تدهورت الأوضاع الإنسانية في اليمن بشكل كبير مع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السابق، وفي ظل نزاعات داخلية بالشمال والجنوب فاقمت الأزمة، حتى أصبح نصف السكان تقريباً بحاجة للمساعدات الإنسانية. ويشير تقرير لفريق تابع للأمم المتحدة إلى ان معالجة المحنة الانسانية لملايين المواطنين تتطلب نحو ستمئة مليون دولار خلال العام الجاري، لأن حدة الأزمة وخطورتها ستؤثران أيضاً على التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية على المدى الطويل. وحجم الاحتياجات الإنسانية للبلاد جعلها واحدة من أكبر حالات الطوارئ في العالم، لأن أكثر من نصف السكان بحاجة إليها. وقال منسق الشؤون الانسانية في اليمن يوهانس فان دير كلو :«الثقة في عملية الانتقال السياسي تتوقف على تحسن حياة الناس». معاناة مستمرة وأشار الفريق الأممي إلى ان 10.5 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعاني أكثر من مليون طفل دون سن الخامسة من سوء تغذية حاد، وأن 13.1 مليون شخص لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة أو الرعاية الصحية اضافة إلى 8.6 ملايين يفتقرون إلى الرعاية الصحية. وهناك اوضاع مأساوية لأكثر من 300 ألف نازح في شمال البلاد، حيث استمرت المواجهات بين المسلحين ومعارضيهم من رجال القبائل في اكثر من محافظة، الى جانب مئات الآلاف من اللاجئين. والمنظمات العاملة بحاجة في هذا الجانب الى 592 مليون دولار أميركي حتى تتمكن من تقديم المساعدات الحيوية إلى 7.6 ملايين هم أكثر الناس عرضة للخطر. وتشمل الاحتياجات ذات الأولوية، الغذاء والمأوى وفرص سبل العيش، والمياه، والصرف الصحي، والخدمات الطبية، وحماية الأشخاص المشردين داخلياً واللاجئين والمهاجرين وغيرهم من الفئات الضعيفة. ولم تقابل الخطة بتفاعل كافٍ من المجتمع الدولي، فإجمالي ما ورد لا يزيد على 11 في المئة فقط من المبلغ المطلوب. وأدت الصراعات الاخيرة في محافظتي عمران والضالع ومن بعدها المواجهات مع عناصر تنظيم القاعدة في ابين وشبوة، إلى تفاقم الوضع الانساني ونزوح الآلاف من السكان عن منازلهم واصبحوا يعيشون في أوضاع انسانية بائسة جداً. ومع احتمال دخول مناطق اخرى في دائرة الصراع مع اعلان رئيس الجمهورية توسيع المواجهة مع تنظيم القاعدة الى محافظتي مأرب والبيضاء، فإن الحكومة تقف عاجزة لأنها تعاني اساساً من عجز كبير في الموازنة، وتواجه خطر عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين. معدل البطالة وقد ارتفع معدل البطالة في أوساط الشباب بنسبة تبلغ 52.9 بالمئة، وان قدرة الحكومة اقتصرت على توظيف أكثر من 70 ألف حالة جديدة خلال عامين. ومع أهمية هذه الخطوة في تحسين الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للسكان إلا أنها شكلت عبئاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة. لكن الراهن ينصب حالياً على المبالغ التي ستقدم من المانحين من اجل توسيع القدرة الاستيعابية للبرامج كثيفة العمالة، وبما يواكب تدفقات المساعدات الخارجية في حين تعوّل الحكومة للحد من البطالة، على الاسراع في إتاحة تعهدات المانحين للإنفاق على برامج إعادة إعمار المناطق المتضررة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية. ويُحسب للحكومة انها استطاعت احداث الاستقرار التمويني في السلع والخدمات الأساسية عبر تجاوز حالة الاختناقات التموينية التي شهدتها، الا انها لاتزال عاجزة عن مواجهة أزمة المشتقات النفطية وتوفيرها بشكل كافٍ بسبب ارتفاع فاتورة الدعم لها والتي بلغت نحو ثلاثة مليارات دولار. ورفض صندوق النقد الدولي تقديم أي قروض جديدة للبلاد الا اذا اتخذت اجراءات اصلاحية من شأنها ان تُخفّض مبلغ الدعم المخصص للمشتقات النفطية.