تصدّرت قصة ندى الوزان وأمها، المحافل والمجالس ومواقع التواصل، صارت حديث المقاهي والمداكي والأريكة والمدامك. الشاعر كتب عنها قصيدته، والكاتب نسج لها الحروف، والمنكّت ابتدع نكتته، سواءً كانت نكتة معقولة أو جنسية، وليس ببعيد أن يصبح صاحب التاكسي بطل رواية يفوز مؤلفها بجائزة "البوكر" لعامنا المقبل. لا غرابة، فالشعب اليمني هو صاحب الطرفة والنكتة حتى وهو في أعلك الظروف وأقساها، فكيف سيكون موقفه إن جائته هذه الفرصة من فتاة مستبدّة، تنتمي لأسرة "مقدّسة". ما قامت به الفتاة المستبدّة بحق صاحب التاكسي "عيب أسود" في العرف القبَلي اليمني، وهذا لا خلاف عليه، لكن ما كان له أن يحدث هذا الضجيج لو أنه صدر من فتاة لا تنتمي إلى الجينات "النبوية"، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حجم الغضب الهائل الذي يكنّه اليمنيون لأحفاد السلالة، ومصدر هذا الغضب، هو بلا شك، نابع من التراكمات التي أحدثتها "الهاشمية السياسية". لا أشك البتّة بأن يصبح لصاحب التاكسي تمثالاً يشبه تمثال الحرية قرب نافورة ميدان التحرير في الأيام المقبلة، ويتم تجسيد قصّته في الدراما وفي الكتب والمسارح، فالمواطن اليمني في هذه الأثناء ووسط هذا الطغيان، مستعد أن يتعلّق "بقشّة" كي يدافع عن نفسه ويناصر قضيته. لقد أخطأت ندى الوزان، لكنها لو لم تكن هاشمية، لما أصدر خطأها ضجيجاً بهذا الشكل وبهذا المستوى، فردّة الفعل الهائلة ليست على ندى بل على "المملكة المتوكلية الحوثية"، وهذا ما يدعو المملكة لأن تراجع نفسها، وتحسب حسابها، لأن الشعب لها بالمرصاد، وما يمكن معالجته اليوم، يصعب تلافيه غداً. من غير المعقول أن يتضامن شعب بأكمله مع صاحب تاكسي ولا يتضامن مع حرية، وديمقراطية، ومواطنة متساوية، فهذا التضامن مع صاحب التاكسي، وهاشتاج "صاحب التكسي يمثلني"، ما هو إلا تضامن مع الجمهورية، مع اليمن السعيد، ومع ثورة 26 سبتمبر الخالدة.