يبدو أن وزارة الصحة قد استنفدت أغراضها وانتهى عمرها الافتراضي بقيادة الوزير راصع! ، فالوزير المعني مشغول بمناصبه الدولية والإقليمية وكثرة سفرياته ورحلاته الخارجية ، حتى أصبح عبئاً على الوزارة، وسقطت الصحة في هوة عميقة لن تستطيع الخروج منها إلا بإقالة الوزير راصع وبصورة عاجلة وسريعة. فكل الويلات والأوبئة تكاد تفتك بالمواطنين في عدن وهو مشغول بأموره الخاصة، فهل يعقل أن محافظة كمحافظة عدن بثقلها السياسي والاقتصادي والتاريخي لا يوجد في مستشفياتها الحكومية جهاز واحد لتشخيص حمى الضنك!. قبل أشهر كانت حمى الضنك تنتشر بصورة مخيفة في محافظة تعز، حتى قرر بعض أعضاء مجلس النواب إعلانها محافظة منكوبة، والوزير أذن من طين وأخرى من عجين ، والآن جاء الدور على محافظة عدن، وهنا أرى أنه ليس من الإنصاف إلقاء اللوم على مكتب الصحة في عدن أو غيرها من المحافظات كأبين مثلاً ، لأن الجميع يعرف أن تلك المكاتب صورية وميزانياتها محدودة، فالآمر الناهي وزير الصحة لا غير ، لذلك يجب أن يخاطَب ويقاضى شخصياً بدل مقاضاة مكاتب الصحة في المحافظات.
في زيارة استطلاعية لي لبعض مستشفيات عدن كمستشفى 22 مايو بالمنصورة ومستشفى الجمهورية، وجدت أقسام تلك المستشفيات مكدسة بأجساد بشرية محطمة معظمها بحمى الضنك، وبعضها حالات يشتبه بإصابتها بالمرض، وعند السؤال قيل لي: تم ترقيدهم من باب الاحتياط ، حتى أن أحد المرافقين لمريض شكا من زحمة المرضى، وتم تحويله من مستشفى الجمهورية لعدم وجود أسرة كافية فاضطر لوضع مريضه في قسم الطوارئ حتى يجد له سريراً! . الوضع مأساوي بصدق في محافظة عدن خاصة ، ولكن تعامل الوزارة ممثله بوزيرها غير مسؤول بالمرة، ومسألة عدم الجدية في محاربة المرض في عدن واردة وواضحة جداً، فالمرض ينتشر في المحافظة ويتمدد إلى المحافظات المجاورة لها منذ أكثر من شهر، والوزارة إجراءاتها في محاربة المرض تمشي مثل السلحفاة (إن مشت أصلاً)!! .
قد تصنّف حمى الضنك بأنها ليست من الأمراض الخطرة في بعض البلدان ، ولكن في بلد مثل اليمن الأمر خطير جداً ، فهي تتطلب عناية ومتابعة دقيقة ، ومستشفياتنا تفتقر لكثير من المستلزمات الطبية لمكافحة ذلك المرض، والوزارة بتجاهلها أوضاع المستشفيات الحكومية تزيد من معاناة المواطن اليمني الذي لا يستطيع توفير حبة أسبرين فضلاً عن توفير متطلبات معيشته الضرورية.
ما يحزن ويؤلم في مسلسل الصحة الطويل في اليمن أن أمراضاً مثل الملاريا والتيفوئيد وحمى الضنك ، أصبحت في بلدان الجوار من أحاديث الماضي وذكرياته، ولكن المواطن اليمني المسكين ما زالت تقتله هذه الأمراض «التقليدية»، إن جاز التعبير، ولا عزاء للبؤساء! . المصدر أونلاين