دمعة وحرف في حضرة الإصلاح    السبت المقبل.. الهجري في «بلا قيود» يتحدث عن عدد من القضايا وموقف الإصلاح منها    شبكة ME24 الدولية: التحولات في الجنوب العربي تعيد رسم خريطة الأمن الإقليمي    وحدة حماية الأراضي تزيل استحداثات عشوائية في حرم مطار عدن المستقبلي بصلاح الدين    شرطة تعز تعلن ضبط متورطين في تفجير عبوة ناسفة قرب مقر تجمع الإصلاح ومعلومات عن طبيعة الانفجار    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ ويتجاوز حاجز 4400 دولار للأونصة    مهرجان جماهيري حاشد في عتق احتفاءً بانتصارات القوات الجنوبية والمطالبة بإعلان دولة الجنوب    وقفات نسائية حاشدة في العاصمة تنديدًا بالإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    القرفة في الشتاء: فوائد صحية متعددة وتعزيز المناعة    الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار    أحزاب تعز تدين استهداف مقر الإصلاح والسلطة المحلية تؤكد ملاحقة الجناة    تفاصيل: تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل قائد قوات التحالف بوادي حضرموت العتيبي (وثيقة)    إقامة ثلاثة مخيمات طبية خيرية مجانية في الحديدة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي الثامن للمركز العسكري للقلب    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    استشهاد قيادي إصلاحي وإصابة آخر بالتفجير الإرهابي الذي استهداف مقر الإصلاح في تعز    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويلات مالية    انفجار حزام ناسف لأحد المجاهدين لحظة خروجه من مقر الإصلاح في تعز    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    وقفتان في الصليف والزيدية تنديدًا بالإساءات الأمريكية الصهيونية لكتاب الله    سلطات مدينة تعز تفكك مخيمات الاعتصام بالقوة    الأرصاد: طقس بارد إلى بارد نسبيًا على المرتفعات    المحافظ لملس يعزّي الصحفي صلاح السقلدي في وفاة والدته    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري حسين عبده الحداد    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    من بنى الأهرامات؟ عالم آثار مصري يشتبك مع عالم زلازل هولندي    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    مبارزو الأمانة يحصدون ذهب بطولة منتخبات المحافظات وصنعاء وصيفا وتعز ثالثًا    بعد أن أُوصِدت في وجهه أبواب الإنصاف.. رجل أعمال يقرّر الرحيل إلى مرّان بصعدة    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    الصحفي والمقدم الإذاعي المتميز محمد السامعي    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    أيها المؤرخ العلم: ما نسيناك !    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    الرئيس المشاط يعزّي الشيخ عبدالله الرزامي في وفاة أخته    تفقد سير أعمال الترميم في جامع الجند التاريخي    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    اليابان تقدم حزمة مساعدات إنسانية جديدة لليمن بقيمة 13.8 مليون دولار    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير محبوب علي    إنشاء أكبر بحيرة مائية في أمانة العاصمة    دوناروما الأفضل في العالم: جائزة تاريخية لحارس إيطاليا في 2025    هامبتون تتوج بجائزة فيفا لافضل حارسة مرمى في العالم 2025    اوفالي تتوج بجائزة فيفا مارتا 2025 لأجمل هدف في كرة القدم النسائية    صباح المسيح الدجال:    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    مرض الفشل الكلوي (32)    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاث نساء من الخليج
نشر في المشهد اليمني يوم 19 - 10 - 2019

ربما لا توجد في العالم مجتمعات انتقلت من الفاقة النسبية إلى الوفرة النسبية، كما حدث لمجتمعات الخليج، ففي غضون ما بين 5 و7 عقود من الزمن قفزت هذه المجتمعات من اعتماد البسيط والأوَّلي في العيش؛ إلى رفاه القرن الحادي والعشرين، صاحبت ذلك تغيرات في القيم والمواقف والسلوك في كثير من نشاطات الحياة، يكفي القول إن الجيل الذي شهد تلك التغيرات بدأ التعليم الأوَّلي على ضوء سراج، وانتهى باستخدام الكومبيوتر، إلا إن أفضل مؤشر لقياس التغير الاجتماعي هو النظر إلى موقع المرأة في المجتمع.
