تنديد واسع بهجوم «الدعم السريع» على روضة أطفال ومستشفى في كردفان    إصابة مواطِنَين2 وثلاثة أفارقة بنيران العدو السعودي بمحافظة صعدة    التحوّلات الميدانية ومعركة النفوذ في حضرموت والمهرة    ثلث جنود جيش العدو الإسرائيلي يواجهون مشاكل نفسية منذ 7 أكتوبر2023    العرادة: المرحلة مفصلية وتتطلب تطوير الأداء وتفعيل مؤسسات الدولة    عملية المستقبل الواعد.. لحظة تاريخية فارقة لتحرير وادي حضرموت والمهرة من الهيمنة العسكرية لجماعات الإخوان الإرهابية    ارتفاع مفاجئ لأسعار الغاز المنزلي في عدن    قبائل بكيل السواد بعمران تعلن الجاهزية لأي خطوات تصعيدية    منظمة التعاون الإسلامي ترفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي وانتقالي لحج يؤدون واجب العزاء لأسرة الشهيد عبد الوكيل الحوشبي    اليمن يطلق نداء عاجلاً لرفع الحصار عن مطار صنعاء    المنتخب الأولمبي يخسر أمام الإمارات في بطولة كأس الخليج    الرئيس الزُبيدي يستقبل وفدًا من أبناء المهرة ويجدد دعمه لتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    انعقاد اللقاء الوطني الثاني للتعاون في مجال الأمن البحري    مجلس إدارة هيئة الاستثمار يقر اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار 2025م    المبعوث الاممي: الوضع في اليمن معقد وخارطة الطريق لم تعد قابلة للتطبيق كما كانت سابقاً    المحرّمي يبحث تسريع وتيرة الإصلاحات الحكومية وبرامج خدمة المواطنين    معتصمو سيئون يطالبون باحترام إرادة شعب الجنوب العربي    في ذكرى ميلاد الزهراء.. "النفط والمعادن" تحيي اليوم العالمي للمرأة المسلمة وتكرم الموظفات    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة المجاهد محمد محسن العياني    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب الدوري الأمريكي    الصين تعزز احتياطياتها الأجنبية ب 3 مليارات دولار    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شركة وثلاث منشآت صرافة    من لم يشرب نخب انتصاره سيتجرع كأس الهزيمة.    ركود حاد وهلع.. عام قاس يهز عرش العملات المشفرة    أقدم توراة يمنية مؤكدة بالكربون المشع تُعرض للبيع في مزاد ب"نيويورك"    بمشاركة الكثيري: مكتب تنفيذي الوادي يؤكد مباشرة العمل تحت راية علم الجنوب    عاجل: وزير ومستشار لرشاد العليمي يدعو لتشكيل حكومة يمنية مصغرة في مأرب    فريق وزارة الداخلية يتوج ببطولة الوزارات والمؤسسات للكرة الطائرة والمالية وصيفاً    سقوط أرسنال وفوز السيتي وتعادل تشلسي وليفربول بالبريميرليغ    نواميس النمل    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    مانديلا يصرخ باليمنيين من قبره: هذا هو الطريق أيها التائهون!    حاشد المقاوم الجسور والصلب الذي لا يتزحزح    الفريق السامعي يوجه دعوة لعقلاء اليمن في الشمال والجنوب    أثناء خروجهن من المدرسة.. وفاة فتاتين وإصابة ثالثة عقب سقوط مواد بناء في إب    بعد طرد باريرا بسبب دعمها فلسطين: قاطعوا Scream 7    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفير الصين دعم مسار التنمية    اتحاد كرة القدم يؤجل انطلاق دوري الدرجة الثانية إلى 18 ديسمبر    خطوة في الفراغ    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    تدخين الشيشة يضاعف خطر سرطان الرئة بمقدار 2-5 مرات!    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح والبرامكة
نشر في المشهد اليمني يوم 24 - 11 - 2016


د. عبده البحش
اشتهر الرئيس السابق علي عبد الله صالح بذكائه السياسي وبقدرته على المناورة السياسية وكذلك براعته في استخدام الكروت واللعب بها حتى تصبح كروتا محروقة ومن ثم يقوم برميها والتخلص منها كما يقوم المدخن برمي اعقاب سجائره بعد امتصاصها وحرق كل ما فيها من تبغ، وهذه السياسة في حد ذاتها تنطوي على الكثير من المخاطر المستقبلية كونها تولد نزعات انتقامية لا حدود لها في نفوس تلك التيارات السياسية التي استخدمت ككروت محروقة.
