رأي الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس أن الحوثيين الشيعة الذين أعلنوا سيطرتهم علي مقاليد الحكم في اليمن الأسبوع الماضي ، لا يبدون كحلفاء طبيعيين للولايات المتحدة. ونوّه -في مقال نشرته صحيفة 'لوس أنجلوس تايمز' الي أن شعارات الحوثيين المفضلة هي 'الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة علي اليهود'، كما يقول مسؤلون أمريكيون إن هؤلاء تلقوا أموالا وأسلحة وتدريبا من إيران.. فيما تباهي مسؤول إيراني مؤخرا بأنه بفضل الحوثيين باتت العاصمة اليمنية في قبضة إيران، جنبا إلي جنب مع عواصم كل من العراق وسوريا ولبنان.
ومع ذلك، رصد مكمانوس سعيا حثيثا من جانب مسؤولين في إدارة أوباما الأسبوع الماضي للاتصال بقادة الحوثيين وطمأنتهم بأن الولاياتالمتحدة لا تعتبرهم أعداء.. ونقل عن أحد مسؤولي إدارة أوباما القول 'نحن نتحدث إلى الجميع، مع كل من يتحدث إلينا'. وقال مكمانوس إن كبار قادة الحوثيين لم يسعوا حتي الآن للقاء الإدارة الأمريكية، إنما الأمريكيون هم من يعملون لمثل هذا اللقاء. وتساءل صاحب المقال عن سر هذا السعي الحثيث لعمل علاقة مع جماعة لا ترغب في قليل من النفوذ الأمريكي علي أرضها فضلا عن الكثير؟ وأجاب مكمانوس قائلا 'لأن الحوثيين وحلفاءهم هم الآن في السلطة باليمن، إحدي ساحات القتال الرئيسية في الحرب الأمريكية الطويلة ضد تنظيم القاعدة، ولأن الحوثيين يكرهون تنظيم القاعدة'. ونوّه الكاتب عن أن مسؤولي أمريكا يعتبرون فرع القاعدة في اليمن بمثابة تهديد أكبر من أي تهديد آخر تمثله أي جماعة إرهابية أخري وذلك لولع وميل القاعدة لاستهداف الأمريكيين. وأوضح مكمانوس أن الحوثيين هم شيعة بينما القاعدة هم سُنة متشددون، لكن الكراهية ليست طائفية الأساس، فثمة صراع قديم علي الأرض والقوي.. فقد حكم الحوثيون معظم شمال غرب اليمن زهاء قرون، ولقد أزعجهم توغل تنظيم القاعدة في الجنوب منهم.. وقد خاض الفريقان معارك علي الأرض.. وكان من بين مآخذ الحوثيين علي الحكومة اليمنية -التي أطاحت بها للتو- أنها لم تكن تدفع بالقوات الكافية للحرب ضد القاعدة.. وقد أصدر تنظيم القاعدة الأسبوع الماضي بيانا يتهم فيه الحوثيين بأنهم شركاء مخلصون للولايات المتحدة. بعبارة أخري، يقول مكمانوس، بالنسبة لأمريكا، عدوّ عدوي هو صديقي.. ولكن ماذا عن حقيقة ارتباط الحوثيين بإيران؟ وهل علي أمريكا أن تقلق من أن 'الحوثيين' كأعداء لعدوها 'القاعدة' هم أيضا أصدقاء مع عدو آخر لها في طهران؟ ورصد الكاتب تحذير السيناتور جون ماكين الأسبوع الماضي من أن 'إيران تتوسع، وأن من استولي علي السلطة في اليمن ليس تنظيم القاعدة وإنما الحوثيون.. الحل يكمن في مزيد من الوجود العسكري علي الأرض'.. بعبارة أخري في وجود قوات عمليات خاصة. غير أن مسؤولي إدارة أوباما يصرون علي أن تلك المخاوف مبالغ فيها، ذلك أن 'إيران إنما تدعم الحوثيين دون أن تسيطر عليهم'، حسبما نقل مكمانوس عن أحد مسؤولي إدارة أوباما. ورصد صاحب المقال إعلان الحوثيين، غداة حلّهم البرلمان اليمني يوم الجمعة الماضي وبعد أسابيع من المفاوضات السياسية، أنهم بصدد تشكيل حكومة انتقالية جديدة علي أن تتضمن تلك الحكومة تمثيلات عن معظم أطياف الدولة 'نحو ثلث اليمن البالغ تعداد سكانه 25 مليون نسمة هم من الحوثيين'. ورأي مكمانوس أن السؤال الرئيسي للمسؤولين في الولاياتالمتحدة هو ما إذا كان من الممكن إقناع هذه الحكومة التي يتحدث عنها الحوثيون، بالانضمام للتحالف المحارب لتنظيم القاعدة بوجه عام، فضلا عن التحمّس لذلك؟ وقال الكاتب إن هذا الأمر تمّ اختباره علي مدار الأسبوعين الماضيين، إذْ استئنفت الولاياتالمتحدة غاراتها الجوية بدون طيار في اليمن بعد توقف دام عدة أشهر وسط أجواء من الفوضي عمّتْ العاصمة صنعاء. ورصد مكمانوس سرور المسؤولين بالولاياتالمتحدة من عدم صدور ردّ فعل واضح علي الغارات الأمريكية.. ولكن هذا السكوت لن يدوم، فلطالما أعلن قادة الحوثيين رفضهم لتلك الغارات الأمريكية معتبرين إياها بمثابة انتهاك لسيادة اليمن، قائلين إنهم قادرون علي التعاطي مع تنظيم القاعدة وحدهم. ورصد صاحب المقال رفض الشعب اليمني بشكل قاطع لشنّ تلك الغارات الأمريكية في سماء اليمن، وأكد أن تلك الغارات كانت بمثابة عنصر فاعل في سقوط الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي نجح في إدخال السرور علي المسؤولين الأمريكيين بالتعاون المفتوح مع الولاياتالمتحدة غير أنه فشل في الحفاظ علي تلقي الدعم من الفصائل السياسية اليمنية. وقال مكمانوس إنه من وجهة نظر الرئيس أوباما 'ألا بديل عن السعي للحفاظ علي بقاء الشراكة قائمة'.. ولكن علي الدبلوماسيين الأمريكيين المنتظرين عاقدين الآمال بشأن من سيرفعه سماسرة السلطة في اليمن إلي سدّة الحكم، أن يُذّكروا أنفسهم ببعض دروس قديمة عن سياسات القوي في الشرق الأوسط: 'كن حذرا قبل أن تحكم علي أي نموذج بأنه ناجح -كما حكم أوباما علي اليمن الخريف الماضي فقط- فقد تعيش لتندم علي هذا الحكم'. واختتم مكمانوس مقاله قائلا 'عندما تعلن حكومة متزعزعة أنها حليف لك، كما فعل عبد ربه منصور هادي- فذلك لا يعني أنها اكتسبت مزيدا من الحكمة.. كما أن عدو عدوك قد يكون صديقك اليوم، لكن هذا لا يجعله صديقك للأبد'.