الرياض: تحركات مليشيا الانتقالي تصعيد غير مبرر وتمت دون التنسيق معنا    بن حبريش وحلفه ومصافي وادي حضرموت الصامتة: شعارات عامة ومصالح خاصة    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    قتلى وجرحى باشتباكات بين فصائل المرتزقة بحضرموت    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    سلامة قلبك يا حاشد    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    فتح ذمار يفوز على فريق 22 مايو واتحاد حضرموت يعتلي صدارة المجموعة الثالثة في دوري الدرجة الثانية    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرحلة-الانتقالية-في-اليمن-11
نشر في المشهد اليمني يوم 04 - 02 - 2020

(كان البلد يعيش في ظل رئيس سجين مستقيل غير قادر على التعامل مع أحداث جسام... وحكومة أعجز من أن تقاوم)
شكّلت الأيام الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) 2015 علامة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، وكانت تمرّ ثقيلة على القريبين من المشهد وتضاعف قلقهم، وارتفع منسوب فزعهم من القادم، ولم يكن الكثيرون يدركون أن البلاد مقدمة على أحداث لم يسبق أن شهدتها في أشد كوابيسها رعبا. وسيظل السؤال الذي لا يجد اليمنيون له جوابا: هل كان الرئيس هادي يتابع بهمة ونشاط ما يدور، أم أنه أوكل شؤون الدولة إلى أحمد بن مبارك وجمال بنعمر ليتعاملا مع الموضوع بما يحفظ له الموقع الذي تبوأه بالصدفة؟
حين تسلّم الرئيس في 7 يناير 2015 مسودة الدستور الجديد (464 مادة) من رئيس اللجنة المكلفة إعداده، الأستاذ إسماعيل الوزير، كان التفاؤل يملأ مشاعر البعيدين عن التفاصيل، وظنوا أن يمناً جديدا سيبدأ بالتشكل. ورغم اعتراض "أنصار الله" المستفز على المسودة بمبرر رفضهم تحديد الأقاليم الستة بصيغة إلزامية، لم يفهم هادي أن عواصم الإقليم أيضا لن تهتم بمصيره إلا بقدر حاجتهم لوجوده ومدى استعداده للتعامل بموجب ذلك.
كان واضحا أن "أنصار الله" قرروا الحصول على حصة في الحكم تتناسب مع مقدار سلاحهم وسيطرتهم على الأرض، وبدؤوا يتحدثون عن الأمر بنبرة تظهر إصرارهم على فرض رغباتهم. ففي منتصف يناير 2015 قدّم صالح الصماد استقالته من موقعه كممثل لجماعته في هيئة مستشاري الرئيس، احتجاجا على عدم حصول جماعته على حصة في مواقع الدولة، وصرح حينها بأنه لن يتدخل لحل أي إشكال حول ما وصفه ب"فرض الشراكة"، ولمّح باللجوء إلى "التصعيد الثوري"، ولكن هادي لم يبذل أكثر من الشكوى للمبعوث الأممي والإصرار على عدم الاستعانة بغير مدير مكتبه، أحمد بن مبارك، الذي أصبح محور الحياة السياسية في تلك المرحلة بسبب ثقة هادي في مهاراته الإدارية والتنظيمية، لكنه كان يفتقد الكفاءة اللازمة للتعامل مع أوضاع معقدة وأكبر حجما من معرفته بالواقع السياسي والاجتماعي، وتعامل مع الأزمة بسطحية تركت آثارها ملموسة حتى اليوم.
وفي حين ارتفعت نبرة خلاف "أنصار الله" وزاد تحديهم لسلطاته، ظل الرئيس هادي يراهن على نفوذ سلطة الرئاسة والمجتمع الدولي، معتقدا أنه سيتمكن من التوصل إلى تفاهمات معهم، ولكنهم سارعوا إلى اختطاف مدير مكتبه أحمد بن مبارك في الأسبوع الثالث من شهر يناير 2015، إذ أوقفه مسلحون يتبعون لجماعة "أنصار الله"، ولم يُفرج عنه إلا بعد أيام بوساطة قبلية، وشكّلت تلك الحادثة مؤشرا على تزايد عجز هادي وتضاؤل سلطاته وتنامي عزلته عن الواقع، ولم تمرّ أيام على التهديد الذي أطلقه صالح الصماد، حتى واجه اليمنيون حادثة غير مسبوقة باحتجاز الرئيس في منزله إثر رفضه طلبات "أنصار الله" تعيين نائب للرئيس يمثلهم في قمة الدولة، ولم يكن الأمر مفاجئا فقدّم استقالته، لأنه خشي أن يُتخلص منه فيؤول الحكم إلى "أنصار الله"، وأربك المشهد السياسي ووضع الأحزاب والقيادات السياسية أمام مأزق غير مألوف. وبعدها تقدم خالد بحاح باستقالته وتعرّض موكبه لإطلاق نار بعد خروجه من منزل الرئيس هادي.