لقد وصف المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه «صفحات من تاريخ الكويت» حال المرأة في الكويت في ثلاثينات القرن الماضي، بأنها «تخرج من بيتها فقط مرتين؛ الأولى حين الانتقال إلى بيت زوجها، والأخرى عند ذهاب جثمانها إلى المقبرة»، مثل هذه التعبيرات تجدها في كثير مما كتب عن تلك الفترة، كما يحدثنا الكاتب محمد المرّ، من الإمارات، عن أنه في طفولته كان عندما يقابل امرأة في تلك السكة الضيقة في دبي، كانت تلتصق بالحائط حتى يمر هو أولاً، وهو طفل يافع؛ احتراماً له لأنه رجل.
انتهى أمر المرأة في الإمارات إلى أن يكون لها نصف مقاعد البرلمان الذي تمت انتخاباته الأخيرة الأسبوع الماضي. كانت الأسرة الخليجية الكبيرة (الجد والأولاد وزوجاتهم وأولادهم) لها وقت محدد للطعام، ومن يتأخر عن ذلك الموعد يُحرم. على الجميع أن يحترم مواعيد الطعام. اليوم الجد، الذي كان طفلاً، يرد على جرس باب البيت في الساعة الحادية عشرة أو حتى الثانية عشرة مساءً، لأن أحد الأولاد أو البنات قد طلب «عشاء توصيل»!
دراسة التغيير في هذه المجتمعات يمكن أن تشكل متن أكثر من كتاب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلا إن اللافت هو مكانة المرأة وموقعها في هذا المجتمع، وانتقالها السريع من حال في آخر الصف، إلى حال في أوله. ودخولها في نشاطات الحياة كافة من المسرح، إلى التعليم، إلى الفنون التشكيلية، إلى التجارة، إلى قيادة الطائرات الحربية، قفزة هائلة. ما هو لافت مشاركتها الفاعلة في مجال صعب وغير عادي، وهو الكتابة الإبداعية. المثال في هذا المجال ثلاث نساء؛ أميمة الخميس، وبثينة العيسى، وجوخة الحارثي؛ على التوالي من المملكة العربية السعودية، والكويت، وعُمان. المبدعات الثلاث في الرواية. أميمة الخميس لها عدد من الروايات، شدتني روايتها «مسرى الغرانيق في مدن العقيق». الموضوع الصعب الذي اختارت أن تبدعه في سرد من 600 صفحة، هو فكر المعتزلة، والمعروف أن ذلك الفكر قد حُرقت كتبه منذ زمن وبقيت بعض آثاره. غاصت أميمة في بحر التاريخ وأخرجت لآلئ لامعة، في سرد روائي وباحترافية عالية وبسلاسة يمكن أن توصف بأنها من قبيل «السهل الممتنع»، وقدمته بطريقة تمتع القارئ من جهة؛ وتزيد من معرفته الفكرية من جهة أخرى. الإشارات التي ذهبت إليها بين الوعظ والتشدد، بين التفكير والتكفير، بين الاجتهاد الفقهي الشيعي والاجتهاد الفقهي السني... كل ذلك في إطار روائي يشد الأنفاس، لا يمكن لشخص محب للقراءة أن يترك تلك الرواية دون أن يتمها بسبب الترابط بين أحداثها والسهولة في سرد أحداث النص.
إذا كانت «مسرى الغرانيق» هي الطبعة الأولى، فإن المبدعة الثانية بثينة العيسى في روايتها «كَبرت ونَسيت... أن أنسى» في الطبعة الحادية والعشرين، وعلى القارئ أن ينظر من جديد في الرقم، الذي لا يعبر عن سوية تلك الرواية (من بين روايات أخرى عديدة للكاتبة)، ولكن يعبر أيضاً عن إقبال القارئ، فكثيراً ما ظننا أنه ليس هناك من هو مهتم بالجاد من الأعمال. سلاسة السرد عند بثينة مبهرة... «في صبيحة يوم جمعة طلب صقر أن ألبس عباءتي لأرافقه إلى الصلاة. سألته: ألم تقل إن صلاة المرأة في بيتها أفضل؟ فقال: أنت أصبحت مثل الموزة المنقطة التي لن يرغب أحد بأكلها...». كانت المتحدثة في السابعة عشرة من عمرها وأصبحت في نظر صقر عانساً. عليه أن يتصرف. ربما أحد أصدقائه رآها ملائمة زوجةً ثانيةً أو حتى ثالثة! كبرت ونسيت أن توصف الانتقال الصعب في السلوك والمفاهيم والمواقف التي صاحبت الانتقال الاجتماعي في الخليج. في سرد بثينة يرى القارئ أنه يتابع فيلماً درامياً ما إن يمر مشهد حتى يعقبه مشهد أكثر منه تعقيداً.
