قال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في خطابه ليلة الأربعاء: "هذه الاستراتيجية في إخراج الإرهابيين الذين يهددوننا، ودعم شركائنا في الخطوط الأمامية، هي استراتيجية سعينا بنجاح لتحقيقها في اليمنوالصومال، ولسنوات". بنجاح؟ إذا كان اليمن أو الصومال هما معيار للنجاح، فقد وضع الرئيس الأمريكي خطًّا منخفضًا بالفعل لطموحاته. في فبراير 2006م، 23 مشتبهًا بهم من تنظيم القاعدة، بما في ذلك مساعد أسامة بن لادن، ناصر الوحيشي، هربوا عبر نفق، من سجن يخضع لحراسة مشددة في العاصمة اليمنية، صنعاء، إلى الحريّة. وبعد ثلاث سنوات، شكّل الوحيشي، وعدد من السجناء المفرج عنهم من معتقل غوانتانامو، تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أو القاعدة في جزيرة العرب. والتحدث عن سجن خليج غوانتانامو قد يكون مفيدًا هنا أيضًا. حيث إنّه، وعلى الرغم من إفراغ إدارة أوباما لهذا السجن تقريبًا، لا يزال أكثر من نصف ال 150 سجينًا المتبقين هناك من اليمن. ونشاط القاعدة الاستثنائي في جزيرة العرب جعل من الخطر جدًا إعادة هؤلاء إلى وطنهم. وفي شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ للأمن الداخلي، قبل ساعات من خطاب الرئيس يوم الأربعاء، قال نائب مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب، نيكولاس راسموسن: "لا تزال القاعدة في جزيرة العرب، والتابعة لتنظيم القاعدة، تخطط على الأرجح لهجمات عابرة للحدود الوطنية ضد الولايات المتحدة". وفي الواقع، قد يفوق تهديد هذا التنظيم التهديد الذي تشكله “الدولة الإسلامية”. حيث قام مكتب مدير الاستخبارات الوطنية بالتغريد مرة، قائلًا: "قدرة داعش على تنفيذ هجمات كبيرة معقدة في الغرب في الوقت الراهن صغيرة، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة ليست في مأمن". وأما التهديد الذي تشكله القاعدة في جزيرة العرب على الولايات المتحدة فهو ليس افتراضيًّا أبدًا. في مايو 2012، أعلن البيت الأبيض حالة طوارئ وطنية “للتعامل مع التهديد غير العادي والاستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والذي تمثله تصرفات وسياسات بعض أعضاء الحكومة اليمنية وغيرهم”. وقبلها بشهر فقط، أعلن الرئيس حالة الطوارئ الوطنية أيضًا، ولكن فيما يتعلق بالتهديد الصومالي. وفي الشهر الماضي، ذكرت صحيفة يمن تايمز تطورًا جديدًا ينذر بالخطر، حيث أعلنت القاعدة في جزيرة العرب "التضامن مع الإخوة المسلمين في العراق ضدّ الحملة الصليبية". وقال بيان يزعم بأنه صادر عن المجموعة: "دماء هؤلاء وإصاباتهم هي دمائنا وإصاباتنا، ونحن سوف ندعمهم بالتأكيد". ليس من شك في أنه من الصعب العثور على أمثلة من النجاحات الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط، وهو أمر يدعو إلى التعاطف مع الرئيس الأمريكي. ولكن الترويج لفشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على مدى السنوات الست الماضية من خلال اعتبار اليمنوالصومال كنماذج ناجحة، ويجب أن تحتذى في العراق وسوريا؛ فهذا أمر لا يبشر بالخير بالنسبة لتحقيق أمن طويل الأمد في المنطقة، وحتى في الولايات المتحدة.