حتى الانقلابات التي يشعر التجار أنهم بحاجة لممارستها تنطوي على مصالح خاصة. وحين شعر مجموعة من التجار في اتحاد الغرف التجارية، أن الحاجة باتت ماسة وملحة لإزاحة رئيس الاتحاد محمد عبده سعيد من موقعه، كانت مصالحهم الخاصة هي التي تقودهم - بالأساس – لتنفيذ عملية الانقلاب تلك. يؤخذ على الرئيس الشرعي للاتحاد، تواطؤه مع الجانب الحكومي بخصوص مجموعة من الإصلاحات الضريبية، كان التجار قد قادوا حملة ناجحة في وقت سابق لإجهاضها، بينما ظل رئيس الاتحاد يرفض الاستجابة لدعوات زملائه في مواصلة رفع دعوى قضائية ضد الحكومة بشأن ضريبة المبيعات. تفيد المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة من مصادر في اتحاد الغرف التجارية، أن يحيى المتوكل - وزير الصناعة والتجارة - تورط في دعم التوجه الانقلابي للتجار، بعد أن حضروا إليه الأسبوع الماضي، ومنحهم إحدى غرف الوزارة لإدارة العملية، التي بموجبها أعلن عن انتخاب التاجر المعروف أحمد أبوبكر بازرعة رئيساً للاتحاد، بدلاً عن زميله محمد عبده سعيد. لكن بازرعة (عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بأمانة العاصمة)، تفيد المعلومات، أنه ليس عضواً في مجلس إدارة الاتحاد، بحسب تأكيدات أحد التجار في تصريحات خاصة أوردها للصحيفة بهذا الخصوص. وهو [بازرعة] مازال يرفض التعليق على تلك العملية لوسائل الأعلام حتى الآن. كان الدكتور علي مجور، رئيس الوزراء – بحسب أحد المصادر المطلعة – وجه قبل أيام رسالة شديدة اللهجة لوزير الصناعة، طالبه فيها بإلغاء كافة الإجراءات التي سارت بالمخالفة للقانون رقم 28 لسنة 2003، غير أن الوزير لم يبد أي تجاوب مع الرسالة حتى الآن، الأمر الذي يؤكد رغبته في منح الانقلاب صفة شرعية – حسب تصريحات المصدر ذاته. وبعد ظهر أمس الاثنين، عقد "مجور" اجتماعاً خاصاً مع قطاع التجار، لمناقشة مجموعة من الإشكالات القائمة بين الحكومة والتجار. وأكد المصدر أن الاجتماع انتهى باتفاق مع القطاع الخاص على عدة أمور. منها: أن يتم تطبيق ضريبة المبيعات بنسبة (10%) ولكن عند المنافذ الجمركية، مع تحسين السعر الجمركي. وشكلت لجنة مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص، لتقديم دراسة خاصة حول "تحسين السعر الجمركي" بما يتناسب مع الأسعار السائدة في السوق. كما ترك الاتفاق الخيار للتجار الذين يريدون تطبيق قانون ضريبة المبيعات المقر، أي بخصم نسبة 5% ضريبة مبيعات، مع التزام كافة إجراءات القانون المرافقة. ويعتبر هذا الاتفاق الأخير حلاً وسطاً بين الطرفين، كون بعض التجار الذين عارضوا قانون ضريبة المبيعات، كانوا يعربون عن قلقهم، ليس من النسبة المحددة للضريبة في القانون، وإنما من تعرض حساباتهم التجارية للانكشاف. على أنهم كانوا مستعدين للقبول بخصم نسبة أكثر من المحددة بالقانون ولكن في الموانئ، وليس بكشف الحسابات بشكل دوري. وبحسب المصدر، فإن الاتفاق نص أيضاً على العمل بقانون ضريبة الدخل الذي أعد من قبل لجنة شكلت سابقاً بهذا الخصوص من كل من الحكومة والقطاع الخاص، وذلك بحيث تكون النسب الضريبية كالتالي: 15% ضريبة أرباح استثمارية، و20% ضريبة على الأنشطة التجارية. ويقول المصدر أن الاتفاق الذي سيبدأ تطبيقه من بداية الأسبوع القادم، لن يشكل أي عبئ إضافي على المستهلك. وبحسب الأرقام التي أطلعنا عليها المصدر، فإن غالبية التجار ظلوا يتهربون من دفع الضريبة المستحقة عليهم، طوال فترة الخلاف الماضية، وهو ما أدى إلى وصول الفاقد الضريبي حداً كبيراً وصل إلى 600 مليار ريال سنوياً. وفي الموازنة العامة للدولة لعام 2009، حددت الإيرادات الضريبية بمبلغ 395 مليار، و640 مليون ريال. بينما لو طبق القانون الضريبي كما يجب – وحتى بدون خصم ضريبة المبيعات – فإن المبلغ الحقيقي للإيرادات الضريبية السنوية كان يجب أن يصل إلى تريليون ريال. وتكشف الأرقام الضريبية للعام المالي 2007 أن الضرائب المسحوبة على الأرباح للمؤسسات وشركات الأشخاص، لم تتجاوز 512 مليون ريال خلال العام، وهو رقم صغير جداً، إذ تصل نسبته إلى إجمالي الضرائب على الدخل حوالي 0,4 % فقط. وعلى ضوء ذلك، يؤكد المصدر، أن تلك الأرقام، تكشف المصلحة الخاصة التي يتوخاها التجار من إحداث عملية الانقلاب الأخيرة على رئيس اتحاد الغرف التجارية، الذي عرف بعدم رفضه للإجراءات الحكومية بخصوص تنفيذ قانون الضرائب. وكان في وقت سابق وقع اتفاقاً مع مصلحة الضرائب، يقضي بتطبيق ضريبة المبيعات، شريطة إحداث تعديلات في قانون ضريبة الأرباح، بحيث يسير التنفيذ بشكل متواز. وفيما يبدو أن الاتفاق الأخير بين الحكومة والقطاع الخاص أمس أفضى إلى النتيجة ذاتها، مع تعديل بسيط بخصوص ضريبة المبيعات، وهو أن يترك الخيار للتاجر: إما أن يدفع نسبة 10% على ضريبة المبيعات في المنافذ الجمركية، أو يطبق القانون بنسبة 5% بآلياته وتفاصيله.