بالربط بين التوقيع على اتفاقية السلم والشراكة الموقعة في 21 سبتمبر الماضي، الملزمة للحوثيين بمجرد تشكيل الحكومة بعودة المقاتلين من المحطات إلى صعدة، ورفع اللجان الشعبية من العاصمة وغيرها، وما يجري على الأرض، فإن الحوثيين يسابقون الزمن لبسط نفوذهم وإزاحة بعض القوى وبالتالي إعادة تشكيل الخارطة السياسية ليس فقط في محافظة البيضاء، ولكن أيضاً في تعزوإبوذمار والحديدة، وهذا ما تم لهم خلال الأيام القليلة الماضية. بدأ الحوثيون التحضير للمعركة مع فرع القاعدة في البيضاء مبكراً باستقطاب عناصر من أبناء قيفة إلى جانب قبيلتي ريام ووادي ثاه اللتين عرف عنهما أنهما حوثيتان منذ الحروب الست الماضية في صعدة، حيث قامت مجاميع من المستقطبين حديثاً بزيارة مدينة صعدة والالتقاء مع قيادات الحوثيين، وكذلك المشاركة في المناسبات ، ومشاركة أفراد منهم الحوثيين في حروب الجوف مؤخراً مقاتلين في صفوفهم.أما الحوثيون الموجودون في مدينة رداع فهم بيوتات علم وكبار موظفين في المدينة، ولم تكن هناك أي خلافات عقائدية مع أحد حتى عندما سيطر الشيخ طارق الذهب على مدينة رداع عام 2011م مع مجاميع القاعدة، لم يحدث أي تصادم بين الجانبين. يتخذ الحوثيون تكتيكاً مكرراً في حروبهم السابقة يعتمد على أبناء المناطق التابعين لهم بصفة أساسية في المناطق التي خاضوا فيها معارك بمحافظات صعدة وعمران والجوفومأرب. ولعله نفس التكتيك الذي يعتمدون عليه في معاركهم الحالية لاسيما تلك المعارك المنتظرة في معاقل القاعدة الحصينة في مديرية ولد ربيع رداع محافظة البيضاء التي يوجد بها (المناسح) المعقل الرئيس لثاني أقوى فروع القاعدة في جزيرة العرب بعد أن أمّنوا الجهة الشمالية بالسيطرة على محافظة ذمار الثلاثاء الماضي والتمركز في مناطق لا يفصل بينها وبين المناسح سوى جبل اسبيل. بالإضافة إلى الغضب العارم الذي يعم مديريات إب والضالع المحاذية لقبيلة قيفة نتيجة إعدام القاعدة لرئيس فرع المؤتمر بدمت وكذا إعدام ضابط استخبارات ونجليه ومرافقيه بطريقة بشعة مطلع الشهر الحالي. ما يجري في مدينة رداع من اشتباكات زادت حدتها منذ الاثنين الماضي حتى شملت جميع أحياء المدينة لن تكون ميدان المعركة الأهم في حال قرر الحوثيون ذلك، فالمعركة ستكون في الأراضي الخاصة بقبيلة قيفة والممتدة بين مديريتي ولد ربيع والقريشة.فباسترجاع سريع لآخر الحروب التي خاضها تنظيم القاعدة في قيفة كانت ضد الحملة العسكرية التي أرسلها الجيش نهاية عام 2012م، والمكونة من عدد من الألوية ووحدات متخصصة، انتهت تلك المعارك بعودة الحملة العسكرية إلى مواقعها السابقة بعد تكبد الطرفين قتلى وجرحى وآليات عسكرية رافقها عدم تمكن الحملة من اقتحام معقل التنظيم (المناسح). من جانبها استغلت القاعدة عقد اجتماع كبير في 9 أكتوبر الماضي حضره مشايخ قبائل عنس والحدأ وآنس من محافظة ذمار ومشايخ قيفة والعرش من البيضاء، ومشايخ من محافظة مأرب، بخصوص مطالبات قبائل (عنس) بالإفراج عن العقيد سعد مبخوت، وهو نائب أركان حرب محور البيضاء ونجله وعدداً من مرافقيه اختطفتهم القاعدة قبل أسابيع، ، وقد خرج المجتمعون بعدد من النقاط، أهمها الإفراج عن المختطفين، ورفع القطاعات المتبادلة بين القبائل المذكورة، وعدم السماح للحوثيين بالدخول إلى تلك المناطق. وقد اتضح هشاشة مخرجات الاجتماع مع أول اختبار حقيقي تمثل في قدوم تعزيزات كبيرة للحوثيين خلال اليومين الماضيين لم يتم اعتراضها حتى وصلت إلى رداع. من الأهمية بمكان الإشارة إلى اجتماع آخر عقده مشايخ (آل محن يزيد) (أحد فخوذ قبيلة قيفة الثلاث) بتاريخ 11 أكتوبر خرجوا منه بوثيقة تلزمهم عدم السماح بحدوث اختطافات أو قطاعات انتشرت في المنطقة وعدم التدخل في شئون من يقومون بذلك لا سلباً ولا إيجاباً. فالاجتماع الذي حضرته قيادات محسوبة على أنصار الله ، وترأسه شيخ ضمان قيفة يعد نقطة تحول جوهرية في معارك الحوثيين من جانب وبين القاعدة في قيفة التي تتواجد جلّها في قبيلة آل مهدي (ثاني فخوذ قبائل قيفة الثلاث) التي يتزعمها آل الذهب ذووا الثقل القبلي الكبير في المنطقة بأسرها . ما يجب الالتفات إليه إنه في حال استطاع الحوثيون اقتحام المعقل فإن عناصر التنظيم لا سيما القادمين من المحافظات والأجانب أيضاً سيتجهون شرقاً وليس جنوباً باتجاه مدينة البيضاء كما يعتقد الكثير، ففي الشرق يقع معسكر التنظيم في (يكلا) حيث يقع في (قفر) بمحاذاة محافظة مأرب. كما أن موقع المعسكر يمكنهم من التوجه إلى محافظة مأرب والوصول إلى محافظة الجوف في حال قرر الحوثيون اقتحامه، وبناء على المعطيات على الأرض فإن المعارك لن تكون سهلة على الطرفين المتصارعين والضحايا كثر، لكن الأهم ان تلك المعارك التي اندلعت لن تتوقف في رداع وستأخذ وقتاً أطول مما نتصور.