تطوي جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية عشرين عاماً من العطاء المتواصل في مجال العمل الخيري والتطوعي والإغاثي، حيث تحولت إلى المؤسسة الخيرية الأكبر، والأكثر نشاطاً في اليمن. واستطاع مجموعة من المتطوعين في ربيع العام 1990 تأسيس ثقافة العمل التطوعي والخيري في اليمن، بتأسيس جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية، لتكون بذلك الأولى في العمل الخيري باليمن، وتزامن ذلك بعد أسابيع من إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة.
كانت البداية شاقة بالنسبة للمؤسسين، فتوفير إيجار للشقة التي كانت مقراً للجمعية والبالغ 5000 ريال كان أمراً صعباً حينذاك، لكنها الآن تحتفي من خلال 23 فرعاً في مختلف أنحاء الجمهورية، و360 لجنة، بينما وصل متطوعوها إلى 14 ألف متطوع، عدا لاكتسابها ثقة الدولة والداعمين والمحتاجين على حد سواء، حسب تعبير وزير الأوقاف والإرشاد.
ثمرة للوحدة القاضي حمود الهتار الذي اعتبر الجمعية ثمرة من ثمار الوحدة، ونسمة من نسمات الحرية التي جاءت بها، قال إنها نقلت العمل التطوعي الفردي إلى جماعي ومن العمل الشطري إلى العمل الوحدوي، وقدمت خلال 20 عاماً نموذجاً متميزاً للشراكة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وساهمت من خلال مشاريعها في مجالات التنمية المتعددة في البلد.
وبارك للقائمين عليها والداعمين لها خلال مسيرتها السابقة، مهنئاً إياهم بما حققوه من إنجازات ومشاريع خلال السنوات الماضية، وداعياً في الوقت ذاته الجمعيات الخيرية الأخرى إلى أن تحذوا حذو جمعية الإصلاح في المشاريع المشتركة، وعملها الدءوب وفق نظم مؤسسية ومهنية.
وأكد القاضي الهتار على دعم رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح الدائم لجمعية الإصلاح "حتى تتمكن من مواصلة سيرها وأنشطتها في مجالات الخير التي شملت كل جوانب التنمية في المجتمع".
وشكر الهتار في كلمته التي ألقاها نيابة عن راعي الحفل رئيس الجمهورية، الداعمين من دول مجلس التعاون الخليجي على تعاونهم وبذلهم في سبيل دعم المشاريع الخيرية في اليمن، وقال إن بعض رجال الأعمال الخليجيين آثروا اليمنيين في بعض المشاريع على دولهم.
وأشاد بدور جمعية الإصلاح في ترسيخ قيم الوحدة اليمنية، مؤكداً على ضرورة أن تقوم منظمات المجتمع المدني بدورها في ترسيخ الوحدة والحفاظ عليها والدفاع عنها. حد تعبيره.
تحولات نوعية بدوره، استعرض القاضي مرشد العرشاني رئيس الجمعية مراحل تأسيسها كأول مؤسسة خيرية في البلد وتحولاتها النوعية خلال العشرين سنة الماضية، ودورها في إيصال أصحاب الأيادي البيضاء من الداعمين، بالمحتاجين.
وثمّن الدور الذي بذله المؤسسون آنذاك وفي مقدمتهم الدكتور طارق سنان أبو لحوم والدكتور حميد زياد.
وقال رئيس الجمعية إننا نحتفل اليوم بذكرى تأسيس العمل الخيري والإنساني الذي يرسم البسمة على وجوه الفقراء والبائسين، ويهذب النفس، ويقي الشح، وينمي الروح الإنسانية، والعمل الجماعي والمشاعر الجميلة، ويعزز التكافل الاجتماعي، ويسهم في البناء الداخلي للأمة، ويحد من الفساد الأخلاقي الذي يسببه الفقر، بل اعتبره دليلاً لتقدم ورقي المجتمعات.
وأكد على أهمية العمل الخيري من خلال الجمعيات والمؤسسات الأهلية، معتبراً إياه عاملاً مهماً في تقوية سيادة الدولة، والمحافظة على هويتها واستقرارها السياسي، لما توفره من عمل تشاركي جماعي، يسد من نقص الخدمات في المجتمع.
وأشار القاضي العرشاني إلى أن الجمعية ومنذ الوهلة الأولى لتأسيسها اعتمدت الشفافية والتخطيط والتطوير منهجاً لها، وغطت كل المحافظات من خلال 23 فرعاً، بينما وصلت لجانها إلى 360 لجنة، ووصل عدد متطوعيها إلى 14 ألف متطوع.
ثقة عالمية وقال إنها بنت علاقات متميزة مع المنظمات داخل اليمن وخارجه، ما أهلها لنيل عضوية المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة، وعضوية إدارة المعلومات العامة للمنظمات غير الحكومية بالأمم المتحدة، كما حصلت على عضوية العديد من الشبكات العربية في العمل الخيري والتطوعي، وحصلت كذلك على شهادة الجودة العالمية آيزو 9001 لعام 2008.
وأضاف رئيس الجمعية أن الجمعية انتقلت من إطار تقديم الإعانات العينية للأسر الفقيرة، إلى تبني المشاريع التنمية المستدامة، معتمدة في ذلك قيم المهنية والشفافية.