في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2014 كتبت في صحيفة "الشرق الأوسط" مقالا بعنوان "وهم السلم والشراكة الوطنية"، وتساءلت عن الحدود التي سيقف عندها الحوثيون بعد استيلائهم على صنعاء، ولم ينتبه أحد إلى جموحهم غير المنضبط.
لم ينتبه أحد إلى طموحات "أنصار الله" غير المنضبطة منذ أن تمكنوا من إجبار الرئيس هادي وكل القيادات الحزبية على قبول "وثيقة السلم والشراكة الوطنية" في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، وظنّ الجميع أنهم سيحصلون على فتات تلقيه لهم الجماعة، وهكذا مرّت أيام ارتبكت خلالها القوى السياسية جميعها وعجزت عن إيجاد مخرج للأزمة الخانقة، فقد كان البلد يعيش في ظل رئيس سجين مستقيل غير قادر على التعامل مع أحداث جسام، وحكومة أعجز من أن تقاوم، وفي المقابل كان الرئيس الراحل علي عبد الله صالح يحاول أن يقود مسار الأحداث نحو الدعوة لانعقاد عاجل لمجلس النواب للنظر في استقالة الرئيس وقبولها، وحكما سيؤول موقع الرئيس إلى هيئة رئاسة مجلس النواب، التي كان يسيطر عليها المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، لكن أغلب النواب الجنوبيين غادروا صنعاء، مما جعل انعقاد المجلس شديد التعقيد، وفي نفس الوقت كان "أنصار الله" يخشون عودة صالح بقوة إلى المشهد السياسي لأن رئيس مجلس النواب، اللواء يحيى الراعي، يدين بالولاء المطلق للرئيس السابق، فحاصروا المجلس ومنعوا انعقاده مفوتين فرصة صالح.
عبثاً حاول الرئيس صالح إقناع "أنصار الله" بأهمية انعقاد مجلس النواب، في ظل شكوكهم المزمنة تجاهه وقلة تجربتهم السياسية وعدم إدراكهم لما سينجم لاحقا في حال الإصرار على عدم التعامل عبر مؤسسات دستورية. وكان لافتا أن المبعوث الأممي بدأ يروّج لفكرة القبول بمجلس رئاسي كبديل لهادي رغم معارضة عدد من قيادات الأحزاب. فقد صرّح محمد قحطان، القيادي في التجمع اليمني للإصلاح، بأن بنعمر طرح عليهم هذا الخيار.
لم يكن أحد يمتلك القدرة على استنباط مخرج آمن ومقنع، وقد اقتربت الفترة القانونية التي تصبح بعدها استقالة الرئيس نافذة دستوريا، وكان من الواضح أن قيادة جماعة "أنصار الله" غير مهتمة بالأمر ومقتنعة بفكرة "أمطري حيث شئتي".
وبقي الرئيس هادى تحت الإقامة الجبرية، وكذلك رئيس حكومته خالد بحاح، وعدد كبير من الوزراء، ثم بدأ الحوثيون تخفيف القيود على بعض كبار المسؤولين بوساطات اجتماعية، كان أبرز المتصدرين لها المرحوم الأستاذ عبد القادر هلال، وبدأت قيادات الأحزاب في عقد لقاءات بإشراف المبعوث الدولي جمال بنعمر، للبحث في بدائل المرحلة التالية. وتباينت آراء المشاركين بين مؤيد لتشكيل مجلس رئاسة مؤقت لإدارة شؤون البلاد، وآخر يصرّ على الإفراج عن الرئيس أولا وعودته عن الاستقالة ثم البحث في مستقبله ومستقبل البلاد.
تبدّل المشهد تماما في صباح اليوم الذي تنتهي فيه الفترة الدستورية - 21 فبراير (شباط) 2015- لقبول الاستقالة، إذ فوجئ الجميع بوصول الرئيس هادي إلى عدن معلنا أنه تراجع عنها ورفضه لكافة الإجراءات التي فرضتها جماعة الحوثيين، وأن ما قاموا به "استيلاء على صنعاء بالانقلاب". ودخلت البلاد في أزمة كان جليّا أنها لن تنتهي بحل سياسي لأن الطرفين قد حسما أمرهما، وما كان لحلول وسط أن تلقى القبول عند كليهما، ولا يعلم إلا الله وقلة حول الرئيس الكيفية التي فرّ بها من الحصار الذي فرضه الحوثيون، وستبقى العملية لغزا حتى يقرّر هو نفسه الإعلان عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.