من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    اختطاف امام جامع بقوة السلاح في عدن    رشاد العليمي..تاريخ من الغدر والخيانة: زملاءه أعدموا وهو أصبح وزير    إيران تعتقل 26 شخصا على صلة بالموساد    تفاهمات مباشرة بين الكيان وسوريا تمهيداً للتطبيع    فعاليات بذكرى الهجرة النبوية بصنعاء    المقاومة الجنوبية ترفض توزير "مطيع دماج" وتعتبره تهديدا لأمن الجنوب    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    الترب يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعام الهجري الجديد    - *القيادات الإيرانية "تعود من الموت".. وإسرائيل تتخبّط وسط اختراقات أمنية وخلايا تتبع لطهران*    اجتماع برئاسة مفتاح لمناقشة أوضاع السكن الجامعي في جامعة صنعاء    الجنوب ينتصر بصبر شعبه وصمود وتضحيات ابطال قواته المسلحة    العدوان الصهيوني على ايران .. الاهداف والنتائج ومآلات حرب الاثنى عشر يوما ( 1- 2 )    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    تعز.. مليشيا الحوثي تشن هجوماً على قرية في ماوية وتختطف عدداً من المواطنين    لاعب ليفربول الإنجليزي السابق لالانا يعلن اعتزاله كرة القدم    على خطى الريال.. برشلونة يقترب من صفقة مميزة    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    النصر يتخلَّى عن مدربه الإيطالي ستيفانو بيولي    مليشيا الحوثي تشن حملة اختطافات واسعة في محافظة إب    برشلونة يعلن موعد العودة إلى كامب نو    مصر تمنح 6 مناطق لشركات عالمية للتنقيب عن الغاز    ضمن خططه الاستراتيجية لتطوير كرة القدم النسائية.. "كاترينا فاليدا" تقود أخضر الناشئات    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    رفع السيارات المتهالكة من شوارع الأمانة    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    مناقشة مستوى أداء مكتب هيئة الأوقاف بمدينة البيضاء    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    مرض الفشل الكلوي (9)    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في التعاطي مع سياسة "بايدن" تجاه اليمن، لا بد من امتصاص انفعالات المرحلة الأولى
نشر في المشهد اليمني يوم 23 - 02 - 2021

اسفرت السنوات الاربع من حكم الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي أن اليسار الامريكي المتشدد في الحزب الديمقراطي الامريكي، بقيادة ساندرز، أصبح أكثر قوة وتأثير مما كان عليه في صياغة التوجهات السياسية الخارجية للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن .
لا نستطيع أن نقول اليوم ، وفي ظل ما شهدته الفترة الماضية من تنامي حدة الاستقطاب الايديولوجي في المجتمع الامريكي ، أن الدبلوماسية الامريكية ستتخلص عما قريب من هذا الاستقطاب لتعيد بناء سياستها الخارجية بما يتفق مع حاجة العالم إلى ميزان سياسي دولي يتعاطى مع المشاكل الملتهبة في العالم بمعايير لا تتأثر بمثل هذا الاستقطاب الايديولوجي الداخلي للدول العظمى، وإلا فإن هذه الدول تفقد مبرر تدخلها في القضايا الدولية في هذا الزمن الذي تحولت فيه التعددية القطبية من أيدولوجية إلى إقتصاية، وستعيدنا مجدداً إلى حرب باردة جديدة، وإن كانت على هيئة مختلفة عما شهده العالم منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار جدار برلين في العام 1990 .
لم يكن وصول بايدن ، وهو الديمقراطي المعتدل، الى الحكم حدثاً غير مشهود ، فترامب كان قد هيأ نفسه ، وهيأ انصاره بقوة لولاية ثانية ، ورأينا رد الفعل الذي أقدم عليه اليمين الامريكي المتشدد باقتحام مبنى الكونجرس الامريكي في 6 يناير 2021 ، والذي شكل سابقة تاريخية في رفض نتائج الانتخابات ، وإن بدا أنه كان من المستحيل أن يغير ذلك العمل من نتائج الانتخابات ، إلا ان اقتحام الكونجرس بمثل تلك الطريقة قد ترك ندوباً في الديمقراطية الامريكية وفي المجتمع من زاوية أن "التطرف" بشقيه يضيق بالديمقراطية حينما لا تكون لصالحه ، وقد يعمل المستحيل لارباك المشهد السياسي ، بل وتعطيله ، إذا تسنى له ذلك .
لاحظ الجميع عشية تنصيب بايدن أن المشهد الاحتفالي الذي عرضته وسائل الاعلام كان مفعما بانفعالات ضخمة ، وكان يخفي وراءه وضعاً انقساميا خطيراً في المجتمع ، وينبئ بتطورات من شأنها أن تربك إدارة بايدن لسنوات .
كان على الرئيس بايدن أن يبدأ بترتيب أوراقه على النحو التالي :
أوكل للكونجرس مهمة ان يشغل الرئيس السابق ترمب وانصاره بالمحاكمة ، التي اتضحت هشاشتها فيما بعد ، وفقدت زخمها بعد أن أدت وظيفتها في توجيه رسالة قاسية الى اليمين المتشدد عن حقيقة أن مشروعه الذي كانت تنتظره اربع سنوات واعدة ، في حالة نجاح ترامب ، قد هزم .
