قال الشاعر طرفة بن العبد : ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود الأحنف بن قيس سيد بني تميم له عبارة تقول (من أمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه) والمجزرة التي وقعت في ملهى ليلي في تركيا ليلة رأس السنة كشفت عن وجود ثغرات أمنية كبيرة في الأجهزة الأمنية التركية وأيضا عجزها الفاضح فقد تمكن إرهابي واحد كما كشفت المصادر ووكالات الأنباء من اختراق كل الحواجز الأمنية والدخول إلى الملهى الليلي وقتل مايقارب 39 من الموجودين في الملهى وجرح ال 70 منهم 15 جراحهم خطيرة باستخدام سلاح رشاش والطامة الكبرى أنه تمكن من الفرار والتواري عن الأنظار. يبدو أن الأجهزة الأمنية في تركيا في حالة استرخاء فقد كان لديها ثقة زائدة وهذا نوع من الاستهتار لأن المصائب قد تقع في أي لحظة ومن أصابه الغرور والعظمة أنه قادر على حماية نفسه والآخرين بدون أخذ الحيطة والحذر فهو واهم وجاهل . إن العمليات التي تقع في تركيا قد كثرت في الآونة الأخيرة فقد انقلب السحر على الساحر ويبدو أن العلاقة بين كلاب النار تنظيم داعش والنظام التركي قد توترت إن لم يكن قد انقطعت بعد أن كانت سمن على عسل فقد فتحت تركيا حدودها للإرهابيين للالتحاق بداعش مقابل شراء النفط منها بتراب الفلوس وكذلك تهريب الآثار والمخدرات وكل شي بثمنه ولكن الأيام كشفت ماكان خاليا وجاءت الأخبار مع نهاية عام وبداية عام جديد بمصيبة وجريمة بشعة تتحمل تركيا مسؤوليتها كاملة. إن تنظيم الإخوان الذي ينتمي له حزب أردوغان متلون وليس له أمان فهو ساعة مع السعودية وقطر ودول الخليج وأخرى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل ونجده فجأة تحالف مع روسيا وإيران وصحيح أن السياسة مصالح ولكن أيضا هناك حد أدنى من الأخلاق والمبادئ في العلاقات الدولية تحترم العهود والمواثيق ولكن للأسف هناك أنظمة تمارس التقية والنفاق السياسي ولعل أشهرها النظام التركي والنظام المصري. منذ الانقلاب الشهير الذي وقع في تركيا مؤخرا وهو مسرحية مكشوفة من إخراج وتدبير الرئيس التركي أوردوغان لإزاحة كبار الضباط والقضاة وكبار المسؤولين في الدولية وتطهير الأجهزة الحكومية من تيار معارض لسياسة أردوغان المتقلبة والتي لاتقبل المعارضة والرأي الآخر والدليل طرد وإقصاء عشرات الآلاف من الأتراك عن وظائفهم لدرجة إغلاق بعض المدارس التي لاتتفق مع فكر وتوجهات حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا وينتمي للتنظيم الدولي للإخوان بل إن الرئيس أردوغان تخلص حتى من المقربين منه ولعل أشهرهم رئيس الوزراء التركي السابق أحمد أوغلو منظر الحزب ومهندس السياسة الخارجية التركية فقد تمت إزاحته لأنه يختلف في الرأي مع الرئيس أردوغان الذي هو اليوم الآمر الناهي والحاكم بأمره في تركيا . إن خيانة الرئيس أردوغان للمعارضة السورية ومساعدة روسيا في سقوط مدينة حلب ليس خافيا على أحد فقد شكره قيصر روسيا بوتين في خطابه وأثنى على موقف روسيا الداعم للاحتلال الروسي للأراضي السورية. إن سقوط حلب وبقية المدن السورية له حوبة وسوف تدفع تركيا الثمن غاليا بسبب موقفها المخزي من القضية السورية فقد كانت حلب تبعد فقط 20 كيلومتر عن الحدود التركية وكان بإمكان تركيا إنقاذ حلب بدعمها للمعارضة السورية بأسلحة فتاكة مثل الصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للدروع كونها لاعب إقليمي مؤثر في المنطقة ولكنها تركت حلب تسقط وتحالفت مع محور الشر . لايختلف اثنان أن مجزرة الملهى الليلي التركي التي راح ضحيتها مواطنين خليجيين وعرب ومنهم مواطن كويتي هم ضحايا الإرهاب وفشل وعجز الأجهزة الأمنية التركية أيا كان المكان الذي قتلوا فيه وسوف تكون لهذه المجزرة آثارا مالية مدمرة على الاقتصاد التركي فهي قد ضربت السياحة التركية في مقتل ويعتبر دخل السياحة من أهم موارد تركيا . نأمل أن تصحو تركيا من سباتها الأمني فقد اهتزت صورة تركيا كثيرا بعد مجزرة الملهى الليلي فهي أصبحت نمر من ورق يستطيع أي إرهابي محترف أن ينفذ عمليات إرهابية في قلب تركيا يذهب ضحيتها العشرات والمئات من السياح سواء من العرب أو جنسيات أخرى. لاندري هل تعيد تركيا النظر في موقفها من القضية السورية وتقف إلى جانب المعارضة السورية وأيضا دول الخليج أم تستمر في التحالف مع روسيا وإيران وإسرائيل وتغلب مصالحها الآنية على علاقاتها التاريخية بالشعب السوري ومن يمثله من الجيش الحر وأيضا علاقاتها التاريخية المميزة مع دول مجلس التعاون وتكون في خندق واحد مع المملكة العربية السعودية والإمارات وبقية دول الخليج ضد الخطر الإيراني والصهيوني الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة لأن القضايا المصيرية لا تحتمل الانتظار طويلا في المنطقة الرمادية واللعب على الحبلين . أحمد بودستور