كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن أزمة كبيرة وقع فيها الرئيس السابق علي عبدالله صالح مؤخراً. ونشرت الصحيفة تقريراً مطولاً سلطت فيه الضوء على الرئيس الذي خلعته الثورة قبل ست سنوات لكنه لا يزال حاضراً بقوة في المشهد السياسي. وقالت الصحيفة في تقريرها إن علي عبد الله صالح يعيش في وضع لا يحسد عليه. فمن جهة، يعد صالح أحد أهم المطلوبين لدى السعودية، ومن جهة أخرى، يعيش الرئيس المخلوع أزمة ثقة مع حلفائه الحوثيين. في المقابل، يحتل صالح، البالغ من العمر 74 سنة، مكانة هامة في قلب الأزمة اليمنية الحالية، جعلت بعض المراقبين يصفونه بعرّابها. واعتبرت الصحيفة أن استمرار تواجد صالح في المشهد السياسي اليمني؛ يعد أكبر دليل على فشل الثورة التي قامت ضد أقدم نظام ديكتاتوري في العالم العربي؛ حكم قرابة 33 سنة. وهذا النظام لم يقدم لليمن شيئا سوى أنه جعلها تقبع تحت طائلة الفقر المدقع، مما دفع العديد إلى تصنيفها كأفقر دولة في شبه الجزيرة العربية. ونقلت الصحيفة تصريحات أحد المراقبين اليمنيين الذي أفاد أن "صالح ما زال لم يقتنع إلى حد الآن أنه رئيس مخلوع ومرفوض من عامة الشعب، لذلك لا زلنا نراه يتدخل في الشؤون السياسية للبلاد، حيث زار مؤخرا مركزا تجاريا كبيرا في العاصمة صنعاء". وأكدت الصحيفة أن صالح نظم مؤخرا عدة لقاءات سرية جمعته بقيادات حزبه ومواليه في مصر. ويهدف صالح، الذي يعاني من عقوبات أممية، من خلال هذه الاجتماعات؛ إلى أن يقنع مصر بأن تلعب دور "الدولة الحامية" التي يمكنها أن تؤويه في حال واصلت السعودية مطاردته. وتجدر الإشارة إلى أن السعودية تقود تحالفا عربيا حظي بدعم غربي من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا. وفي الواقع، تقود الرياض هذا التحالف لوضع حد للتقدم الشيعي الحوثي، الموالي لإيران، داخل اليمن. ونقلت الصحيفة عن المحلل والباحث في الجامعة الأوروبية للعلاقات الدولية، آدم بارون، أنه "بالرغم من فقدان الحوثيين لكل من عدن، كبرى مدن الجنوب اليمني، وإقليمي الجوف ومأرب، فالعاصمة صنعاء ما زالت تحت سيطرتهم، بالإضافة إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر في محافظة تعز". وأشارت الصحيفة إلى أن الشعب اليمني دفع تكلفة الأزمة الحالية من دمائه. فمنذ التدخل العسكري السعودي، قتل قرابة 1400 طفل يمني، ودُمرت حوالي 2000 مدرسة وسط صمت إعلامي دولي. وفي السياق نفسه، أعلنت عدة منظمات إنسانية عن مقتل 10 آلاف مدني يمني خلال أقل من 20 شهرا، نتيجة للحرب الدموية، في حين أن أكثر من 25 مليون يمني، أي ما يعادل 86 في المئة من عدد السكان، في أمسّ الحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وأوردت الصحيفة أنه في خضم هذه المعمعة، وفي ظل غياب هيبة الدولة، ومع معاناة اليمن من موجة جفاف، استغل صالح كل هذه الظروف، بالإضافة إلى قلة خبرة الحوثيين العسكرية؛ ليعرض خدماته. وبالتالي، تحوّل عدو الأمس إلى حليف اليوم، علما أن مواجهات دامية قد وقعت سابقا بين الطرفين. ودعمت الولاياتالمتحدة، سابقا، نظام صالح اقتصاديا وعسكريا، في إطار ما يسمى بالحرب الدولية على الإرهاب. في المقابل، منح صالح الضوء الأخضر للطائرات الأمريكية من دون طيار حتى تحلق داخل الأجواء اليمنية لمطاردة تنظيم القاعدة وزعيمه السابق، أسامة بن لادن. وأوضحت الصحيفة أن التحالف الثنائي بين كل من صالح والحوثيين يعد هشا للغاية، نظرا لأن كلا الطرفين له أهدافه الخاصة، فيما تعد السعودية العدو اللدود لكليهما، والسبب الوحيد الذي يجمعهما. وفي هذا الصدد، قال أحد المراقبين اليمنيين إن "الحوثيين سرقوا مؤخرا الأضواء من صالح". وخلال شهر تموز/ يوليو الماضي، أسس الحوثيون مجلسا سياسيا أعلى يضم قوات صالح، لمواجهة حكومة عبد ربه منصور هادي، المعترف بها من قبل كل من السعودية والعالم الغربي. وأشارت الصحيفة إلى أن صالح قد نجى بأعجوبة من موت محقق خلال ثورة 2011، عندما انفجرت قنبلة داخل قصره الرئاسي، مما دفعه لإعطاء أولية قصوى لحماية عائلته وأمواله التي نهبها من الشعب اليمني طيلة 33 سنة في السلطة.