة البلاد على المصالح الشخصية.

إذن، طالما والحال كذلك، يبدو أنه لم يتبق أمامك إلا حل واحد: الاستعانة بالمحاكم الدولية، فهل هذا ممكن؟
بالفعل، فأنا حالياً أدرس الأمر مع بعض المحامين الدوليين حول إمكانية رفع قضايا بتعويضات لأكثر من 100 مليون دولار..

بالنسبة لما منيت به السياحة؟
السياحة وبقية أعمالنا التجارية.. ذلك لأن الاختلالات الأمنية ليس لنا يد فيها، وهي خارجة عن إرادتنا..ليس لنا علاقة بها، ويفترض بالدولة في مثل هذه الحالات أن تدعم القطاع الخاص وتساعده. يفترض بها أن تعوضه عن خسائره، وتدعم القطاع الخاص بالأموال. ما المانع أن تخصص الدولة 200 أو 300 مليون دولار لدعم القطاع الخاص في سبيل إنعاش الاستثمار. سواء استثمار جديد أو الموجود..!

هل تعرف أن إجمالي تكلفة الفساد في الوطن العربي، يصل إلى أكثر من 60 مليار دولار، وطبعاً بينها اليمن. إلى من نلجأ؟ نحن حالياً كمستثمرين نحاول البحث عن ممولين دوليين، لأننا عندما نبحث عن ممولين محليين، فإننا لا نحصل على فلس واحد عبر البنوك المحلية. فالبنوك الموجودة في البلاد كلها عبارة عن تكتلات أسرية تسيطر عليها وتأخذ أموال المودعين وتتصرف بها وتستثمرها كيفما تشاء وحيثما تشاء..

الأسبوع الماضي التقى وزير الصناعة والتجارة بممثل صندوق النقد الدولي، ناقش معه سبل وإجراءات انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية نهاية هذا العام..هل سيساعد هذا الانضمام على إيجاد حلول لمثل تلك المشاكل من خلال الإجراءات والشروط التي سيتوجب على بلادنا القيام بها في الجوانب والقوانين الاقتصادية، لتسهيل انضمامها..؟
هذا أمر مطلوب ونحن نتمنى أن تنظم بلادنا للمنظمة، لكن أعتقد أن هناك سلبيات إلى جانب إيجابيات انضمام بلادنا. فاليمن تعتبر سوق مفتوحة، ونحن لا نصدر شيئاً بل نستورد، وصناعاتنا عبارة عن تعبئة فقط ولا توجد لدينا صناعات استراتيجية ، لكن نتمنى أن تكون لدينا صناعات استراتيجية وقوية في المستقبل..

في نهاية اللقاء هل هناك ما تريد إضافته؟
أوجه نداء لفخامة رئيس الجمهورية أن يعطي مزيداً من الاهتمام للاقتصاد والتنمية، فهذا هو المخرج الوحيد لليمن. وأن يخلق استراتيجية فعالة لمشاركة الآخرين. كما أتمنى على شركاء العمل السياسيين - المؤتمر وأحزاب المعارضة - الجلوس مع بعضهم للحوار والتوصل إلى حلول شاملة لإنقاذ البلاد. وأنا أؤمن أنهم سيصلون إلى تلك الحلول، لأني أدرك أن الرئيس لديه حكمه ومليء بالمفاجآت، وعليه أن يستخدم حكمته تلك، لأن البلد لم تعد تتحمل المزيد من الاضطرابات أو حتى إبقاء الأوضاع الحالية على ما هي عليه بدون حلول جذرية.

وبالمقابل يتوجب على المعارضة أن تواصل تعاملها بعقلانية مع الأحداث. وأنا مازلت أعتبر أن المعارضة عقلانية حتى الآن. مع أني شخصياً مستقل لا أنتمي إلى أي حزب ولكن تربطني علاقات بالمعارضة ربما أكثر مما يربطني بالحزب الحاكم..

لماذا؟
= ربما لأن المعارضة على الأقل تستدعي القطاع الخاص للمشاورة وتناقش معهم قضاياهم وتستشيرهم حول الحلول وغيره. أما الحزب الحاكم فهو لا يستدعي أحداً، ربما إلا بعض من يريدهم فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.