ثنائية الكروت المحروقة والرقص على رؤوس الثعابين هما السمة الأساسية التي اتسمت بها فترة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح لليمن والتي امتدت منذ عام 1978م وحتى يومنا هذا، وخاصة بعد الربيع العربي الذي اجتاح اليمن مطلع عام 2011م، وهي المرحلة التي أجبرت صالح على التحول السياسي الكبير من حليف تاريخي للملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الى عدو لدود للسعودية وحليف استراتيجي لدولة إيران الصفوية الفارسية صاحبة الاطماع التاريخية التوسعية في البلاد العربية.
ثمة تحولات سياسية دولية وإقليمية ومحلية أجبرت صالح على الارتماء في أحضان المشروع الخميني الصفوي الفارسي وتسليم اليمن لبرامكة إيران الجدد المتمثلين في الحركة الحوثية، ولعل أبرز تلك التحولات التي دفعت صالح الى التحالف مع البرامكة هي تلك الاحداث الجسام التي شهدتها اليمن عام 2011م، وما انطوت عليه من معارضة شديدة ابداها حزب الإصلاح ضد شخص الرئيس السابق علي عبد الله صالح وضد بقائه في الحكم حتى نهاية فترته الدستورية، كما ان محاولة تصفية صالح اثناء صلاة الجمعة في مسجد دار الرئاسة جعلت صالح يفكر فيما بعد بطريقة انتقامية من خصومه السياسيين وخاصة حزب الإصلاح وأبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والجنرال علي محسن الأحمر الخ.
فكر صالح مليا كيف ينتقم من خصومه شر انتقام، فقاده تفكيره بل وسولت له نفسه الامارة بالسوء وزين الشيطان له سوء عمله باستخدام البرامكة الجدد كرتا واداة قذرة ينتقم بها من الد خصومه السياسيين في الداخل، فكانت الصفقة المشؤمة التي تشبه الى حد ماء صفقة الامام احمد مع قبائل طوق صنعاء عندما اباح لهم صنعاء ثلاثة أيام يقتلون ويسرقون وينهبون ويهتكون الاعراض مقابل الانتقام لمقتل ابيه الامام يحيى بن حميد الدين، غير ان الفارق بين الامام احمد والرئيس السابق صالح هو ان الامام احمد اباح صنعاء للقبائل ثلاثة أيام فقط بينما اباح صالح اليمن كلها للبرامكة بمدنها وقراها وجبالها وريفها وسواحلها وصحاريها ووديانها وكل شبر فيها ولمدة مفتوحة لا احد يعلم كيف تكون نهايتها.
لقد سيطرت على صالح نزعة الانتقام من خصومه السياسيين، فأفقدته وعيه وذكائه السياسي الذي تميز به طيلة سنوات حكمه الطويلة، فقرر تسليم الجمل بما حمل لبرامكة إيران الخمينية الصفوية الفارسية على امل انه سيتمكن من استعادة الحكم منهم بعد ان تتحقق أهدافه الانتقامية كاملة، لكن صالح وقع في الفخ كما يبدو لأن البرامكة الجدد ليسوا كبرامكة هارون الرشيد الذين تغلغلوا في ارجاء قصره وامتلكوا زمام صنع القرارات السياسية في دولته، بل وصل الامر الى المساس بعرض الخليفة هارون الرشيد من خلال التقرب الذي ابداه جعفر البرمكي للعباسة اخت هارون الرشيد وتمثيلية الحب الكاذب الذي تظاهر بها جعفر البرمكي لكي ينال من شرف الخليفة هارون الرشيد، لكن الرشيد تنبه للخطر البرمكي وفاق من غفلته وانقذ دولته وشرفه وعرضه بالقضاء على البرامكة في ليلة سوداء تحدثت عنها كتب التاريخ والادب والسياسة وأصبحت جزاء من تاريخنا العربي الملوث بدسائس وخبث واحقاد الفرس التي لا تنطفي الا بالضربات القاصمة التي اطفأت نيران مجوسيتهم في زمن مضى على يد القائد البطل سعد بن ابي وقاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.
