حين يؤكد وزير خارجية المملكة عادل الجبير أول من أمس خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير الخارجية البريطاني في لندن، أن مخرج الأزمة اليمنية لا بد أن يكون سياسيا من خلال الالتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، فإنه يبيّن أن المملكة وضعت سلام اليمن في مقدمة الأهداف، وأن الحرب سوف تتوقف إن عاد الانقلابيون إلى الحوار العقلاني الساعي إلى إعادة الاستقرار لليمن.. فلم تكن المملكة يوما من دعاة الحرب، بل إن غرس السلام في مختلف الأماكن في العالم من أهم الركائز التي تأسست وعملت عليها، والإنجازات أكثر من أن تحصى في هذا المجال، لذا فإن مرونة سياستها تسهل إيجاد حل للأزمة اليمنية إن قبل الحوثيون ومن يواليهم من أعوان المخلوع بترك السلاح وبدء حوار يخطط لمستقبل آمن ومستقر لبلادهم. إلى ذلك، يأتي توضيح وزير الخارجية بالتزام المملكة وشركائها ب"مساعدة اليمن مستقبلاً في إعادة الإعمار، لرفع المعاناة عن المواطنين اليمنيين والبدء بتطوير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد"، ليثبت حسن نيات المملكة وصدقها تجاه الأشقاء في اليمن. والمملكة التي لم تبخل على اليمن وغيره ممن يمرون بمواقف يحتاجون فيها إلى الدعم، سوف تستمر على النهج نفسه، وكم أعلنت مرارا وتكرارا أنها تمنح من غير منة، وأن ما تقدمه من مساعدات للآخرين واجب ينطلق من أخلاق الإسلام، لن تتخلى عنه. تلك الأخلاق الإسلامية الرفيعة هي ذاتها التي جعلت المملكة تنحاز إلى جانب الشعب السوري ضد الظلم الذي مارسه النظام السوري عليه، فيما اتجهت دول أخرى إلى لعبة المصالح ودعمت نظام الأسد لتطيل زمن معاناة الشعب السوري، ولذلك أعلنت المملكة منذ بداية الأحداث موقفها الذي لم يتزحزح، وأكده وزير الخارجية بتوضيحه أنه لا مكان للأسد وأولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء في مستقبل سورية. وكي يقطع الطريق على أي محاولة من داعمي النظام السوري فقد أشار الجبير إلى أن ذلك "واقع لا مساومة فيه". باختصار: المملكة تدرك ما لها وما عليها، وتعمل وفق سياسة ثابتة من ضمنها خدمة الآخرين ومساعدتهم، والوقوف مع الشعوب ضد الظلم.. ولديها الاستعداد لأن تليّن مواقفها عند الحاجة إذا أدى اللين إلى رفع الظلم وعودة الحقوق إلى أصحابها.