مقالات د. كمال البعداني مع بداية كل عام هجري جديد ، يتذكر المسلمون في كل مكان الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، صاحب قرار اعتماد التقويم الهجري ليكون تقويماً للدولة الاسلامية ، وكان ذلك بعد سنتين ونصف من خلافته في ربيع الأول من العام السادس عشر للهجرة، وكان يوم 1 محرم من العام السابع عشر للهجرة هو بداية اول سنة هجرية . وتشير الروايات الى انه أتى خطاباً مؤرخا في شهر ( شعبان ) لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه وكان اميرا للبصرة في خلافة عمر فأرسل الى الخليفة الفاروق يقول (( يا أمير المؤمنين تأتينا الكتب وقد ارخ بها في شعبان ولا ندري هل هو في السنة الماضية أم السنة الحالية )) فأجتمع عمر ابن الخطاب مع جمع من الصحابة لتدارس الأمر والبحث عن حل لهذه المشكلة ، فكان هناك عدد من الآراء فقد قال البعض ( نؤرخ من مولد الرسول ، واقترح البعض الآخر ان يكون من تأريخ وفاته ، ومن هم من قال الأخذ بهجرته وكان على رأسهم عمر بن الخطاب الذي استشار اثنين من كبار الصحابة وهما عثمان بن عفان ، وعلي بن ابي طالب رضي الله عنهما فأقراه على ذلك . كما كان هناك العديد من الآراء حول بداية السنة الهجرية فهناك من اقترح شهر رمضان بداية للعام الهجري ، لكن الخليفة عمر اعتمد شهر محرم وقال : انه منصرف الناس من حجهم ، فاتفقوا على ان تكون بداية السنة الهجرية من محرم وتنتهي بذي الحجة ، فكتب الخليفة عمر الى عماله في جميع امصار الدولة الإسلامية وابلغهم بقراره حول اعتماد التاريخ الهجري في جميع المعاملات ابتداً من 1 محرم من السنة السابعة عشر للهجرة على صاحبها افضل الصلاة والسلام . علماً ان هجرة الرسول صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الى المدينةالمنورة لم تكن في بداية شهر محرم الحرام ، بل كانت بعد شهرين منه اي في بداية شهر ربيع الأول ( 22 ربيع الأول ( 24سبتمبر عام 622م). رضي الله عن الخليفة عمر رجل الدولة وصاحب هذا القرار التأريخي . تميزت خلافته بالفتوحات الواسعة ، ففي عهده فقدت الامبراطورية البيزنطية اكثر من ثلاثة ارباع اراضيها ، وفي عهده تم ازالة الامبراطورية الساسانية ( الفارسية ) من الوجود ، وكانت نهايته على يد رجل فارسي ( ابو لؤلؤة ) حيث طعنه في صلاة الفجر لثلاثة او اربعة ايام متبقية من شهر ذي الحجة سنة 23 للهجرة بعد عودته من الحج ، وعاش بعدها ثلاثة ايام فقط ، وكان الذي غسله وكفنه هو صاحبه وصهره ( والد زوجته ) سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه ، وقد ذكر هذه الرواية المؤرخ الشيعي ( أحمد بن أعثم الكوفي ) في ( كتاب الفتوح ) في الصفحة ( 33) من الجزء الثاني حيث قال: وكان جعفر بن محمد ( جعفر الصادق ) يقول لأبي: علي بن أبي طالب عليه السلام هو الذي غسل عمر رضي الله عنه بيده وحنطه وكفنه ثم وضعه على سريره وأقبل على الناس بوجهه فقال: (( أيها الناس! هذا عمر بن الخطاب رضي [الله] عنه قد قضى نحبه ولحق بربه، وهو الفاروق، وقرن من حديد وركن شديد، كان لا تأخذه في الله لومة لائم، عقل من الله أمره ونهيه، فكان لا يتقدم ولا يتأخر إلا وهو على بينة من ربه حتى كأن ملكا يسدده ويوفقه، كان شفيقا على المسلمين، رؤوفا بالمؤمنين، شديدا على الكافرين، كهفا للفقراء والمساكين والأيتام والأرامل والمستضعفين، كان يجيع نفسه ويطعمهم، ويعري نفسه ويكسيهم، كان زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة، فرحمه الله حيا وميتا! والله ما من أحد من عباد الله عز وجل أحب إلي من أن ألقى الله عز وجل بمثل عمله من هذا المسجى بين أظهركم)). قال: ثم أقبل علي كرم الله وجهه على صهيب بن سنان مولى بني تميم فقال له: تقدم رحمك الله فصل عليه كما أمرك. قال: فتقدم صهيب فصلى على عمر، فكبر عليه أربعا، ثم حمل على أعواد المنايا يراد به إلى بيت عائشة رضي الله عنها ليدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق ...... رحم الله سيدنا علي قال هذه الكلمات في حق سيدنا عمر ،ولم يكن يعلم انه سيلحق به بعد ما يقرب من سبعة عشر عاما ، وبنفس الطريقة ونفس السيناريو ونفس التوقيت مع اختلاف المكان فقط ، حيث طُعن سيدنا عمر في صلاة الفجر في المسجد النبوي بخنجر مسموم على يد ابولؤلؤة المجوسي الفارسي ، وطُعن سيدنا علي وقت صلاة الفجر بمسجد الكوفة بخنجر مسموم على يد الشقي الخارجي عبد الرحمن بن ملجم ، عاش سيدنا عمر بعد طعنه ثلاثة ايام وعاش سيدنا علي بعد طعنه ثلاثة ايام وقيل يومان ، عملاقان من عمالقة الاسلام ، وصهران لرسول الله صل الله عليه وسلم ،وتربيا على مائدته ، اختار الله لهما هذه النهاية المشرفة ، رحم الله الخليفة الشهيد عمر بن الخطاب ، ورحم الله الخليفة الشهيد علي بن ابي طالب ، ورضي الله عنهما ، وصل الله وسلم على صاحب الهجرة الشريفة الذي لولا هو ما سمعنا بعمر ولا بعلي ، سيدنا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. * الإمام علي * عمر بن الخطاب 1. 2. 3. 4. 5.