وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    كنوز اليمن تحت سطوة الحوثيين: تهريب الآثار وتجريف التاريخ    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    فارس الصلابة يترجل    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للتاريخ .. في ذكرى 26 سبتمبر تحيةٌ واجبةٌ لتضحيات مصر في اليمن
نشر في المشهد اليمني يوم 26 - 09 - 2022


مقالات
أنور العنسي
صغيراً كنتُ ، عندما ذهبت إلى مستشفى في مدينة (ذمار) حيث كان والدي يعمل حينذاك .. هذا المشفى كان الوحيد في ذلك الوقت الذي يخدم إلى جانب السكان ، الجرحى والمصابين القادمين من جبهات القتال القريبة في (رداع) وغيرها ، خلال الحرب الجمهورية -الملكية في ستينيات القرن الماضي.
ثمة مدخلْ رئيسي مهيبٌ للمشفى، كانت تعلوه غرفةٌ واسعةٌ وعلى جانبيها يمتد جناحان للمبنى يتكون كل منهما من طابقين ، كل غرفهما فسيحٌ وعال السقوف ، كما لو أنه كان منشأة عسكرية استراتيجية عثمانية مهمة، ربما جرى تجديدها لاحقاً.
رأيت يوم ذاك ضباطاً يمنيين ومصريين كباراً ، عرفتهم من هيآتهم ورتبهم العسكرية ، يحملون ملفات وأوراقاً .. يجيئ بعضهم بلا سلاح شخصي ولا نظارات سوداء غير طبيِّةٍ ، ويصعدون إلى الغرفة الرئيسية التي اتخذ منها الرئيس الراحل (عبدالله السلال) مكتباً وغرفة عمليات لإدارة حربه مع فلول الملكية ، ثم يذهبون عائدين إلى ساحات القتال بلا مواكب أو سيارات مدرعة.
في بعض غرف المستشفى أتذكر أنني لاحظت جرحى مصريين كثراً يتلقون العلاج مع رفاق سلاحهم من اليمنيين ، ووجدت أطباء وممرضين مصريين يعملون على رعايتهم جنباً إلى جنب مع طواقم صحية يمنية .
في حدود ما كان لصبيٍ في أولى سنوات عمره أن يعيه - وكان ذلك قبل نكسة يونيو / حزيران العام 1967 ، وحصار السبعين يوما لعاصمة الجمهورية الوليدة ما بين العامين 7-1968 بعد عودة القوات المصرية - كان لا بد أن أسأل والدي ، أين ذهب المصريون؟ وما الذي جاء بالمصريين قبل ذلك إلى اليمن؟ فأجابني بعبارةٍ لم أنسها "عندما تكبر سوف تعرف كل شيئ ، وستعلم ما الذي جعلنا أولاً نذهب إلى مصر طلاباً ونازحين فقراء نبحث عن الأمان والتعليم والعلم ؟.
أخذَتْ هذه الإجابة سنوات طوالاً من حياتي للتأمل في علاقة اليمن بمصر لأسباب كثيرة .. من بينها أن عودة العسكريين المصريين جاءت بعد أن أدَّوا واجبهم القومي والإنساني ، وألقى بعض شهدائهم ودائعهم في ثرى اليمن .. أعقب تلك العودة مجيئ جيش آخر قوامه مئات وربما الألاف من المدرسين والموجهين التربويين والخبراء في مجالات مختلفة للمساعدة في إرساء مداميك التنمية الشاملة.
وعلى صعيد حياتي كطفل آنذاك استرعى انتباهي إعجاب والدي بأنور السادات حيث أطلق إسمه عليَّ تيمناً به قبل قيام ثورة سبتمبر بعام ، ولم يكن آخر تلك الأسباب دهشتي بمصر التي أصبحت بعد ذلك مع اليمن نسيجاً واحداً معقداً ومتجانساً في آنٍ واحدٍ ، تاريخاً وفكراً وسياسةً حتى اليوم.
أما لماذا يذهب اليمنيون إلى مصر وليس إلى غيرها؟ فعرفت أنهم يشعرون أن مصر واحدةٌ من أمصارهم ، وأن بلادَهم بعضٌ من أمصار مصر ؟ وربما لا يعون لماذا يفعلون ذلك ، ولماذا تَعتبر مصر أن هؤلاء جزءٌ من أمنها القومي عند باب المندب جنوب البحر الأحمر، ربما لأهمية ما يمثلونه عند هذه الموقع الجيو - سياسي ، كما أن من المهم هو أنَّه لا أثر لأي حساسية أو خلاف حدودي بين القاهرة وصنعاء كما هو الحال في كثير من حالات (الجوار).
لطالما شعرت بعد ذلك أن مصر تتقاسمني بالسوية مع اليمن نصفاً بنصف ، لأسبابٍ وجيهة ، فقد كان كتابي المدرسي مصرياً ، وأستاذي مصرياً ، والسينما والمسرح والموسيقى والمجلات والصحف منذ زمن الطفولة وأيام المراهقة الفكرية ومرورا بأعوام الدراسة الجامعية وحتى اليوم كان (معظم) ذلك إن لم يكن (كله) أحياناً مصرياً.
ولم يزل صوت (عبدالناصر) وجلجلة ضحكات (السادات) وصدى الأغاني الوطنية المناصرة لثورة اليمن لعبدالحليم حافظ وفايدة كامل وشريفة فاضل وغيرهما يتردد في مخيلتي ووجداني، تماماً إلى جانب ذلك النشيج العميق من أغاني الفنانين اليمنيين ممن تأثروا بموسيقى مصر .
