لا يوجد وقت مناسب للبوح لدى الأحزاب، كل بوح هو خيانة... ويتم قراءة كل مكاشفة ونطق واستنطاق وفق تأويل تخويني، دوما يرتكز على تساؤل: لماذا الان! وكل آن هو خيانة لدى الحزبي الأيديولوجي! أتحدث عن الأيديولجيا كحجاب... بما في ذلك اعتراضات الدكتور ياسين سعيد نعمان، التي انتقد فيها توجيهات الصحفي للعطاس، من خلال توجيه مضاد، أراد أن يفلتر، ولم يكن له ذلك! متى كان هناك "آن" مسموحا فيه المكاشفة والقول دون احترازات؟ لا يوجد... فكل قول وفي كل "آن" هو مشكوك فيه ومخوّن... كل قول هو مادة مهمة للباحث، ومنطوق مرفوض من قِبَل قطيع المزارع، وكهنة المعبد... ما الجديد الذي أتى به حيدر العطاس؟ لا شيء، فما قاله سبق أن ذكره علي الصراف في كتابه، ثم باح به علي ناصر محمد في مذكراته، لكن الجديد أن يأتي ذلك البوح، ومن ذلك مقتل الشهيد عبد الفتاح إسماعيل، متهما فيه علي سالم البيض، على لسان رئيس الوزراء، أثناء الأحداث، ورئيس جمهورية اليمن الديمقراطية بعد أحداث 13 يناير1986... حكاية أن اغتيال عبد الفتاح إسماعيل كان مجرد سباق على من سيوقع اتفاقية الوحدة، حكاية فيها الكثير من البلََه، والتعتيم على الدافع الحقيقي لاغتياله ... تصفية عبد الفتاح في أحداث 13 يناير 1986، ثم تصفية السلاح السوفيتي والأرضية العسكرية لذلك السلاح في حرب 1994، وما بين 1990-1994 تم اغتيال كل كادر ماركسي مدني وعسكري ينتمي لتلك التجربة، يوضح لنا السبب الحقيقي لاغتيال عبد الفتاح إسماعيل ... في تقييمي كان عبد الفتاح مع عمق إيمانه بالتجربة الاشتراكية نموذجا مدرسيا، يردد ولا يبدع... إنه مؤمن، والإيمان تسليم لا تفكير... بل إنني أرى أن بداوة علي ناصر محمد تتجاوز الوعي المدرسي والعقائدي لعبد الفتاح إسماعيل... الإيمان أعمى بكل تماهييه مع الشعب، لكن بداوة علي ناصر محمد مبصرة لطبيعة توازنات القوى... المؤمن استشهادي في سبيل يقينياته، والبداوة السياسية تلعب بما تكسب به...