في وقت كان يترقب الكثيرون فيه اندلاع مواجهات بين تحالف الحرب (الحوثي – صالح) داخل أسوار العاصمة صنعاء، تفجر صراع عسكري جديد بين قوات عسكرية موالية للرئيس عبدربه منصور هادي (ألوية الحماية الرئاسية)، وبين قوات أمنية مدعومة إماراتياً (الحزام الأمني)، في مشهد تكرر عدة مرات في العام الحالي مخلفاً عدداً من القتلى والجرحى وخسائر في العتاد العسكري. غير أن أخطر ما يمكن الخروج به من مشهد الصراع على السلطة والنفوذ في عدن – بحسب مراقبين – منذ تحريرها من مليشيات الحوثي وصالح أواخر العام 2015م، هو حالة الانقسام الحاد بين فصائل يفترض أنها تقاتل في معسكر واحد ضد الانقلاب، ما مهّد لدخول المدينة مرحلة السلطتين اللتان تتنازعان إدارة عدن، في مايو الماضي، بعد إعلان أحد الفصائل ما يشبه الخروج عن سلطة الرئيس هادي، وتأسيس مجلس انتقالي جنوبي، في مشهد لا يماثله الا السلطتان الموجودتان في صنعاء. ويبدو أن صراع النفوذ على أهم مدن اليمن لا تنتهي فصوله حت تعود الأحداث للاحتدام من جديد، وهو ما يدفع للتساؤل عن طبيعة الصراع القادم بين الفصائل المنقسمة والمتناحرة، والمكان الذي يمكن أن تحدث فيه، عن استمر الاستقطاب والتخندق على ما هو عليه. وبدوره يقوم "المشهد اليمني" برصد أهم الصراعات الدموية التي جرت بين فصائل المقاومة في عدن في العام الحالي.
* اشتباكات سبتمبر أحدث الصراعات العسكرية بين فصائل المقاومة في عدن، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين قوات تتبع القطاع الشرقي بعدن وتتبع تنظيمياً قوات ألوية الحماية الرئاسية، وقوات الحزام الأمني بعد رفض الأولى الانصياع لأوامر بالانسحاب من جميع النقاط العسكرية التي تسيطر عليها. وكان قائد القطاع الشرقي قد أكد انه وقواته (حوالي 1500 مجند) رفضوا أوامر الاخلاء، التي صدرت بموجب قرارات رئاسية في وقت سابق، مطالبين بحل وضعهم واعطائهم مستحقاتهم المالية ودمجهم ضمن أي تشكيل أمني آخر. الاشتباكات أوقعت قتيلاً وأربعة جرحى، فيما قامت طائرة هيليكوبتر إماراتية بقصف مواقع القوات الموالية للرئيس هادي بحي العريش السكني في عدن بعدة غارات.
* اشتباكات ابريل وقعت في 16 ابريل الماضي، بين عدد من القيادات الأمنية في نقطة "العلم" أحد أشهر النقاط الأمنية في عدن. وتعبر النقطة الأمنية أحد المواقع الفاصلة بين نفوذ قوات الألوية الرئاسية وقوات الحزام الأمني، حيث تديرالوية الحماية القطاع الشرقي الامني لعدن ابتدأ من جولة العلم وصولا الى جولة المجسم بدار سعد، وهو ما كان يخضع سابقاً لنفوذ "الحزام" . واندلعت اشتباكات مسلحة للسيطرة على "العلم" بعد نشوب خلافات بين قيادات أمنية تدير النقطة، حيث كانت ترى مجموعة منها تسليم النقطة لقيادة قوات "الحزام" فيما ارتأت أخرى أن الواجب تسليمها لألوية "الحماية". المواجهات أدت الى إغلاق النقطة ومنع مئات المركبات من الدخول والخروج من والى عدن، قبل أن يتم لاحقاً عقد اتفاق على تسليم النقطة لقوات "الحزام"، واستلمتها بشكل فعلي يوم 7 مايو الماضي.
* اشتباكات فبراير أخطر وأكبر فصول الصراع على النفوذ في عدن. وقعت الأحداث في 2 فبراير 2017م، حينما حاولت قوات "الحماية" بتوجيهات من نجل الرئيس هادي استلام مهام تأمين مطار عدن الدولي الذي يخضع لسيطرة قوات الحزام الأمني. ورفض قائد قوات الأمن في المطار حينذاك صالح العميري والمعروف ب (أبو قحطان) الاستجابة للأوامر الرئاسية بسحب قواته، ما فجر اشتباكات هي الأعنف والأوسع بين الطرفين للسيطرة على المطار. كما شاركت المقاتلات الإماراتية في الصراع وقامت بشن عدد من الغارات الجوية على قوات الحماية الرئاسية، وأحرق على إثرها طقم عسكري، فيما نجا من كان بداخله. الصراع أعقبه تدخل سعودي مباشر لإخماد الفتنة قبل أن تنحدر الأمور الى مواضع لا يحمد عقباها في عدن.