قال لي وهو يحاورني بالأمس حول تغريدة عن الضبط العائلي لمستوى الإنفاق: ما هي أعلى درجات التقشف التي توصي بها الجيل القادم تحت أي ظرف؟ أجبته فورا: ضبط عدد وحجم العائلة، لأن الإفراط في (التفريخ) عادة لا تراها في أعلى مستوياتها القياسية إلا مع تحالف الفقر والجهل. قال لي وما هي الآلية؟ أجبته فورا: كبح كل العواطف الغرائزية في غرفة النوم، فهذه الغرفة وحدها مسؤولة عن (أم الكوارث) في كل حياتنا الاقتصادية والاجتماعية. في هذه الغرفة بالتحديد، ومنها بالضبط، تنطلق كل وعود اللذة التي يتحول فيها الأسد إلى (حمامة) وديعة. من هذه الغرفة بالتحديد لا يستجيب الرجل تحت الإغراء الغريزي إلى طلب السيدة الفاضلة زيارة ابنة خالتها في أقصى أحياء المدينة، وهو الذي رفض هذا الطلب لأسبوع، بل يستجيب بوعد عاطفي لزيارة دبي في العطلة القصيرة القادمة، ثم تكبر (دبي) مع ارتفاع الإغراء لتصبح إندونيسيا وكوالالمبور. تنتفخ (كوالا) قليلا فلا بأس بزيارة سنغافورة وقد خلقها الله محطة قصيرة ما بين المحطتين. هذه الغرفة (الحمراء) هي سبب كل الكوارث الاجتماعية التي أنهكت جيوب الملايين: يدخلونها من أجل شهوة حلال عابرة ويخرجون منها إلى أقرب وكالة سيارات لقسط جديد بضمان بنكي، من أجل الوفاء بالوعد في رحلة سياحية. قال لي صاحبي ضاحكا: وما هو الحل وأين تكمن الآلية للقضاء على كوارث هذه الغرفة؟ أجبته فورا: عندما يتغير نظامنا الهندسي في البناء، فنلغي هذه الغرفة من تفاصيل المنزل، ونصمم منازلنا بلا أبواب أو كوالين ومفاتيح. هناك دول عظمى وصغرى في هذا العالم لم تسقط في براثن الإفلاس والديون إلا بسبب ما يسمى (محادثات الغرف المغلقة). وأردفت له ضاحكا: أعرف ثلاثة أشقاء ذات زمن بعيد لم ينجبوا سوى ستة أطفال في أربعة عقود، لأنهم وببساطة: كانوا يتناوبون غرفة نوم واحدة عندما كانوا (الثلاثة) يسكنون شقة صغيرة أيام الفقر وربط الحزام، ثم قابلت أكبر أبناء العمومة قبل أسبوعين وهو يتباهى بأن الستة القدامى أصبحوا (ستين) اليوم. ألم أقل إنها لعنة الغرف المقفلة. وأنا لا أكتب اليوم مقالا ساخرا، بل أكتب بمنتهى الجدية. لقد انتهى الزمن الجميل الذي كان فيه (الولد) استثمارا يبدأ من غرفة النوم، كي يبني صالون الاستقبال وديكور المجلس. الأولاد هم أغلى تكلفة في كل شيء من حياتنا المعاصرة وهذه هي الحقيقة. وحين أخذني صاحبي إلى تحويلة (دونالد ترامب) الذي أنجب سبعة على عكس تيار الثقافة الأميركية، قلت له فورا: ترامب ملياردير فاحش الثراء يملك حول العالم عشرة آلاف غرفة نوم فندقية، ولا يشكل كل هذا الكم الهائل سوى أقل من 5% من مجموع ثروته الهائلة الطائلة. لكنني سآخذك إلى مثال هيلاري وبيل كلينتون: اكتفيا بالمولودة (تشيلسي) التي درست الجامعة في (بيركلي)، والماجستير في (ييل)، وهي الآن طالبة دكتوراه في الحقوق في (كولومبيا). قد ينتج الفرد من بيننا سبعة أطفال وقد يصبح أحدهم طبيبا، ولكنه يمضي بقية العمر من أجل أن يشحذ شواغر لبقية الستة في برامج كذبة (السعودة).