لا مجال لأنصاف الحلول ولا مكان للمفاجآت لأنها تعني الوداع والندم على ما فات لا ينفع الوصول لهذا الدور لاشك في أنه إنجاز لكن الخروج لن تكون عواقبه سهلة على جمهور المنتخبين الأورغوياني الحالم باستعادة أيام الأمجاد الغابرة وهولندا العازمة على كتابة سطر جديد خالد على جدار الزمن المونديالي. أن تصل لهذا الدور فلاشك في أنك سجلت إنجازاً يذكره التاريخ وإذا كانت هولندا تبقى من المنتخبات المرشحة قبل انطلاق المونديال فإن تأهل الأورغواي مع كامل الاحترام لتاريخها يعتبر مفاجأة أضيفت لمفاجآت هذا المونديال الكارثي بالنسبة للعديد من الكبار على خارطة الكرة العالمية.
المنتخبات اللاتينية التي هيمنت على دور المجموعات والدور الثاني تساقطت كورق الخريف في ربع النهائي وكل ما تبقى منها منتخب السيلستي بعكس القارة العجوز التي تأهل ممثلوها الثلاثة عن جدارة واستحقاق وبالتالي باتوا الأقرب لتسطير إنجاز لم يسبق تحقيقه من قبل، وهو الفوز باللقب خارج القارة وبالتالي استعادة زمام المبادرة للمرة الأولى منذ مونديال 1954.
جاهزية وغياب الكتيبة الهولندية على أهبة الاستعداد حيث ثبت جاهزية فان بيرسي وروبن وماتيسين والأخير صرح أن اللعب في نصف النهائي حلم في الوقت الذي يغيب فيه فان ديرفيل ودي يونغ للإيقاف وأياً كانت الأسماء الهولندية فإن التاريخ المونديالي علمنا أنهم أقوياء وأشداء وقادرون على صنع الفارق أينما حلوا، وعلى الجانب المقابل ستعاني الأورغواي من غياب سواريز وفوسيلي للإيقاف والخوف كل الخوف أن يغيب القائد لوغانو صخرة الدفاع المتعطش حسب تصريحاته لتحقيق المجد بعد أن كبر الحلم وزال الضغط.
بطل ووصيف المباراة تجمع بطل العالم مرتين مع وصيف العالم مرتين، الأورغواي توجت 1930-1970 في مشاركتيها الأوليين وهولندا خسرت النهائي 1974 و1978 وتمتاز الأورغواي أيضاً بوصولها لنصف النهائي مرتين 1954 و1970 بينما هولندا وصلت مرة أخرى وكان ذلك 1998 عندما اصطدمت بالجدار البرازيلي.
هولندا لم تهزم في مبارياتها ال24 الأخيرة تحت قيادة مارفيك ولا نتوقع أن تقدم شوطاً أسوأ من الذي قدمته أمام البرازيل ومع ذلك اختلفت الأمور سريعاً وعادت الأمور إلى مجاريها خلال 45 دقيقة والأورغواي خاضت خمس مباريات في مونديال واحد دون هزيمة وهذا لم تحققه من قبل رغم أنها كانت صاحبة الطريق الأطول للوصول للنهائيات بخوضها 20 مباراة ورغم أنها كانت قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة أمام غانا لكن الكرة أحبتها وتعاطفت مع تاريخها.
أفضلية هولندية الطريقة التي تأهلت بها الأورغواي على حساب غانا تجعل جمهور القارة السمراء يتعاطف كل التعاطف مع هولندا لذلك سيلقى لاعبو الأورغواي استقبالاً عدائياً في كيب تاون وهذا سلاح ذو حدين. ولكن العداء الجماهيري لا يزعج تاباريز مدرب الأورغواي بقدر ما يزعجه ويخيفه المنتخب البرتقالي الزاخر بالمواهب القادرة على صنع الفارق.
يقول تاباريز: الهولنديون فريق رائع وهو أفضل منتخب غير متوج. ومن وجهة نظرنا أن المنتخب الذي أطاح بسحرة السامبا عنده الإمكانيات والمعنويات لإضافة الأورغواي إلى ضحاياه كما حدث في مونديال 1974 عندما هزم أسياد القارة اللاتينية أبطال المونديال في مونديال واحد.
والمدرب مارفيك يحسب حساباً لخصم النهائي أكثر من الأورغواي معتبراً أن اللقاء الأصعب لم يأتِ بعد. وما يعطي الأفضلية لهولندا أيضاً أن الأورغواي لعبت شوطين إضافيين في ربع النهائي وربما تكون مرهقة.
مدرستان مختلفتان المدرسة الأورغويانية تعتمد المهارة والثقة العالية بالنفس والكبرياء بأرض الملعب والتمرير القصير والقتالية على كل كرة ولو تطلب الخشونة الزائدة فمعروف عن الأورغواي أنها الأخشن بين كل المنتخبات اللاتينية.
بينما المدرسة الهولندية تمتلك اللاعبين المتفاهمين المتجانسين الموهوبين والنزعة الهجومية والحلول الكثيرة والرغبة في التقدم والأهم ارتفاع المعنويات بعد الإطاحة بالبرازيل وعدم المبالغة في الاحتفال بعد الإطاحة بدونغا وتلامذته حيث اعتبر اللاعبون الهولنديون أن الاحتفال لم يحن أوانه رغم الفوز على البرازيل.
وجهاً لوجه اللقاء المونديالي الوحيد بينهما كان في مونديال 1974 وفاز مخترعو الكرة الشاملة حينها بهدفين في افتتاح مبارياتهما في ذاك المونديال وردت الأورغواي في بطولة العالم المصغرة التي استضافتها 1980 بالنتيجة نفسها .
وتحتفظ الأورغواي بذكريات طيبة أيام الذهب الأولمبي 1924 و1928 حيث كانت هولندا في المناسبتين إحدى ضحايا السيلستي في نصف نهائي 1924 بهدفين لهدف وفي الدور الأول 1928 بهدفين.
الأوروبيون واللاتينيون 29 مباراة مونديالية جمعت الأورغواي مع الأوروبيين وفازت ثماني مباريات مقابل ثمانية تعادلات وخسرت 13 مباراة آخرها أمام الدانمارك 1/2 بمونديال 2002. 10 مواجهات جمعت هولندا مع اللاتينيين وفازت بخمس مقابل ثلاثة تعادلات وهزيمتين.
التوقيت والصافرة تنطلق المباراة في التاسعة والنصف بصافرة الأوزبكي المتألق ايرماتوف الذي أوصل مباراة ألمانيا والأرجنتين إلى بر الأمان.