احتضنت مؤسسة " البيسمنت " الثقافية حفل توقيع الديوان الأول للأديبة اليمنية أيمان السعيدي "عطر المطر" في حضور إدارة المؤسسة وعدد من الأدباء والكتاب والنقاد والمهتمين بالشأن الثقافي. وفي حفل التوقيع الذي أداره الأديب نبيل قاسم، قدمت السعيدي، نماذج من نصوص ديوانها الذي تصدرت فيه قصيدة" عطر المطر" صفحة الغلاف الاخير. جاء الديوان في 61 صفحة من القطع المتوسط، قدمه الأديب والناقد الحارث بن الفضل، الذي عد ظهور ايمان السعيدي في المشهد الشعري اليمني اضافة جديدة في سماء القصيدة اليمنية الحديثة. في 27 نصا ادبيا، سوى الذي حمل عنوان الديوان " عطر المطر". حلقت أيمان السعيدي في هذه النصوص بين احلام عابرة وذاكرة للحنين وفوضوية الحلم ، وفيوضات الجنون الواقف على حافة العقل، الذكرى، الوجع، الغياب، الانتظار، الرحيل، وجنون الحب والهذيان وتأملات الزيف والنسيان وهموم البحث والزحام، وامنيات الفرح والحلم. في ديوانها الأول سطرت ايمان السعيدي نفحات صور فنية، وقدمت ملامح واضحة لتجربتها الأولى التي نقلتها إلى فضاء الأدب النسائي اليمني، هذا النوع الذي تقلد فيه اليمن كرسي الريادة خلال السنوات الأخيرة، بأسماء نسائية كان لها حضور مميز واستثنائي في فضاء الأدب العربي الحديث. وتنتمي الأديبة السعيدي إلى جيل الأدباء الشباب فهي من مواليد العام 1990، منطقة ماوية بمحافظة تعز، وحاصلة على شهادة البكلوريوس في اللغة الانجليزية. والتجربة الشعرية للسعيدي بدأت في وقت مبكر واستطاعت فيها احراز نجاحات اسطورية في تجاوز حواجز الممنوع والخروج من شرنقة قيم المجتمع الريفي الذي عانت منه كثيرا. ساعدها في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي في الشبكة الافتراضية، والتي تجاوزت فيها عالمها الصغير مع عدد محدود من الإصدارات الأدبية الورقية ، إلى فضاء الادب الإلكتروني. نشرت السعيدي الكثير من نصوصها الأدبية في وسائل الإعلام المقروءة قبل أن تقرر طباعة ديوانها الأول" عطر المطر" الذي وجد طريقه إلى القارئ اليمني والعربي مؤخرا، بالتوازي مع ديوانها الثاني قيد الطبع والذي تقول السعيدي أنها لم تقف بعد على تسميته وتطمح أن تطبعه عبر احدى المؤسسات الثقافية العربية التي تعهدت بطباعته. منهج النص ولغته وبنائيته عند إيمان السعيدي ينزع إلى تقديم بنائية خاصة تمتزج فيها احلام الكاتبة بحيرة اسئلة لمكامن النفس الغامضة، في بناء يعكس إلى حد كبير شخصيتها المائلة إلى الهدوء ولتأمل والتماهي مع الحرف إلى حد يساعدها في الوصول بخفة إلى مناطق تماس بين المسموح والمقدس، والفرح والحزن، ومناطق الضوء والضباب. بحرفية تظهر في بعض نصوصها، تنجح السعيدي في ردم المسافة بين الوهم والحقيقة وتقدم خلاصات مقنعة تستفز الوجدان، لكنها تقر احيانا عن حيرتها في رحلة اقتفاء أثر المشاعر الغامضة. اكثر ما يميز نصوص الديوان الأول لأيمان السعيدي على بساطته أنها لم تكترث لتكرار الشكل السائد في الكتابة للنخبة، بل توجه اكثر نصوصها للمثقف وغير المثقف وللمتذوق وغير المتذوق بتحليقها مع طيف واسع من المشاعر الإنسانية البسيطة، بجمل شعرية تتسم بالخفة والبساطة والتكثيف وجماليات الموسيقى وعمق الصورة. يُغنّيك " الحاء " ويراقصك " الباء " على الحان الهوى يتضمن الديوان كذلك نصوصا تنزع إلى كشف الغموض وتفكيك عقد الحالات الانسانية العاطفية بتفاعلاتها وانفعالاتها واندهاشاتها وآلامها وافراحها واتراحها. وتقدم الكاتبة في نصوصها خلاصات لتجربة فتاة تجاوزت بإيمانها وقوة عزيمتها موانع المجتمع الذكوري الذي يضع الكثير من القيود أمام المرأة في حلمها بتجاوز قواعد المقدس.