برامكة صالح مع الأسف ليسوا كبرامكة الرشيد فهم اشد خطرا على اليمن من أي برامكة تحركوا عبر التاريخ، حيث اصبح لهم لجان ثورية تتحكم في كل مؤسسات الدولة واداراتها المدنية والأمنية والعسكرية، كما ان برامكة اليوم قد سيطروا على كل الموارد المالية في مختلف القطاعات والمؤسسات المالية بحيث شكلوا اخطبوطا يصعب تجاوزه او تفكيكه بسهولة، ولعل تجربة المجلس السياسي الذي شكله صالح بالشراكة معهم خير دليل على مصداقية ما نطرح من أفكار وتحليلات، فقد رفض الحوثيون كل مناشدات صالح بحل اللجان الثورية وتمكين المجلس السياسي من حكم البلاد واصروا على ان يجعلوا من المجلس السياسي ومن الشراكة مع صالح مسألة صورية لا اقل ولا اكثر.
برامكة اليوم سارعوا الى تصفية القيادات المؤتمرية الكبيرة سواء الأمنية او العسكرية او المدنية او الاجتماعية وذلك بمختلف الطرق من الإقالة والطرد والابعاد والتهميش والاقصاء والمضايقة والتصفية الجسدية، وذلك بهدف اضعاف حليفهم صالح وتقليم اظافره بطريقة سلسة لكي يصبح مستقبلا بلا مخالب ويتحول من نمر مفترس الى قط اليف لا يملك الا المواء والانتظار لما يجود به البرامكة عليه من فضلات الطعام وبقايا اللحم او ما تبقى من عظام، وهذا السيناريو مع الأسف الشديد بدت تتضح معالمه دون أي تحرك مضاد من صالح او حتى مجرد مقاومته.
خسر صالح كثيرا نتيجة الارتماء في أحضان البرامكة وما زال يخسر وسيستمر في الخسران، وعلينا ان ننظر الى اعداد القيادات البارزة في حزب صالح المؤتمر الشعبي العام والتي تركت صالح بسبب ارتمائه في أحضان البرامكة ولننظر الى الأصوات الصادحة بالانتقاد لصالح وبصفقة البيع الرخيص بيع الجمهورية اليمنية لبرامكة ايران أدوات الخمينية والصفوية او ما يسميه بعض اليمانيين بقايا الامامة السلالية البغيضة، فاليوم هناك أصوات من داخل المؤتمر الشعبي العام تطالب صالح بالاعتذار رسميا للشعب اليمني عن الخطأ الفادح والمتمثل بتسليم اليمن للبرامكة الذين لم يكونوا يحلموا بالسيطرة على مديرية واحدة من مديريات اليمن، اليوم نجد أصوات عديدة من اقرب المقربين لصالح يطالبون
بتصحيح الخطأ وتأديب البرامكة وايقافهم عند دهم ومن هذه الأصوات ياسر اليماني والشيخ الحاشدي من ال عاطف والدكتور عادل الشجاع والكاتب علي البخيتي والصحفي كامل الخوداني والقائمة تطول وتطول بالأصوات التي تطالب بسحب البساط من تحت اقدام البرامكة الجدد واستعادة اليمن الى اهله ومحيطة العربي والإسلامي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الان هو هل يستطيع صالح فعلا التخلص من الحوثيين كما تخلص ممن كان قبلهم من خصوم ؟ ام ان الامر هذه المرة سيكون معكوسا لصالح الحوثيين الذين يخططون للخلاص من صالح بشكل نهائي سواء عن طريق التصفية الجسدية او ابعاده الى المنفى ليلتحق بمحمد البدر وغيره من زعماء اليمن المنفيين؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.