رغم انهيار أسعار النفط العالمية، تعمل الكويت على تعزيز إنتاجها النفطي وحماية حصتها السوقية في ظل الضغوط المالية التي تشهدها البلاد، إذ تعول على تعافي الطلب العالمي في المستقبل. زادت شركة نفط الكويت من معدل إنتاجها الفعلي ليصل مطلع العام الجديد إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا، وقالت إن ذلك يأتي في إطار جهودها لرفع طاقتها الإنتاجية بشكل مرحلي إلى 3.15 ملايين برميل يوميا. ووصفت الشركة هذه النتائج بأنها "مشجعة"، إذ استطاعت رفع طاقتها الإنتاجية بنحو مئتي ألف برميل يوميا "في فترة قياسية" منذ أبريل/نيسان 2015، مؤكدة أنها ستواصل مجهوداتها للوصول إلى طاقة إنتاجية تبلغ 3.65 ملايين برميل عام 2020، "سعيا لتأمين متطلبات التنمية في الكويت"، وذلك رغم تخمة سوق النفط العالمية. ورأى خبراء اقتصاديون أن هذا التطور يمثل خطوة لضمان الأمان النفطي وتحقيق عوائد جديدة وتجنب خسائر متكررة، في ظل انهيار أسعار النفط ووجود أزمة ثقة بين الدول المنتجة. نظرة متفائلة للطلب وقال المحلل الاقتصادي عدنان الدليمي للجزيرة نت إن زيادة الإنتاج "خطوة مستحقة ومطلوبة" نظرا لوجود توقعات بزيادة الطلب العالمي على النفط خاصة في الصين وشرق آسيا وأوروبا، مضيفا أن تعزيز الإنتاج مطلوب لمواكبة الزيادة السكانية ومتطلبات المعيشة والخطط التنموية للكويت في كل مناحي الحياة والخدمات. سعر برميل النفط يبلغ حاليا نحو 37 دولارا ويرى الدليمي أن الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية ومحاولات الدول المتقدمة إيجاد بديل عن النفط أثبتت فشلها كليا، الأمر الذي أدى -حسب رأيه- إلى عودة قوية لاستخدام نفط منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وبالتحديد النفط الخليجي. ورغم اعتقاده بأن أسعار النفط -التي تبلغ حاليا نحو 37 دولارا للبرميل- لن تعود إلى المستويات السابقة، فإن الدليمي يؤكد أن وجود الأسعار عند مستويات عادلة بالنسبة للمنتجين والمستهلكين سيعزز الطلب المستدام ولآجال طويلة. وأوضح أن الكويت تحاول من وراء خطواتها الإنتاجية ضمان عدم تكرار خسارتها التي وقعت نتيجة الأزمة مع السعودية بشأن نفط المنطقة المقسومة والتي كان يبلغ إنتاجها نحو ثلاثمئة ألف برميل يوميا، الأمر الذي تسبب في إضعاف الكويت. وأضاف أن اكتشاف الكويت حقولا نفطية برية وبحرية جديدة، شجعها على زيادة الإنتاج دون الخوف على المخزون النفطي. أزمة ثقة من جهته قال الخبير النفطي محمد الشطي للجزيرة نت إن رفض خفض إنتاج النفط في دول مجلس التعاون الخليجي يتعلق برفض روسيا والعراق إلى جانب شركات النفط الصخري تخفيض إنتاجها رغم انخفاض سعر البرميل، إضافة إلى وجود أزمة ثقة بين المنتجين، والخوف من عدم التزام البعض بخفض الإنتاج وحدوث خسارة جراء ذلك. وتابع أن وجود الأمل لدى المنتجين في تعافي الأسعار والخوف من خسارة العقود التي تصعب استعادتها حين يتعافى الطلب، دعاهم إلى زيادة الإنتاج. ورأى الشطي أنه لا يمكن إعادة التوازن إلى سوق النفط مع اقتراب عودة بعض المنتجين وفي مقدمتهم إيران، لافتا إلى أن إعادة التوازن والتحكم في الفائض أصبحا مسؤولية دولية. ويعتقد المحلل الاقتصادي ميثم الشخص أن تعزيز إنتاج النفط الكويتي يهدف بشكل رئيسي إلى زيادة الإيرادات المتوقعة. وأوضح الشخص في حديثه للجزيرة نت أن الكويت لديها عقود طويلة الأجل ساهمت بشكل مباشر في التقليل من مخاطر بيع النفط، لكنه مع ذلك لم يهوّن من المخاوف المتعلقة بعودة إيران إلى السوق بعد رفع العقوبات عنها.