شهدت محافظة صعدة يوم أمس مراسيم تشييع مؤسس حركة الحوثيين المسلحة في صعدة/ حسين بدر الدين الحوثي، وقد حملت مراسيم التشييع رسائل متعددة للداخل اليمني والخارج الإقليمي القريب، سيما من خلال ظهور أجهزة الشرطة الخاصة بجماعة الحوثي وكذا عملية الحشد، والإعدادات والترتيبات والحضور الذي لم يغب عنه الحضور الإيراني والمذهبي، من خلال مشاركة "كريم زاده" ممثل علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني في سفارة طهرانبصنعاء، ومشاركة "معتز شاكر" من حوزة "السيدة زينب " بسوريا كممثل للحوزات الاثني عشرية بسوريا. الحضور والإعدادات والترتيبات الأمنية والتجهيزات وصولاً إلى زي الحرس الثوري الإيراني الذي ارتداه عناصر الحوثي الذين حملوا رفاة حسين الحوثي أمس، يرى فيه مراقبون سياسيون أن من بين الرسائل التي حملتها مراسيم التشييع، التأكيد على أن صعدة باتت اليوم دولة مستقلة تديرها جماعة الحوثي المسلحة بجيش وأجهزة شرطة بعيدة عن سيادة الدولة اليمنية أو حتى تحت بصرها, مؤكدين أن رسائل عدة بعثتها إيران من خلال هذا التشييع وحضور ممثل الحرس الثوري الإيراني، منها رسائل للداخل اليمني وفي مقدمته الرئيس الذي أكد مراراً رفض بلاده التدخل الايراني في اليمن وحذر منه، مشيرين إلى أن سماح الرئيس بتعليق صور الحوثي في العاصمة صنعاء بتلك الطريقة الملفتة وكذا غضه وسماحه مع الحكومة بتدشين إعلان صعدة كدولة مستقلة خارج سيادة الدولة، يؤكد أن حديث الرئيس والحكومة عن التدخل الايراني في اليمن ومخاطرة بات اليوم مدعاة للسخرية إن لم يكن نوعاً من المزايدة السياسية، متسائلين في الوقت ذاته ما إذا كان الرئيس أراد إيصال رسائل تتجاوز حدود اليمن الشمالية. ونوه المراقبون إلى أن الرسالة الإيرانية الأقوى في تلك المراسيم والحضور والحشد لم تكن موجهة للداخل اليمني بقدر ما هي موجهة للجارة النفطية لليمن المملكة العربية السعودية.. حيث يرى المراقبون أن إيران أرسلت من صعدة أمس رسائل عدة للسعودية أولها أن مسألة إعلان دولة شيعية على الحدود الجنوبية للملكة تم تدشينه اليوم وأن إيران حاضرة بقوة في اليمن وعلى استعداد للمواجهة، سيما وأن إيران تريد التأكيد للسعودية بأنها ستضرب كل حزامها السني المحيط بها في اليمن والبحرين والعراق –بحسب ما يراه مراقبون سياسيون- موضحين بأن التجييش الذي حصل أمس من قبل جماعة الحوثي في مراسيم التشييع يؤكد أن الجماعة باتت تمتلك من السلاح ما يمكنها من خوض حرب ضد دولة. تكاد تكون عملية تشييع حسين بدر الدين الحوثي يوم أمس بصعدة وبمشاركة كبيرة من أنصار ومؤيدي هذه الجماعة المسلحة, رسالة واضحة لحقيقة المشروع السياسي الطائفي لجماعة الحوثي المسلحة.. نبيل البكيري الباحث والمختص في شئون الجماعات الإسلامية، رئيس المنتدى العربي للدراسات والتنمية يرى أن الفعالية بحد ذاتها كانت رسالة واضحة لحقيقة مشروع الحوثيين السياسي الطائفي في صعدة، وكانت رسالة للجميع في الداخل والخارج بأن هذه الجماعة أصبحت تمتلك دولة خاصة بها في صعدة، وأنها في طريقها