منذ بداية العام يشن الحوثيون معركة مستمرة لإخضاع محافظة مأرب التي تعد حلماً لم يتحقق، ولا يبدو أنه سيتحقق، نظراً لتلاحم قبائل المحافظة في مواجهة الحوثي وعدم قدرته على شراء ولاء زعمائها، حيث يُرى رجال مأرب، شباباً وشيوخاً، على خط المواجهة بجانب القوات الحكومية. من أسباب فشل الحوثي في السيطرة على مأرب أن فيها مجتمعاً قبلياً لا يسهل إخضاعه بالقوة، حيث يميل الرجال هناك للقتال حتى آخر رجل. وقد شعر سكان مأرب بمسؤولية جماعية لدرء هجمات الحوثي، ولعب الإحساس بالمسؤولية دوراً استراتيجياً في عرقلة سيطرة الحوثيين على المحافظة. من أهم أسباب فشل الحوثي في السيطرة على مأرب أن الحوثيين يعتقدون أن لهم حقاً إلهياً في السيطرة على الآخرين، فيما ترى قبائل مأرب التي تمتلك السلاح وإرادة القتال أن ذلك يعد إهانة. إنها فجوة آيديولوجية واسعة لم تمكن الحوثيين من كسب قلوب أبناء رجال القبائل بمأرب. ومن أسباب فشل الحوثيين في السيطرة على مأرب أن تلك المحافظة لم تقع في فخ الخلافات الحزبية، بين المؤتمر والإصلاح. وهي الخلافات التي سهلت سيطرة الحوثي على محافظتي: عمران وصنعاء، كما أدى الخلاف الذي كان خطأ فادحاً إلى توسع الحوثيين وتعزيز نفوذهم في عدة مدن باليمن. لقد وقفت مأرب وحدها -بشكل ملحوظ-ونجت من وباء الانقسامات الحزبية التي كلفت اليمن ثمناً باهظاً، منذ عام 2014. حيث ظلت المحافظة موحدة بقوة، وعمل مقاتلوها المناهضون للحوثيين بشكل جماعي لمنع أية محاولة للحوثيين للتقدم نحو مناطق المحافظة. كانت قيادة محافظة مأرب القوية حافزاً للمقاومة الصلبة منذ أوائل عام 2015، حيث نجح المحافظ في كسب الدعم الداخلي والخارجي، وتم توحيد القبائل والأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة في المواجهة. ساعد في ذلك العلاقة الجيدة مع السعودية والإمارات. لم تركز قيادة محافظة مأرب على جهود الحرب فقط، ولم تترك الاقتصاد والخدمات العامة التي يحتاجها المدنيون، بل شهدت المحافظة تحسناً في خدماتها الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم والكهرباء والبنية التحتية، وكانت المدينة ملاذا آمنا، وقفز عدد سكانها من 300000 إلى 3 ملايين. وفي حين أن حلم الحوثيين بالاستيلاء على مأرب لم يتوقف، فإن القوى التي تدافع عن المحافظة حازمة وثابتة. وطالما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل في اليمن، ستواصل مأرب مواجهة هجمات الحوثيين، الذين لن تتوقف صواريخهم التي تصيب الأحياء المدنية والمواقع العسكرية. في النهاية ، ومثلما لعبت مأرب دوراً حاسماً في تمهيد الطريق لانتصار ثورة اليمن عام 1962 ضد حكم الإمامة التي يسعى الحوثيون إلى إحيائها، يمكن الاستدلال من التاريخ أن هذه المحافظة لن تخضع بسهولة لقيادة الحوثيين . *موقع إنصايد أريبيا