لو كان المسلمون يعقلون ويعتقلون لفكروا جديا في تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون اليوم حول "أزمة الاسلام". هناك أزمة مثلثة الاضلاع يعيشها الاسلام اليوم؛ أزمة الارهاب، وأزمة التعايش، وأزمة التحديث. ومما زاد في حدة الأزمة أن الاسلام السياسي، أو الاسلام الراديكالي كما يسميه ماكرون، نقل مشاكل الاسلام والمسلمين الى العمق الاوروبي، وجعل الاسلام والمسلمين في مواجهة مع قيم الجمهورية العلمانية. طرحت مشكلة العلمانية في اوروبا قبل قرون في إطار معركة العقل والحرية والتعايش ضد المسيحية وقيمها الشمولية، واليوم يعاد طرح مشكلة العلمانية في أوروبا ضد قيم الاسلام السياسي الشمولية وضد الانفصالية الاسلامية التي تريد عزل المسلمين في غيتوهات مليئة بالفقر والعنف. أما فرنسا، فإن عمق الازمة التي يشكلها الاسلام السياسي داخلها، لا تعود فقط إلى جوهرية فكرة العلمانية داخلها، بل يعود أيضا إلى انها الدولة الأكثر تضررا من حوادث الارهاب المتكررة. ما تقوله فرنسا اليوم بخصوص الاسلام مهم، لانه قريب جدا مما كان يقوله العلمانيون العرب بالأمس القريب. ماكرون يقدم لنا صورتنا معكوسة في مرآة الجمهورية العلمانية وقيمها حول الحرية والمساواة والتعايش.