المبدعة الثالثة هي جوخة الحارثي من عُمان في روايتها «سيدات القمر» (الطبعة السادسة). كانت قد أصدرت رواية أخرى سابقة. الأخيرة «سيدات القمر» حازت جائزة «مان بوكر العالمية» في صيغتها التي تُرجمت إلى الإنجليزية، هذه الرواية تقدم للقارئ صورة بانورامية لانتقال المجتمع العماني من حال إلى أخرى، ترسم الرواية ذلك التناقض الحاد بين قيم اجتماعية تكاد تحتضر، وقيم اجتماعية جديدة يقاوم الجميع قبولها... الانتقال من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الخدمي الحديث بكل ما يترك من ألم اجتماعي وعادات قديمة يصر الكبار على اتباعها ويرفض الصغار الامتثال لها، بين التراث العماني المكتوب والمحفوظ لدى القلة وتأصيل جديد، يكشف عن عيوب ومثالب الامتثال للتقليد والمحاكاة. النقد الذي دار حول الرواية أنها صادمة في إيحاءاتها المختلفة؛ سواء الفقهية أو الجنسية، إلا إن كل تلك أدوات استخدمتها السيدات الثلاث بكفاءة.
دراسة الإنتاج الثقافي، خصوصاً الروائي أو القصصي، لسيدات من مجتمعات الخليج، مؤشر على القفزة الاجتماعية التي حدثت وما زالت تحدث في هذه المجتمعات. ومؤشر وضع المرأة، سواء في الفضاء العام أو الفضاء الإبداعي، ربما هو الأهم لرصد ظاهرة التغير الاجتماعي الذي حدث. غني عن القول إن ما يحدث اليوم لوضع المرأة في المملكة العربية السعودية هو امتداد لمسيرة التغيرات الحادثة، فبجانب السيدات الثلاث اللاتي ذكرت، هناك على الأقل عشرات مبدعات في فن القصة والرواية والشعر والتأليف الأكاديمي، وعندي أن ذلك الإبداع لم يأتِ من فراغ، فقد كانت المرأة في هذه المجتمعات مساهمة حقيقية في الاقتصاد البدائي السابق؛ ولكن بطريقتها وبما تسمح به الظروف، إلا إن الأهم هو المستقبل، وهنا لديّ مؤشر لافت، فقد سُمح للمرأة السعودية منذ فترة بأن تشارك الجمهور في ملاعب كرة القدم؛ الأمر الذي كان محرماً في الجارة إيران، بل قُدمت إحدى النساء الإيرانيات إلى المحاكمة لأنها تزيّت بزي رجل كي تدخل لمشاهدة إحدى المباريات. الأسبوع الماضي «تغير الحرام في إيران إلى حلال»، وسُمح للمرأة الإيرانية بالدخول إلى ملاعب كرة القدم. هنا ما أسميه «خلق النموذج» الإيجابي في التطور، لأن سريان المعلومة لم يعد تحده جدران... ينظر الناس إلى التطور الإيجابي فيحتاجون إلى تقليده، دون جعجعة سلاح، فأفضل أنواع الأسلحة، كما أثبت التاريخ، هو الفكر.
آخر الكلام:
دور المرأة الجديد في الخليج تقابله مقاومة؛ بعضها شرس ويستند إلى مقولات اجتهادية فقهية. تلك المقاومة طبيعية، لأن الناس في الغالب يألفون ما هم عليه، ذلك هو الفرق بين الجمود والتطور الذي هو سُنة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.