اليمن وليس لبنان، الميدان الذي تفضله القوى الإقليمية لخوض حروبها عبر وكلاء ومتعهدي حروب ينشطون في الأثناء لقدح إحداها. كأن حرباً وراء الباب تمشط شعرها! ،،، في لبنان تخاض جولات مواجهة سياسيا وصراع قوى محموم ولكن دون الحرب. في اليمن، لا أحد سيهتم لما يحدث. والبشر وقود الحروب يتوفرون بأعداد كبيرة. ولا يصعب خلق أو اختلاق حيثيات ومحفزات ورايات حروب بالوكالة. ،،، في لبنان، يهربون من محاذير اندلاع مواجهات بينية وحروب أهلية، إلى مجال سياسي يمكنه أن يصل إلى تعطيل مؤسسات وسلطات؛ الحكومة، الرئاسة، البرلمان. في اليمن، الهروب عكسي غالبا؛ من السياسة وأزماتها إلى الحروب. ،،، في لبنان، تعطلت الحكومة أشهرا طويلة تحت حصار معتصمين لمقرها. انتهت الأزمة إلى حل سياسي ولم تنشب مواجهات أو معركة سلاح, في اليمن، اعتصام ايام يستدعي تصعيدا متبادلاً ومباشرة خيارات السلاح كما يلوح. ،،، في لبنان، أكثر من مائة يوم بدون رئيس جمهورية لفشل الفرقاء في تسمية مرشح متفق في البرلمان. فشلت جلسات كثيرة للبرلمان في انتخاب رئيس، وتوقفت المحاولات للآن. ولا محاذير سيئة؛ كل شيء يسير في حدود مأمونة وشبه طبيعية. في اليمن، توافق الفرقاء على رئيس توافقي، ولا يختلفون الآن على شيء أو أحد كما يختلفون حوله وعليه وبسببه. وهذا كاف لاستدعاء توهان بمعطيات حرب حشر وحشد لها خلال بضعة أسابيع كافة التبريرات والتفسيرات والوقود أيضا. ،،، في لبنان، يتصارعون ويختلفون بلا سقف. لكنهم يتفقون حول لبنان. في اليمن، جميع الاختلافات والخلافات تتوجه مباشرة إلى نسف الوطنية والطعن في الانتماء والهوية والعقيدة، وهي مجتمعة أو فرادى كافية لشرعنة حرب أو حروب. فلا يتفقون على شيء كما يتفقون على الاختلاف والخلاف حول اليمن. ،،، في لبنان،مذاهب وطوائف وعقائد وأديان وقوميات، وتعايش؛ صنع من بلد صغير وفقير بدون موارد تذكر عدا السياحة وصناعة الكتاب والنشر والإعلام، مفخرة للشرق. في اليمن، مذهبان تعايشا معا ضمن بيئة متجانسة لمئات السنوات. ومن التعايش باتوا يصنعون المذهبيات والطائفية والصراع والحروب، بالوكالة. وباتت السلطة والامتيازات هي أم كبائر الإثم والصراعات والأحقاد والكراهية والحروب. من وحدتهم يصطنعون شتاتا ومزقا وهويات واهمة ملتبسة ومدلسة، الجنوبية والشمالية والتعزية والجندية والحضرمية والتهامية والمأربية، وهم بصدد تقنينها في هيئة اقاليم متمايزة تعيد تفصيل الواحد وفرز مكوناته إلى آحاد صغيرة ضمن مشروع تفتيتي يستمد شرعيته ومشروعيته الوحيدة من الرعاية الدولية (التسمية المخففة للوصاية). وفي اليمن ثروات وموارد وإمكانات هائلة كانت سببا لفقر ولإفقار اليمنيين. وبات العمل الأكثر رواجا ويعرضونه عليهم (الحروب). ،،، في لبنان، اللبنانيون والخارجيون يستثمرون في السياسة والاقتصاد والفن والسياحة. في اليمن، اليمنيون والخارجيون يستثمرون في الحرب، ولكل مانوى. ،،، في لبنان، لبنان. في اليمن، كل الآخرين وكل شيء إلا اليمن. ،،، أنصح بالتشاؤم... بدون حذر : : * صفحة الكاتب على فيسبوك