جاء قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي، بتكليف المهندس خالد بحاح بتشكيل الحكومة الجديدة ليكرس معادلة غير منصوص عليها دستورياً تجعل منصب رئيس الوزراء من نصيب محافظة حضرموت، التي تشغل نحو ثلث مساحة الجمهورية اليمنية. وكان "حزب المؤتمر الشعبي العام"، الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، قد اعترض على تكليف مدير مكتب الرئاسة أحمد بن مبارك بتشكيل حكومة، لكونه جنوبياً، واشترط أن يكون رئيس الوزراء شمالياً ما دام رئيس الجمهورية جنوبياً. إلا أن هذا المعيار لم يكن له حضور عند اتفاق هادي مع المكونات السياسية الفاعلة على شخصية جنوبية "حضرمية" أخرى، هو وزير النفط الأسبق ومندوب اليمن لدى الأممالمتحدة المهندس خالد بحاح. ومنذ توحيد الشطرين الشمالي والجنوبي في 22 مايو 1990، جرى تكليف ستة "حضارم" بتشكيل الحكومة، كان أولهم المهندس حيدر أبوبكر العطاس الذي شكل أول حكومة لدولة الوحدة، ثم رأس الحكومة الثانية التي تشكلت عقب أول انتخابات تشريعية جرت في 27 أبريل 1993. وكان من أبرز إنجازات العطاس وضع برنامج إصلاح اقتصادي وإداري متميز، لكنه تعثر بسبب الأزمة السياسية التي انتهت بحرب صيف1994 وانتصار قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على قوات الشريك الجنوبي في السلطة، المتمثل بالحزب الاشتراكي اليمني بزعامة علي سالم البيض آنذاك. وفيما تولى السياسي الشمالي عبدالعزيز عبدالغني رئاسة الوزراء من أكتوبر 1994 إلى أبريل 1997، عاد صالح ليكلف اقتصاديا "حضرميا" بارزا بتشكيل الحكومة عقب الانتخابات البرلمانية في 27 أبريل 1997 وهو الدكتور فرج بن غانم، الذي اصطدم بمراكز القوى ولوبي الفساد واشترط على صالح إما دعمه أو قبول استقالته، فغادر الحكومة بعد أقل من عام، راسماً لنفسه صورة خالدة وناصعة في نفوس وعقول اليمنيين. وخلف بن غانم شخصية سياسية واقتصادية شمالية أخرى هو الدكتور عبدالكريم الأرياني، الذي استمر من مايو 1998 إلى مارس 2001، ليجيء رئيس وزراء "حضرمي" ثالث هو عبدالقادر باجمال الذي شكل حكومته الأولى في مطلع أبريل 2001 وعاد مجدداً بعد انتخابات برلمان 2003 ليشكل حكومته الثانية التي استمرت حتى نهاية مارس 2007 ليتولى رئاسة الحكومة جنوبي آخر ينتمي إلى محافظة شبوة وهو الدكتور علي مجور الذي استمر حتى أواخر العام 2011. وخلف مجبور "حضرمي" رابع هو محمد سالم باسندوة، الذي ترأس في 7 ديسمبر حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت مناصفة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائها بناء على المبادرة الخليجية التي جرى التوقيع عليها في العاصمة السعودية الرياض في 23 نوفمبر 2011. أما خامس شخصية "حضرمية" يُعهد إليها بتشكيل الحكومة فكان مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الذي جوبه قرار تكليفه باعتراض الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، مما اضطره لتقديم طلب للرئيس هادي بإعفائه وذلك بعد أقل من 48 ساعة على تكليفه. وفي تعليق ل"العربية.نت" على هذا الموضوع، قال المحلل السياسي كامل محمد: "تمتلك محافظة حضرموت سجلا ناصعا في الخبرات الاقتصادية والعقول التجارية التي انتشرت في كثير من دول المنطقة وبلدان شرق إفريقيا وجنوب شرق آسيا لتصنع إمبراطوريات مالية وتجارية عملاقة في بلدان المهجر". وتابع محمد: "واليمنيون بمختلف انتماءاتهم الجهوية يشعرون بالارتياح لتولي كفاءات حضرمية رئاسة الحكومة، إيمانا منهم بأنه إذا ما أعطيت هذه الكفاءات والخبرات الحضرمية الصلاحيات الكاملة فإن بمقدورها أن تنفذ برامج إنعاش اقتصادي بنجاح تام وأن تجذب استثمارات عربية وأجنبية ورؤوس أموال يمنية مهاجرة".