قال الشاعر خليل مطران: لحى الله المطامع حيث حلت.. فتلك أشد آفات السلام هناك عبارة تقول (حشو الكيس بأكثر مما يتسع له يمزقه) ولا شك أن الحكم النهائي للمحكمة الإدارية العليا في مصر باستمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير المتنازع عليهما بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر صدر في توقيت سيئ لأن اصلا العلاقات بين البلدين متوترة بسبب خلافات سياسية حول الموقف من القضية السورية واليمنية وجاء الحكم ليزيد العلاقات توترا ويزيد الطين بلة كما يقول المثل. أريد في هذا المقال أن انقل رأي الكاتب والمفكر السياسي المصري المعروف دكتور عبدالمنعم سعيد في مداخلة له على إحدى القنوات المصرية تعليقا على حكم المحكمة وهو أن هذا الحكم يخل بمبدأ فصل السلطات حيث انه يعد تعديا من السلطة القضائية على صلاحيات السلطة التنفيذية وايضا التشريعية حيث أن من حق الحكومة المصرية أن توقع اتفاقيات دولية ثنائية مع الدول الأخرى وتحيلها لمجلس الشعب للتصديق عليها وقد وقعت الحكومة المصرية اتفاقا مع الحكومة السعودية أثناء زيارة خادم الحرمين الملك سلمان ينص على تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وأحالت الاتفاقية لمجلس الشعب للتصديق عليها وما يؤكد موقف الحكومة المصرية من تبعية الجزيرتين للسعودية انها طعنت في الحكم الابتدائي الذي أصدرته المحكمة. أيضا مما ذكره الدكتور عبدالمنعم سعيد ان حكم المحكمة لم يأخذ بعين الاعتبار الاعتبارات السياسية والتداعيات الجيوسياسية التي سوف تترتب على هذا الحكم وتأثيره على مستقبل العلاقات بين الدولتين وكذلك تأثيره على مايقارب ثلاثة ملايين مصري يعيشون في السعودية وقد يكون لهذا الحكم تأثير على وضع الجالية المصرية في السعودية مما يضر بمصالحهم وتأثير ذلك على تحويلاتهم من العملة الصعبة على الاقتصاد المصري. انا شخصيا شاهدت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على القناة المصرية الرسمية وهو يؤكد أن هناك اتفاقية دولية بين مصر والسعودية تؤكد تبعية الجزر تيران وصنافير للسعودية وقد أثبت ذلك بالوثائق وان هيئة الأممالمتحدة على علم بذلك ولهذا كان المفروض ان يفصل في هذه القضية محكمة العدل الدولية وليس المحكمة الإدارية العليا المصرية حتى يكون الحكم منصفا. أيضا شاهدت الدكتورة هدى جمال عبدالناصر وهي ابنة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الرئيس الأسبق لمصر منذ سنة 1952 الى سنة 1970 على إحدى القنوات المصرية وهي تؤكد عثورها على مستندات ووثائق كان يحتفظ بها والدها تثبت أن جزيرتي تيران وصنافير ملك للسعودية وقد تم تسليمهما لمصر أثناء حكم الملك فاروق وحكم الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمهما الله وهناك مراسلات تشهد على ذلك. هناك قضية مشابهة لهذه القضية وهي قضية استيلاء النظام الإيراني على الجزر الإماراتية الثلاثة طنب الصغرى وطنب الكبرى وابوموسى وتمسك إيران بهذه الجزر ورفضها التحكيم الدولي وأنه لانقاش في هذه القضية فهي محسومة ولكن دولة الإمارات العربية تطالب وستظل بهذه الجزر وأنها جزء من دولة الإمارات وفي كل بيان يعقب قمة دول مجلس التعاون تكون هناك إدانة لإيران ومطالبة بالجزر ولن يضيع حق وراءه مطالب وحتما هذا الحكم لن يكون له تأثير علي العلاقات السعودية المصرية فقط ولكن على العلاقات المصرية الخليجية ككل مما سوف يلحق الضرر بالسلم والأمن العربي. نعتقد أن الحكومة الكويتية انتهجت سياسة غير حكيمة في الآونة الأخيرة مما سوف يترتب عليه توتر في العلاقات مع المملكة العربية السعودية فقد قامت الكويت بإبرام عقد تزويد مصر بثلاثة ملايين برميل شهريا من مشتقات البترول شهريا مباشرة بعد أن أوقفت السعودية اتفاقا مماثلا مع مصر وايضا منحت مصر عدة قروض من صندوق التنمية علاوة على تعاقدها مع 12 مستشارا مصريا للعمل في إدارة الفتوي والتشريع والتصريح غير المسؤول لوزير العدل د. فالح العزب بأن دول الخليج ستكون على الهامش لولا مصر أثناء زيارته الأخيرة لمصر مما قد يضر بالعلاقات مع السعودية لان هذا التوجه يتعارض وتوجهات المملكة التي هي العمق الاستراتيجي للكويت فهل تصحو الحكومة الكويتية من سباتها قبل فوات الأوان لأن المفروض ان تقف الكويت مع الحق السعودي كما وقفت السعودية مع الحق الكويتي إبان الغزو العراقي. ختاما نتمني أن لا يطول الخلاف بين مصر والسعودية فهما جناحي الأمة العربية والطائر لا يطير إلا بجناحين مما سوف يضعف الموقف العربي من مجمل القضايا الدولية ويفتح المجال واسعا لإيران وإسرائيل الرعاة الرسميين للإرهاب الدولي أن يعيثا فسادا في المنطقة ويسيطران على خيراتها ومقدراتها وزعزعا الأمن والاستقرار بالمنطقة.