قررت الولاياتالمتحدة تسريع بيع بعض الأسلحة الضرورية إلى دول مجلس التعاون الخليجي, واتفقت معها على العمل المشترك بهدف التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة. جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ختام المحادثات التي أجراها في الدوحة, أمس, مع نظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي وتناولت بشكل خاص الاتفاق النووي الموقع منتصف الشهر الماضي بين إيران والدول الكبرى, إضافة إلى العلاقات الثنائية والملفات المشتعلة في المنطقة. وفي مؤتمر صحافي مع نظيره القطري خالد العطية, في ختام الاجتماع, أعلن كيري أن الولاياتالمتحدة “ستسرع” بيع الأسلحة لدول الخليج, قائلاً “توافقنا على تسريع بيع بعض الأسلحة الضرورية التي استغرقت وقتاً طويلاً في الماضي”, كما “توافقنا على البدء بعمليات تدريب محددة جداً … بهدف تبادل وتقاسم المعلومات الاستخباراتية”. واشار إلى استمرار المشاورات بين واشنطن وحلفائها الخليجيين بشأن “كيفية دمج أنظمة الصواريخ البالستية لدول المنطقة” فضلاً عن “زيادة عدد التدريبات (العسكرية) التي نقوم بها معاً”, مضيفاً “إنها بعض الأمثلة عن رؤيتنا لكيفية تعزيز أمن المنطقة وتحسين التعاون”. وأكد أن الولاياتالمتحدة ودول مجلس التعاون لديهما جدول أعمال مفصل بشأن مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة, معلناً أنه اتفق مع نظرائه الخليجيين على أن تطبيق الاتفاق النووي بالكامل “سيسهم في أمن المنطقة”. من جهته, قال وزير خارجية قطر خالد العطية في المؤتمر الصحافي إن الاتفاق مع ايران “كان أفضل خيار بين خيارات أخرى للتوصل الى حل لقضية البرنامج النووي الايراني عبر الحوار”, مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة واثقة بأنه سيجعل المنطقة أكثر أمناً. وفي كلمة له خلال افتتاح الاجتماع, أكد العطية أن الاتفاق النووي “يجب أن يكون سبباً في الاستقرار والتعاون وحسن الجوار مع إيران وليس تدخلها في الشؤون الداخلية للدول” العربية. وقال العطية, الذي تحدث نيابة عن دول مجلس التعاون الخليجي باعتبار قطر الدولة المضيفة للمحادثات, إن وقاية المنطقة من أخطار وتهديدات الأسلحة النووية تتم من خلال السماح باستخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية طبقاً للقواعد الدولية, مؤكداً “أهمية التعاون مع طهران على أسس ومبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفض المنازعات بالطرق السلمية”. وأشار إلى أن التحديات غير المسبوقة التي تواجهها العديد من مناطق العالم, سيما منطقة الشرق الأوسط, تستدعي من دول الخليج والولاياتالمتحدة بذل المزيد من الجهود لمواجهتها من أجل إحلال السلم والأمن والاستقرار العالمي. ولفت إلى أن الاجتماع مع كيري يعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية استثنائية ما يتطلب تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين الطرفين, كما أنه يرمي إلى تنفيذ الأهداف والغايات التي تحقق المصالح المشتركة ورسمها قادة دول مجلس التعاون مع الولاياتالمتحدة. وإذ دعا الولاياتالمتحدة إلى بذل جهد مضاعف للعودة بعملية السلام إلى مسارها الشامل وإنهاء الاحتلال, تطرق العطية في كلمته إلى الشأن اليمني, مؤكداً حرص دول مجلس التعاون على وحدة اليمن وسلامة أراضيه واحترام سيادته ودعم الشرعية واستكمال العملية السياسية وفق المبادئ الخليجية وآليته التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني في اليمن يناير 2014 وإعلان الرياض في مايو 2015 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وبشأن الأزمة السورية, طالب العطية الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي بتكثيف الجهود المشتركة لوقف العنف وحقن الدماء وتحقيق إرادة الشعب السوري في الوحدة والأمن والاستقرار وفق قرارات اجتماع “جنيف -1″. وفي الشأن العراقي, أكد أن استقرار العراق يتطلب توافقا وطنياً عاماً بمنأى عن أي تدخل خارجي أو تفريق طائفي, مشيراً إلى أن “العالم لا يزال يواجه تنامي ظاهرة الإرهاب التي طالت أخيراً بعض دولنا الخليجية الشقيقة التي تهدف إلى قتل الأرواح البريئة وترويع الأمنيين وبث الفتنة”. وكان كيري استهل اجتماعاته في الدوحة بلقاء مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير صباحاً, قبل اجتماع ثلاثي عقد مساء ضم إليهما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف, تركزت المحادثات خلاله على التعاون بشأن مكافحة الإرهاب, وخاصة تنظيم “داعش”, وسبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية, إضافة إلى الملف اليمني, بحسب ديبلوماسي أميركي. ومساء أول من أمس, عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون اجتماعاً تنسيقياً تمهيداً للاجتماع المشترك مع وزير الخارجية الأميركي, حضره الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني. وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الاجتماع جاء كمؤشر على أهمية القضايا السياسية والأمنية المطروحة على طاولة البحث وكذلك على الثقل الذي باتت تشكله منظومة دول مجلس التعاون الخليجي في العالم باعتبارها من أكثر المنظومات الإقليمية تماسكاً, إضافة إلى تفاعلها وتأثيرها في السياسة الإقليمية والدولية. في سياق متصل, استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وزراء خارجية “الخليجي”, واستعرض معهم آفاق المشترك تجاه عدد من القضايا الإقليمية والدولية. كما استقبل أمير قطر وزير الخارجية الأميركي, واستعرض معه علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها, إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية, سيما الأزمة اليمنية والأوضاع في سورية ومكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة. وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الشيخ تميم, الذي أطلعه كيري على تفاصيل الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى, أعرب عن أمله بأن “تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل”, إضافة إلى “تجنب سباق التسلح فيها”. كما التقى الشيخ تميم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يزور الدوحة حالياً, حيث أجرى الجانبان محادثات بشأن علاقات التعاون بين البلدين, وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات, إضافةً إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وتم خلال اللقاء مناقشة سبل توحيد جهود المجتمع الدولي لإيجاد الحلول المناسبة للأزمات السورية والعراقيةواليمنية والليبية, إضافة إلى مناقشة سبل التصدي لخطر الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.