توجت المملكة السعودية تقاربها مع العراق بمجلس اقتصادي تنسيقي مشترك اطلقه رسميا في الرياض الاحد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. وجرى الاحتفال بانطلاق أعمال "مجلس التنسيق السعودي العراقي" بحضور وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون الساعي الى اظهار قدرة الولاياتالمتحدة على التاثير في سياسات المنطقة في مواجهة نفوذ ايران.
وقال الملك سلمان امام العبادي والوفد الوزاري الكبير المرافق له ان "الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة".
واضاف "إننا نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا مما يستدعي منا التنسيق التام لمواجهة هذه التحديات".
وجرى خلال الاجتماع التوقيع على محضر تأسيس "مجلس التنسيق السعودي العراقي"، ووقع عن الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار ماجد بن عبدالله القصبي، وعن الجانب العراقي وزير التخطيط سلمان الجميلي.
وجاءت الخطوة في إطار التقارب الذي بدأ مؤخرا بين بغدادوالرياض، بعد قطيعة دامت نحو 27 عاما.
وقطعت السعودية علاقاتها مع العراق عقب اجتياح الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت في العام 1990. واستمر التوتر بين البلدين خصوصا خلال تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية على مدى ثماني سنوات.
لكن آثار التقارب بدأت تتضح مع افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية في آب/أغسطس الماضي، وصولا إلى قيام شركة الرحلات السعودية الاقتصادية "طيران ناس" (فلاي ناس) بداية الأسبوع الحالي، بأول رحلة تجارية بين الرياضوبغداد منذ 1990.
وكان العبادي زار السعودية في حزيران/يونيو الماضي، بعيد زيارة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد للمرة الأولى لوزير خارجية سعودي منذ 14 عاما.
ورأى رئيس الوزراء خلال الاجتماع الاحد ان المنطقة "لا تحتمل المزيد من التقسيم ولا استمرار النزاعات"، داعيا الى "إنهاء النزاعات المسلحة ووقف سياسات التدخل في شؤون الآخرين من أجل مصلحةٍ خاصةٍ لهذه الدولة أو تلك، والبدء بمرحلة جديدة من التعاون الشامل والتكامل الاقتصادي المشترك".
وقالت وزارة الخارجية السعودية ان العبادي التقى على هامش اطلاق أعمال المجلس المشترك ولي العهد الامير محمد بن سلمان وبحث معه "العلاقات الثنائية ومستجدات الأوضاع في المنطقة، والجهود المشتركة في مكافحة الارهاب".
وتعمل السعودية ومن خلفها الولاياتالمتحدة على الحد من نفوذ ايران في المنطقة، خصوصا في ظل السياسة المتشددة التي يتبعها الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مواجهة الجمهورية الاسلامية.
وتتمتع ايران، الخصم الاكبر للسعودية، بنفوذ كبير في بغداد منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين على ايدي القوات الاميركية في العام 2003. وتسعى الرياض الى مقارعة هذا النفوذ.
وقالت وكالة الانباء الرسمية السعودية ان المجلس المشترك الجديد يؤسس لمرحلة "طموحة من العمل التجاري والاقتصادي والاستثماري غير المحدود" على ان يشكل "حجر الأساس في العمل والتخطيط المتوسط والبعيد المدى".