كشفت بعض الدوائر المالية الغربية بأن ثروات علي عبد الله صالح السائلة وأقاربه تقدر ما بين خمسة وأربعين وخمسة وخمسين مليار دولار وتستند تلك الدوائر في تقديراتها المالية تلك إلى أن علي صالح ركز منذ صعوده إلى السلطة على جمع الأموال من أي مصدر كان وخلال فترة حكمه وقع صفقات كبيرة تمكن خلالها من الحصول على عشرات المليارات من الدولارات وعلى رأسها صفقة تنازله عن ما يقرب من ثلث الأراضي اليمنية للمملكة العربية السعودية وصفقة بيعه للغاز اليمني واختلاس الفوائض النفطية بطرق مختلفة وملتوية . يذكر بأن الرئيس المخلوع كان يتصرف بما يقرب من ثلث موازنة الدولة سنويا تصرفا سفيها وهي ما يطلق عليها في الموازنة ( الإعتمادات المركزية ) ومن خلال هذه المخصصات الخيالية كان يفرخ أحزابا ومشائخ وتجارا يعملون لحسابه وعملات حفلات ترفيهية باذخة وكأننا دولة نفطية .. كما كان يستولي على فوائض أسعار النفط بإسم عجز الموازنة . وكانت مصادر الأممالمتحدة قد أشارت إلى أن نسبة الفقر في اليمن وصلت إلى (81%) من إجمالي السكان عام 2006، وهذا يعكس الوضع المأساوي الذي يعيشه حوالي (18,148,106) نسمة من إجمالي السكان البالغ عددهم (22,685,132) نسمة بنفس العام . والبطالة والفقر المتزايد جاء بسبب الفساد المريع الذي أنتشر بشكل كبير ووصل الى حد النهب المنظم لموارد الدولة وحرمان قطاعات واسعة من المجتمع وبصورة عامة فإن واقع الأحوال الاجتماعية للسكان في اليمن، تزداد سوءا وتخلفا وفقرا وبطالة سنة بعد أخرى، ولا توجد هناك ما يثبت صحة أكاذيب وتضليل البيانات الحكومية، التي لا تكف عن مزاعم منجزاتها العظيمة، بينما الحقائق الدامغة على التدهور المريع لأوضاع السكان يمكن قراءتها من أرقام التقارير التي تؤكد على أن نسبة الأمية في المجتمع اليمن تصل إلى 49%، وترتفع بين أوساط النساء الى 71%. ومن المعلوم أن ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة، كانت من ضمن الدول الرائدة في العالم التي حررت شعبها من الأمية عام 1985م، ولم تكن نسبة الأمية في الجنوب غداة إعلان الوحدة عام 1990 سوى 4% فقط. وما هو أكثر خطورة وظروف مأساوية أن حوالي 42% من إجمالي سكان اليمن لا يتمكنون من الحصول على كامل احتياجاتهم الغذائية وغير الغذائية، المتمثلة بالمأكل والملبس والمأوى والصحة والتعليم والنقل. ويشير تقرير لمنظمة اليونسيف إلى مستوى الرعاية الاجتماعية المتدهورة ومدى الاستهتار الحكومي في تقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية للمرأة الأم والمواليد حديثي الولادة وللأطفال، فتشير البيانات إلى أن (18%) من إجمالي المواليد يولدون في سن مبكرة بالنسبة للام (اقل من 20) سنة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع عدد المواليد من ناحية ،إضافة إلى تزايد المخاطر الصحية على الأم والأسرة، خصوصاً وان (65% )من النساء الحوامل لا تتوفر لهن رعاية صحية. والمتتبع للأوضاع الاقتصادية في اليمن ولحياة اليمنيين وحراك الثروات والأموال بين أيديهم، سيجد بأن العاملين في حقل الاقتصاديات غير المشروعة والذي يشمل التهريب وأولئك الذين ينهبون أموال الدولة أو يختلسون الأموال العامة أو يتعاطون الرشاوي أو يعملون في تجارة الممنوعات أو يتاجرون بأراضي الدولة والأوقاف أو من يعملون بغسيل الأموال كالتجار الذين يتاجرون بأموال المسئولين المنهوبة من خزينة الدولة والبنوك العاملة في استثمار مدخراتهم غير المشروعة هم سادة المشهد الاقتصادي في اليمن وهم اليوم الملتفون حول علي صالح وعصابته ومستعدون أن يرتكبوا الجرائم من أجل بقاءه وبقاءهم . واليمن عبر التاريخ تتمتع بأهم الموارد الاقتصادية وهو المورد البشري والإنسان اليمني إنسان فاعل زرع في الصخور في أعالي الجبال ، حيث حول الجبال الصخرية إلى مدرجات وزرع في تلك المدرجات وعاش من محاصيلها وساعد الشعوب الأخرى وتبادل معها العلاقات التجارية والاقتصادية . وينبغي على المتخوفين من اقتصاد ما بعد الثورة أن لا يقلقوا ، فاقتصاد ما بعد الثورة سيحقق قفزات تنموية كبيرة ، لاسيما إذا وضعت حكومة الوفاق الوطني برامج تكرس الالتزام بمكافحة الفساد الذي كان يلتهم ما يقرب من نصف موارد الدولة المالية((في مطلع 2009م صرح وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي عبد الله الشاطر " بأن اليمن تستطيع أن تتجنب تأثير الأزمة المالية العالمية على موازنة الدولة وحقوق واستحقاقات الموظفين، إذا ألغت السفريات وبدلات السفر التي تصل إلى ما يقرب من 50% من الموازنة العامة للدولة)) .. هذا فضلا عن إلغاء الازدواج الوظيفي ، حيث أكدت الدراسات البحثية أن ما يقرب من ثمانين ألف موظف يعيشون حالة ازدواج وظيفي من وظيفتين إلى أربع وظائف .. وقد أكدت تصريحات الرئيس هادي الأخيرة بوجود فساد مالي في صفوف الجيش تصل الى مئات المليارات من الريالات التي تصرف لمجندين وهميين .. بالإضافة إلى القضاء على الرشاوى والمحسوبية والقضاء على اقتصاد السوق السوداء كالتهريب وكذا التهرب الضريبي . ولا نشك بأن فوارق أسعار النفط والغاز والتي تصل إلى مليارات الدولارات ستلعب دورا كبيرا في اقتصاد ما بعد الثورة ، خاصة إذا جرى جرد فعلي لإمكانيات اليمن النفطية والغازية والمعدنية ووظفت التوظيف السليم في المجال الاقتصادي والتنموي .