في العلاقة بين اليمني ومصر ما يتجاوز حدود الدين والثقافة إلى التاريخ البعيد ، ويختصر كل الحدود والمسافات لا إلى القفز عليها فحسب ولكن أيضاً إلى درجة الاشتباك بها وصعوبة الفصل بين أغلب ما هو يمني تماماً (غير مصري) ، وماهو (مصري خالص) تماماً ، ولاعلاقة له باليمن ، وأعني بالخصوص أثناء الحقبة الناصرية ، بل حتى اليوم أيضاً.
إذا تحدثت عن جِيلي وجيلَين آخرَين قبله وبعده ، فأستطيع القول بلا مبالغة إن البعض من اليمنيين يكاد لا يشعر بالحرج من أن يقول إنه لم يتسن له أداء فريضة الحج بعد ، وذلك في البلد المجاور الأقرب إليه ، لكنه يشعر بالحرج لأن يقول إنه لم يزر مصر بعد .
لماذا ذهب عبد الناصر إلى اليمن؟
قاد (جمال) جيشه إلى اليمن ، ليس لتفكيكه بل لتمتين وحدته ، وليس لاحتلاله سواءْ مباشرة أو عبر (وكلاء) ولكن لتمكينه من السيادة على أرضه ، ولا لفرض نفسه وصياً على شعبه ولكن لإنقاذ هذا الشعب من بعض حكامه (اليمنيين) السابقين الذين أوصلوه إلى أدنى دركٍ من الإفلاس الروحي والمادي ، وسلبوا معظم حقوقه الإنسانية التي لا تستقيم بدونها حياة.
ذهب عبدالناصر إلى اليمن (من أجل المبادئ) كما قال وليس فقط بوصف اليمن البلد الذي تنتمي إليه سلالة والده (عبدالناصر حسين) وقبيلته (بني مُرة).
أرسل ناصر جيشه الذي خاض أشرس حرب هناك في تاريخه مع تحالف الكهنوت والتخلف ، دافعاً ثمن تضحيات مصر هناك بآلاف من الشهداء .
يُحسب للتدخل العسكري المصري في اليمن الكثير من الإنجازات أهمها مساعدة اليمنيين بالثقافة وامتزاج دماء أبناء البلدين على اقتلاع (الإمامة) و(الاستعمار) من جذورهما ، وترسيخ دعائم (الجمهورية) كنظام حياة شاملٍ ومتكامل يقوم على جوهر العقيدة الصحيح ، دافع عنه بعض المصريين كما فعل إخوتهم اليمنيون.
وبالمقابل فقد كان للتدخل المصري أخطاؤه التي يمكن تفسيرها وليس بالضرورة تبريرها ، لكنها لم تكن لتصل إلى ذلك السوء من الأخطاء الذي تسببت فيه تدخلات خارجية أخرى مما لا يمكن تفسيره أو تبريره.
ومع التقدير لما قدمته بلدان أخرى لليمن في محنته الراهنه إلاّ أنه لا يقارن بما فعلته مصر سياسياً وأخلاقياً ، فعندما اندلعت الحرب في اليمن العام 2015 ، لم يجد اليمنيون ملاذاً آمناً ومضيافاً أكثر من مصر ، ولم يكن هناك من بلدٍ فتح ذراعيه لهم كمصر حيث يعيش فيها اليوم مئات الآلاف من اليمنيين دون مضايقات تذكر ، بل بتسهيلات استثنائية تُذكر.
صحيحٌ أن مصر بيتٌ لكل العرب رعَت الجميع ، ولكن ليس بذات الخلفية التاريخية التي استندت عليها رعايتها لليمنيين ، ويكفي مصر حِلماً باليمنيين أن عبدالناصر والسادات وحسني مبارك وغيرهم من قادتها العسكريين لم يكونوا خلال تدخلهم العسكري في اليمن يمنُّون عليه بتضحياتهم البشرية والمادية الضخمة ، ولم يكونوا يحملون أي ضغينة لقادته (الكبار ) لرفضهم تدخلات بعض قادة القوات المصرية في الشأن السياسي الداخلي لليمن ، وما احتجاز مصر لبعض القادة اليمنيين المعارضين لتلك التدخلات إلاَّ من قبيل أن تلك المعارضة كانت آنذاك من وجهة نظر القاهرة تهدد بإفشال الثورة اليمنية وشق صفوف قادتها في وقت تتكالب عليها مؤامرات القريب والبعيد من الأعداء على حدٍ سواء!
يعتبر بعض المصريين أن حربهم في اليمن تحولت إلى درسٍ باهظ الثمن جعلهم يستبعدون فكرة أي تدخل عسكري مباشر خارج حدودهم ، فأقول إن هذا صحيح ، ولكن من يمكنه أن يقول إن هذا لم يكن كذلك بالنسبة لليمنيين ، فمن الذي يريد أصلاً أن يرى تدخلاً عسكرياً في بلاده لولا حتمية الضرورة التاريخية ، والخوف من الارتكاس والعودة إلى الماضي البغيض؟
لم يكن وجود القوات المصرية في اليمن سبباً في نكسة يونيو/حزيران 1967 فقد كانت مصر تواجه (حرباً) على أمنها القومي ، ولو لم يكن اليمن مسرحها لوجدت لنفسها مسرحاً آخر في مصر نفسها كما حدث بعد استنزاف قدرات جيشها في اليمن .
وإلى أن تقول (محكمة التاريخ) كلمتها في ذلك الدور الذي لعبته مصر في حياة اليمن ، لا بد في ذكرى ثورة ال 26 من سبتمبر 1962 من رفع القبعة احتراماً لمصر وإلقاء السلام والتحية لجميع أبنائها ورفاقهم اليمنيين ، سواءٌ لمن أصاب مُحقاً أو مَن أخطأ دون قصد.
26 سبتمبر 2022
* اليمن
* مصر
* ذمار
* 26سبتمبر
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.