الجندي والجيش هم اشرف المواطنين في أي بلد , لانهم قبلوا ان يقدموا حياتهم في سبيل الآخرين , هم آ خر من ينام واول من يصحوا , كيف يكون الجندي نبيلا وهو كذلك ؟ المواقف الاستثنائيه هي من تصنع الرجال الاستثنائيين , يزدادون علوا عندما يظلون مجهولين , ولهذا وغيره كانت النُصب التذكارية في قلب كل مدينه تذكيرا بهم , اليكم الحكاية التي تعزز نبل الجندي في الذهن : بعد هزيمة الدولة العثمانيه , وصدور وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين المنكوبة بالعرب , كانت هناك حامية عثمانيه للقدس , صدرت لها الاوامر بالإنسحاب , إلا ان 53 جنديا رفضوا ترك القدس كي لا تنهب , منهم العريف حسن . في سبعينات القرن الماضي ذهب صحفي تركي ضمن وفد اعلامي الى القدس (( الهان بردكجي )) , قال : (( رايت جنديا يبلغ من العمر 90 عاما يرتدي الزي العسكري التركي , ولاحظت الرقع على ملابسه , فاقتربت منه حدثته , فوجئت بانه تركي مثلي . اقتربت منه , قال : (( بقيت وحدتنا في القدس , لاننا رفضنا ان يقول الناس تخلت الدولة العثمانية عنا , اردنا الا يبكي المسجد الاقصى , بعد اربعة قرون , اردنا الا يتألم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .... لم نرضى ان يستغرق العالم الاسلامي في مأتم وحزن , فمرت السنون ولم يهزمنا سوى الموت , فقد مات رفاقي واحدا تلو الآخر ..... "هاأنا ذا العريف حسن لا زلت على وظيفتي حارسا على القدس الشريف حارسا على المسجد الاقصى , عندما تعود الى الاناضول اذهب الى قرية سنجق توكات , - هنا ذروة الانضباط والنبل العسكري - , هناك ضابطي النقيب مصطفى الذي كلفني هنا حارسا للمسجد الاقصى , ووضعه امانة في عنقي , قبل يديه نيابة عني , وقل له - انظر العظمه - : سيدي الضابط إن العريف حسن الأغدرلي رئيس مجموعة الرشاش الحادية عشره , الحارس في المسجد الاقصى ما زال قائما على حراسته في المكان الذي تركته منذ ذلك اليوم – يعني 65 عاما او اكثر الان – ولم يترك نوبته ابدا , وإنه ليرجوا دعواتكم المباركه ". العريف حسن رحل عام 1982 , كان آخر زملائه . عندما عاد الصحفي الى تركيا , ذهب الى الجيش , وبحث طويلا في اسماء الجنود نهاية الدولة العثمانيه , حتى وجد اسم العريف , واسم ضابطه , فذهب الى قريته ليوصل اليه رسالة العريف ويقبل يديه , فوجده قد ترك الدنيا . أي عظمة , واي مجد , واي نبل , كلها معان لشيئ واحد هو الجنديه , حكايه تكتب بماء الذهب . لله الامر من قبل ومن بعد .