يتساءل كثر عن حقيقة الدور الذي تضطلع به الإمارات في اليمن، وعلى وجه الخصوص في محافظاتهاالجنوبية، باعتبارها صاحب السطوة الأكبر فيها، ويدين بالولاء لها أغلب القيادات العسكرية والأمنية الجنوبية. وأثار الدور الإماراتي "الضبابي" في المشهد اليمني، وفي معركة تحرير الأرض من مليشيات الإنقلاب، استغراب قطاع عريض من المهتمين والسياسيين المحليين، والمتابعين لتطورات الأوضاع في مختلف الجبهات ضد تحالف (الحوثي – صالح)، ما حدا ببروز قراءات متقلبة تعتمد على الاستنتاج والترجيح والمقارنة، لكنها في الأغلب ترى بأن ثاني أكبر دولة مشاركة في العمليات العسكرية للتحالف العربي تعمل وفق منهجية خاصة، ومصالح ذاتية، تتناقض في منعطفات كثيرة مع مصالح التحالف والقوات الحكومية الشرعية. وعادة ما اتهمت الإمارات بأنها ترعى وبعناية بالغة الحراك الجنوبي، وبفرض قيادات منتمية له في أبرز وأهم مفاصل السلطة في محافظاتالجنوباليمني، في خطوة استباقية لفرض خيار "الإنفصال" كأمر واقع، سواءاً تم استكمال العمليات العسكرية وإزاحة الإنقلاب في صنعاء، أو لم يتم. وفي قراءة مغاير للمشهد تماماً، كشف مصدر في قيادة الشرعية ل "المشهد اليمني" عن لعبة سياسية في غاية الدهاء، تنفذها الإمارات في اليمن، وبتنسيق كامل مع المملكة العربية السعودية، تعاكس تماماً تلك القراءات التي تتهم الإمارات بدعم الانفصال. ويقول المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه أن الإرتماء الجنوبي في المشروع الإيراني الفارسي قبل عملية عاصفة الحزم كان عميقاً، وأن حجم التنسيق بين قادات الحراك الجنوبي وبين ايران كان بالغ الاتساع. ويضيف: لذلك ارتأت الدولتان (الامارات والسعودية) أن التدخل الناجح في جنوباليمن يتطلب في المقام الأول إزاحة البساط الإيراني، حيث تقوم الامارات بتبني خطابات وتوجهات الحراك التي تنادي بالإنفصال، وبشكل شكلي، حتى يتم لها نيل اكتساب ثقة الحراكيين بشكل تدريجي. ويتابع: نجاح الخطة تعتمد في الأساس على كسب ثقة الحراكيين، لذا فإن من تداعيات ذلك دعم قياداته وتسليح فصائله، وإنشاء خط تواصل مباشر معهم، وفتح خزينة الدعم الإماراتي لفتح مشاريع التنمية بشكل واسع في مختلف المناطق الجنوبية. واستطرد: نجحت هذه الخطة بشكل فاق كل التصورات، وفي غضون أشهر قليلة باتت الإمارات صاحبة النفوذ الأوسع في جميع المحافظاتاليمنيةالجنوبية، في ذات الوقت الذي تقلص فيها الدور الإيراني فيها حتى انتهى تماماً. وأضاف: في محاولة لإتقان المشهد افتعلت الإمارات عدة أزمات مع قيادة الشرعية، بغرض التغلغل بشكل أعمق في نسيج الحراك، كما قامت بدعم قيادات جنوبية في محاولتها فرض سيطرتها الأمنية والعسكرية على محافظة عدن خارج إطار الشرعية، هذا فضلاً عن إيعازها لبعض ناشطيها لمهاجمة الرئيس هادي بشكل علني وباستمرار. واستبعد المصدر أن تكون قرارات الرئيس هادي الأخيرة خارج إطار التنسيق بين الملك سلمان ومحمد بن زايد، مشيراً الى أن الإمارات خذلت عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك بعد الإطاحة بهما، واكتفت بتوجيه هجمة شرسة عليه عبر ناشطيها، في محاولة منها للخروج بشكل ملائم وسلس من الصراع المشتعل بين قيادة الشرعية وقيادة الحراك، ودون أن تثير حولها أي شبهات. وما قد يزيد من قوة صوابية هذا الرأي هو ما كشفه تقرير غربي صدر قبل أيام، نقل فيه تصريحات مسئول إماراتي رفيع، والذي قال أن الإمارات والسعودية على دراية كافية بالخطر الذي يمثله خطر انفصال اليمن، ما قد يؤدي الى تكوين جنوب سودان جديد في جنوب الجزيرة العربية، وهو ما سيمثل كارثة على دول الخليج العربية وسيتسبب في اضطراب المنطقة بشكل كبير. وكانت وكالة رويترز قد نشرت يوم الأربعاء الماضي ، تصريحات خطيرة لضابط إماراتي قال أن قيادة بلاده مستاءة من انقلاب قوات يمنية جنوبية تم تدريبها في الامارات، لكنها رفضت المشاركة في عمليات تحرير مدن يمنية شمالية، كما يشير الضابط أيضاً الى أن عدداً من القيادات والقوات الجنوبية انصرفت من معسكراتها دون التنسيق مع بلاده، وذلك بعد أن استلمت مرتباتها.