وناشد العرشاني كل المعنيين للتعاون، بغرض القضاء على ظاهرة التسول في اليمن، التي اتجهت للاتساع وشوهت صورة الوطن، ولذلك بإيجاد مراكز تدريب للمتسولين وتأهيلهم وإدماجهم في العمل بدلاً من مد اليد المهين.
ووجهة في كلمته عدداً من الرسائل، حث فيها القادة وأصحاب القرار على دعم العمل الخيري والنظر إليه دون تحيز، كما دعا التجار ورجال الأعمال إلى البذل والعطاء لأصحاب العمل الخيري، فيما دعا جميع مؤسسات العمل الخيري إلى إتقان العمل وضبط التصرف والتنسيق والتكامل والتعامل فيما بينها بما يمنع التكرار. ودعا في رسالته الأخيرة رجال الإعلام إلى العمل على ترسيخ العمل التطوعي والخيري في المجتمع.
أول رئيس للجمعية الدكتور طارق سنان أبو لحوم تحدث عن البدايات الأولى للتأسيس، وأرجع الفضل بعد الله تعالى إلى القاعدة العريضة التي ساندت الجمعية، فيما اعتبر جهد الجمعية آنذاك تنسيقياً فقط.
وأبدى أمله في أن تستمر الجمعية في نموها وأن لا تصل إلى "مرحلة الشيخوخة" لأن بعده الانكسار، وإنما إلى النماء والتوسع في مجالات الخير المتعددة.
وقال الدكتور أبو لحوم "كنا نجد عند التأسيس صعوبة في توفير 5 ألف ريال إيجار الشقة التي كانت مقراً لها"، مشيداً بدور رئيس الجمهورية المساند للجمعية في مشاريعها، والدور الكبير للمتبرعين من خارج اليمن وداخله الذين كانوا سنداً أساسياً في الجمعية.
وأضاف أن جمعية الإصلاح كانت تستحوذ على اهتمام الدولة بسبب كونها الأولى في العمل الخيري بالجمهورية، لكن الآن هناك العديد من الجمعيات، فيما كان لجمعية الإصلاح السبق في تأسيس وترسيخ ثقافة العمل الخيري في البلد.
عمل مبارك وألقى كلمة الضيوف الشيخ سلطان القاسمي، بارك فيها لليمن ولليمنيين هذا العمل المتمثل في جمعية الإصلاح. وقال: "إن الرسالة التي تبنها الجمعية عظيمة، وإنها لمناسبة عظيمة أن نحتفل بهذه الرسالة".
وأضاف الشيخ القاسمي القادم من دولة الإمارات "نحتفل اليوم بإنجاز أعظم من إنجاز صناعة طائرة أو سيارة، وإنما برسالة موجهة لبناء الإنسان الذي يصنعها ويصنع الحضارات".
وتابع: "المهمة عظيمة، وتحتاج إلى حب وبذل وتضحية، وهي ما هو عليه أهل اليمن".
وأشاد القاسمي بتعاون الجمعية مع الحكومة لإنجاز مشاريع عظيمة، مؤكداً انه لا يمكن أن ينجزها شخص بمفرده، وإنما بتكاتف الجميع، مؤكداً أن اليمن بحاجة ماسة إلى الجمعية.
وقال "إن التاريخ كتب عن صلاح الدين الأيوبي أنه حرر بيت المقدس، لكن صلاح الدين لم يكن إلا عنواناً لكتاب تحتوي فصوله على العلماء والمجاهدين والصنّاع والأسرة المسلمة، بينما هناك كتاب آخر عنوانه "اليمن" سيثمر بإذن الله تعالى.
وألقت الطفلة اليتيمة خلود السياغي كلمة المستفيدين من خدمات الجمعية، بدأتها بأبيات شعر شعبي رحبت فيه بالحاضرين. وتحدثت عن تحولات الجمعية وإنجازاتها العظيمة التي تسعى إلى تحقيقها من خلال التنمية المستدامة، وتحويل الأيتام من أطفال عاديين إلى مبدعين ومنتجين، وتحويل الأسر كذلك إلى أسر منتجة في المجتمع.
وحضر الفعالية التي أقيمت بقاعة رئيس الجمهورية في مؤسسة اليتيم التنموية، صباح اليوم الخميس، عدد كبير من أعضاء مجلس النواب والشورى، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمانحين العرب والأجانب.
وتخلل الحفل فقرات فنية مميزة، حيث قدمت زهرات الجمعية أوبريتاً غنائياً ولوحة استعراضية بعنوان 20 عاماً من العطاء، فيما قدم الفنان الأردني أيمن الحلاق أغنية خاصة بالجمعية، وقدم الفنان الكويتي أحمد الهاجري أغنيتين بمشاركة زهرات الجمعية.
تكريم للخيّرين وفي ختام الحفل منحت جمعية الإصلاح الاجتماعي درع الجمعية لرئيس الجمهورية، تقديراً لرعايته ودعمه لأنشطة الجمعية منذ وقت مبكر، كما منحت الدرع لوزارة الأوقاف وإرشاد، ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ولأبرز مؤسسيها د.طارق أبولحوم ود.حميد زياد.
كما كرمت عدداً كبيراً ممن ساهموا في دعم الجمعية طوال عشرين سنة من العطاء، في مقدمتهم مؤسسة قطر الخيرية والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، ومؤسسة الرحمة للأعمال الخيرية، وبيت الشارقة، ومنظمات دولية، وسفارات عربية وغربية في صنعاء، بالإضافة إلى تكريم شخصيات اجتماعية ورجال أعمال يمنيين.