الحوثي يسحق على أسوار مأرب، هذا صحيح، يتم التنكيل به أفرادًا وجماعات، عبر الجو وبفوهات بنادق أبطال الجيش، نعم كل هذا واقع وأرقام لا تذكر على سبيل المكايدة، بل حقيقة، لكن ليس هذا هو المهم، إنما المهم هو أنه بمقابل هذه الخسائر والضربات القاصمة للميليشيا، كيف يحقق مكاسب حتى لو كانت هينة؟، إنه سؤال اللحظة وسؤال كل يوم، ويتطلب فورا تسليم إدارة المعركة لمن يتعاملون معها وفق الميزان العسكري ووفق طبيعة المواجهة وبما يتناسب مع تفكير قطعان إيران. لا يحتاج أبطال الجيش الوطني لقصائد المدح والغزل، فبطولاتهم تسطر بالدم وتُنسج بأحرف من نور على امتداد الجبهات، ويعرف ذلك الحوثي أكثر من غيره، ما يحتاجه الرجال هو العتاد والمال وإبعاد اليد المرتعشة عنهم، يحتاج للسلاح الخارق وحسب، فالحوثي لا يتقدم إلا بصفقات إقليمية، وتواطؤ داخلي، ولا تفسير لما يحدث سوى هذا، وهو استمرارا للخيانات الممتدة منذ 2014 حتى اليوم. مأرب بخير، وإن كان الخطر يتربص بها من كل جانب، خطر وجودي ماثل للعيان، جبهاتها تذيق الحوثي الجحيم وتلقمه النار، رجالها الواحد منهم بعشرة أرواح، عزيمة الرجل فيهم تساوي أمة من البشر، لا خوف إلا من الصفقات المشبوهة، والقيادة اللعينة التي تعودت على الخنوع والبيع والشراء، لكن مأرب لن تكون لقمة على موائد اللئام. إصرار بقاء الحوثي على أسوار مأرب رغم الخسائر والمقتلة المروعة التي يتكبدها كل يوم، لا يعني سوى شيئا واحدا، هو أنه منح ضوء أخضر من جديد لمحاولة تحقيق أي اختراق يعود بالنفع على طاولة مفاوضات إيران، ضوء أمريكي واضح، بدأه بايدن منذ رفع الجماعة الهاشمية من قائمة الإرهاب، لكن بالمقابل ماذا ستفعل الحكومة والتحالف؟ ما هي خياراتهم؟، لا يحتاجون لوقت إن كانت النوايا صادقة، فقط أشعلوا الجبهات ومدوها بالسلاح، والرجال سيتكفلون بالمهمة، هكذا وحسب، قرار شجاع سيمنحكم القدرة على الوقوف في كل مكان وبأي محفل.