للتوسع والتمدد بقوة السلاح والتسليح الإيراني والصمت والتواطؤ الخليجي والأميركي أيضا. ويصف البكيري في حديثه ل"أخبار اليوم" موقف الحكومة بالضعيف, حيث قال: موقف الحكومة اليمنية كان موقفاً ضعيفا ومائعاً يعكس حقيقة الضعف الذي تمر به الحكومة و تنازع إرادتها الرسمية من قبل أطراف التوافق والقوى الإقليمية والدولية. وأعتبر البكيري ما جرى أمس محافظة صعدة اليمنية، من مراسيم رسمية، لا تفسير لها سوى أنها إعلان رسمي لاستقلالية المحافظة عن السيادة الوطنية، و هذا لم يكن شيئا مفاجئا بالنسبة لي، بقدر ما هو نتاج طبيعي لمراحل من العمل الدؤوب من قبل هذه الجماعة وكل الذين في خندقها من مرضى السلالية القذرة و مدمني المال السياسي الملوث. وأكد أن ما يجري في صعدة شيء طبيعي متوقع من قبل جماعة ترتكز في عقيدتها على خرافة الاصطفائية السلالية عقائدياً و سياسياً، المحصورة في سلالة بعينها من الناس. ويرى الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن ما ليس طبيعياً هو الصمت القاتل من قبل الحكومة و رئيس الدولة عبد ربه منصور هادي الذي أقسم يميناً على صون تراب هذا الوطن والحفاظ على سيادته واستقلاله.. ويضيف: ما ليس طبيعياً هو هذا النفاق السياسي والأخلاقي الرخيص من قبل نخب العهر السياسي، الذين يتخذون من هكذا قضية ورقةً للمناكفات السياسية وعلى حساب الوطن و أمنه و استقراره. ما ليس طبيعياً أن يستميت البعض من المعاقين ذهنياً ليقنعك أن هذه "الجماعة" وطنية و تحمل مشروعاً سياسياً مدنياً للوطن متغافلاً إرثها التاريخي المثقل بالكهنوت والاستبداد والظلم القهر والتمييز العنصري، الممتد لما يزيد عن ألف عام، متجاهلاً سلوكيات هذه الجماعة الإرهابية و العنصرية، ضد المواطنين في كل من صعدة و كشر و الجوف و عمران، و غيرها من المناطق. كما يرى البكيري أن ما ليس طبيعياً وغير مفهوم أيضا، هو صمت الأحزاب الوطنية الكبيرة ذات البعد الأممي والقومي والعروبي، التي ناضلت زمناً طويلاً كما تدعي من أجل هذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، مضيفاً: للأسف نقولها كل ما نرى و نسمع لم يعد سوى نفاقاً مكشوفاً من قبل البعض إن لم يكن خيانة وطنية عظمى ترتكب بحق هذا الوطن نتيجة الصمت أو التجميل أو التغطية والتعامي عن حقيقة مشروع هذه الجماعة، التي تسعى لتقسم الوطن و تمزيقه مذهبياً وطائفيا وسلالياً. إن ما يقوم به البعض من دجل رخيص وتزييف للوعي عن حقيقة هذا المشروع الطائفي والعنصري ليس ذلك سوى عهر سياسي رخيص، يتلبس بعداً سياسياً، يحاول استغباء اليمنيين و يزيف تاريخهم الطويل من النضال ضد هذه الفكرة الإبليسية التي دفنها اليمنيون منذ خمسين عاماً، حينما كان معظمهم أسرى لأمية أبجدية قاتله، فكيف بها اليوم و قد غدا اليمنيون رواداً مناضلين في كل صنوف المعرفة. وقتل حسين الحوثي سبتمبر من العام 2004م في الحرب الأولى التي خاضتها الجماعة مع الجيش في عهد النظام السابق، وأنهت السطات آنذاك الحرب الأولى بعد مقتله، لتتجدد بعد ذلك الحرب على خمس مراحل بصورة متقطعة.