السيد مقتدى الصدر من أسرة عراقية عريقة تنتسب إلى البيت النبوي الطاهر، لم تخرج من العراق كغيرها من العائلات السياسية التي هربت من بطش النظام البعثي، بل صمدت في بلدها وتحملت الأذى والسجن وقدمت العديد من الضحايا رجالاً ونساء، في سبيل المبدأ. وتكريماً وتخليداً لهذه العائلة سميت مدينة صدام سابقاً باسم مدينة الصدر، وهي مدينة كبيرة وذات كثافة سكانية عالية، ومن هذه العائلة الكريمة جاء السيد مقتدى الصدر الذي يقود الآن تياراً سياسياً له أهداف، تيار حارب وحده القوات الأميركية في العراق، وطالب بخروجها بأسرع وقت، وهو عروبي النزعة مع تمسكه بعلاقات خاصة مع الجارة إيران. والسيد مقتدى يقود هذه الأيام بنفسه ثورة شعبية ضد الفساد الذي عمَّ البلاد وشلَّ مقدراتها وأوقف حال الحكومة ومجلس النواب، ومنع الدولة من إعطاء الناس حقوقهم والموظفين رواتبهم. ثورة ظاهرها تغيير الحكومة وباطنها برأيي الانعتاق من سيطرة إيران على القرارات السياسية داخل الحكومة العراقية، وتصفية الميليشيات الكثيرة والتفرغ فقط لمحاربة «داعش». ثورة السيد مقتدى اجتاحت المنطقة الخضراء الحكومية، وعطلت جلسات الحكومة، وخلعت رئيس مجلس النواب، ومنعت اجتماعاتهم. ثورة شعبية خرجت بالآلاف إلى الساحات والشوارع وطالبت وتحت قوس النصر- الذي بناه المشنوق صدام حسين تخليداً لنصره المزعوم على إيران- خرجت هذه الجماهير هاتفة: «إيران بره بره، قاسم سليماني أنا الصدر رباني»، معبرين عن رفضهم للهيمنة السياسية على عروبة العراق ومكافحة الفساد الذي تحميه حكومتهم العميلة. الصدر الآن في حالة اعتكاف مجهول المدة، والمكان، وشرطه للعودة إلى الحياة السياسية، إصلاح البلد وتحرير قراره السياسي. فهل يحقق السيد مقتدى أحلام أسلافه البواسل الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تلك الأحلام؟