ثم خاطب اليسار المتشدد داخل حزبه بشأن كثير من قضايا العالم الملتهبة بلغة أيديولوجية ، ومنها القضية اليمنية ، والسلاح النووي الايراني، والعلاقة مع دول المنطقة ذات العلاقة الاستراتيجية مع أمريكا . وجاء خطابه ، وبعض خطواته العملية السريعة ، معبراً عما يجيش في نفس هذا اليسار من خفقان مبعثه طفرة أيديولوجية حانقة لا تستند إلى قراءة واقعية لأحداث المنطقة بقدر ما هي تعبير رومانسي ، يعيد الصراع إلى الحالة الذهنية المستغرقة في معادلات تتغير معطياتها وتتقلص مجاهليها ، لكنها تصطدم عند نقطة معينة بالمصالح المادية لدولة كانت الايديولوجيا فيها مجرد حصان جر لهذه المصالح لا أقل ولا أكثر .
عند مخاطبته اليسار الامريكي المتشدد بشأن قضايا المنطقة بذلك الاسلوب الذي بدا متداخلاً ومتشابكا ، عنوانه الرئيسي "وقف الحرب في اليمن" ، وكانت هذه دعوة يشكر عليها ، و معادله هو الاتفاق النووي الايراني ، وكان هذا تعقيداً لوقف الحرب فالربط يجعل وقف الحرب لعبة ايرانية ويخرجها من المسار الطبيعي إلى مسار أكثر تعقيداً وتشابكاً مع مشاكل ايران في المنطقة . أي أنه وضع في الفك الأيمن من الفم قطعة حلوى ووضع في الفك الأيسر حصى .
أما أدوات وقف الحرب فقد تمثلت في تعيين مبعوث أمريكي خاص بالقضية اليمنية ، وكانت هذه خطوة إيجابية ، ووقف بيع السلاح لدول تحالف دعم الشرعية ، وكانت هذه خطوة ، بتقدير واقع الحرب ومساره في اللحظة الراهنة لصالح إستمرار الحرب ، لأن الحوثيين وإيران هم من يرفضون وقف الحرب في اللحظة الراهنة ، ولذلك فإنه لا يوجد تساوق بين وقف بيع السلاح من ناحية ، والاستجابة لوقف الحرب من ناحية أخرى ، مما يعني أن القرار كان متجهاً صوب تصحيح ما اعتبره الديمقراطيون المتشددون مساراً خاطئاً لادارة ترامب في المنطقة عموماً ، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد أن تشمل هذه المسألة عناصر أخرى لا تظهر في الصورة في اللحظة الراهنة بسبب غبار المعركة مع اليسار المتشدد .
ما يعنينا من كل هذا هو الوضع الذي ستنزلق اليه قضية اليمن إذا ما استمرت هذه السياسة دون تصحيح يسمح بالنظر إليها كعنوان مستقل تقوم ايران بتوظيفها لصالح مشروعها المشتبك بأكثر من قضية معقدة على الصعيدين الاقليمي والدولي .
شخصياً لا اعتقد أن إدارة بايدن تجهل هذه الحقيقة ، لكنها تقوم في الوقت الحاضر بتمارين على الورق لمعرفة ردود الفعل لدى اللاعبين الاساسيين سواء على الصعيد الدولي او الاقليمي . وتأتي رسائلها المتعددة في هذه اللحظة استجابة لحقيقة أن الحق الذي لا تدعمه القوة الذاتية يغتاله الإهمال .
واما بالنسبة لليمن فحتى الان نستطيع القول أن قوة الحكومة اليمنية يكمن في تمسكها بموقف منسجم مع رؤيتها لطبيعة المشكلة ومسارات حلها ، وهذا الوضع يضعها في مواجهة سياسية
من خلال التمسك بقواعد الاتفاق مع حلفائها على النحو الذي قام عليه التحالف في بدايته باعتبار أن الانقلاب الحوثي يوفر عناصر مباشرة للتدخل الايراني في الشأن اليمني ، وينتج هذا التدخل بطبيعته ضررا بالغاً بمصالح الشعب اليمني في علاقته بدول الإقليم ومصالح شعوبها في الأمن والاستقرار . هذه الحقيقة لا بد أن تفهم في إطارها الصحيح الذي لا يجعل حل القضية اليمنية ملحقاً بحل بمشاكل ايران في المنطقة ، وانما باعتبارها قضية لها ظروفها الخاصة المرتبطة بالانقلاب على ارادة الشعب اليمني من قبل جماعة عنصرية تدعي الحق الالهي في حكم اليمن وتدعمها إيران وتوظفها لصالح مشروعها .
إضافة إلى ما يوفره اتفاق الرياض من شروط لمواصلة مقاومة تحويل الانقلاب الى حالة أمر واقع تتسلل من خلالها دعوات للحل تتجاهل الجذر السياسي للمشكلة . وفي سياق متفق مع ذلك لا بد من كسر الانقلاب بقوة على الأرض ، ولن يتأتى ذلك إلا بتجاوز الخلافات ، وبناء منظومة سياسية وشعبية متمسكة بقيم المقاومة وبمشروع دولة المواطنة واحترام ارادة الناس في تقرير خياراتهم السياسية .
لا شك ان هذا الوضع سيؤسس لقواعد عمل سياسي ودبلوماسي أكثر تأثيراً في التعاطي مع جملة المتغيرات التي تحملها سياسة الادارة الأمريكية الجديدة تجاه قضية اليمن سواءً الإيجابية منها أم السلبية .
واعتقد أن العمل السياسي الرشيد في اللحظة الراهنة لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار مسألة مهمة وهي امتصاص هذا الاندفاع الامريكي بعمل سياسي مكثف حتى تمر الفترة التي تكون فيها الادارة الامريكية قد تمكنت من ترويض الانفعالات الداخلية لتبدأ الموجهات الحقيقية للسياسة الخارجية تتوازن مع المصالح الأمريكية، ودورها الذي لا يمكن للايديولوجيا أن تقوم به على النحو الذي تم أثناء الحرب الباردة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.