بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(ج2) العميدالركن/ الدكتور مقبل العمري: الفريق حسن العمري لم يعتزل وإنما عُزل
نشر في المنتصف يوم 01 - 03 - 2013


العميد الركن الدكتور مقبل العمري ل"المنتصف":
الفريق حسن العمري لم يعتزل السياسة وإنما عُزل بمؤامرة كبيرة دبَّرها الارياني.. والرئيس الحمدي حاول اغتياله
تدارك الرئيس الإرياني والقائد العام للقوات المسلحة الفريق العمري الأوضاع الخطرة واتخذا قراراً قضى بخروج الانقلابيين من اليمن وتم نفيهم إلى الجزائر
عاد عبد الرقيب مع رفاقه إلى عدن، ومن ثمَّ إلى صنعاء سرّاً واحتل موقعي عيبان وظفار وهدَّد بضرب صنعاء
مُنع الفريق العمري من العودة وكابد ألم النفي ويوم عاد بدون إذن استقبله وزير الداخلية يحيى المتوكل في المطار فعاتبه الرئيس الحمدي فقال له المتوكل: ( هذا يا أخ إبراهيم هو الذي وضعني ووضعك على الكرسي)
رغم حبي الشديد للرئيس الحمدي إلاّ أنه حاول اغتيال الفريق حسن العمري وضرب عليه حصاراً في منزله حتى اضطر لمغادرة اليمن
لم يكن بين الفريق العمري والمناضل عبد الرقيب خلاف، وكل الكُتَّاب المنصفين قالوا إن العمري كان يعتبر عبد الرقيب مثل ابنه
نناشد الرئيس هادي، واللواء حمود بدر رئيس جمعية مناضلي الثورة اليمنية، ومن تبقّى من أبطال السبعين، وأمين العاصمة إعادة الاعتبار إلى تبّة العمري
كان الخلاف بين الدولة الناشئة برئاسة القاضي الإرياني، وبين جماعة انقلابية متمرّدة على الشرعية بقيادة عبد الرقيب عبدالوهاب ولمَّا رفعت هذه الجماعة السلاح في وجه الدولة وقعت أحداث 23 أغسطس عام 68م فتعفَّنت العاصمة من جثث ضحايا القتال الطائفي
كشف العميد الركن الدكتور مقبل أحمد العمري وهو من أسرة الفريق المناضل حسن العمري القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس أول حكومة يمنية بعد قيام ثورة سبتمبر حقائق تاريخية ومعلومات تُكشف لأول مرة عن مؤامرة كبيرة استهدفت الفريق حسن العمري، وكذا عن الصراع بين معسكر الجمهوريين والملكيين الذي نشب عقب نجاح الثورة السبتمبرية وترأس القاضي عبدالرحمن الارياني رئاسة الجمهورية اليمنية.
وتحدث الدكتور العمري في الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته معه "المنتصف"، عن الخلاف بين الدولة، الثورة والشرعية، والدولة الناشئة حينها برئاسة القاضي الإرياني، وبين جماعة انقلابية متمردة على الشرعية، بقيادة عبد الرقيب عبدالوهاب تم نفيها فيما بعد إلى الجزائر.
وناشد العمري الرئيس هادي، واللواء حمود بدر، رئيس جمعية مناضلي الثورة اليمنية، ومن تبقى من أبطال السبعين، وأمين العاصمة برد اعتبار الفريق حسن العمري وإعادة اسم "تبة العمري" إلى ما يُعرف حالياً ب"حديقة الحيوانات" في منطقة حزيز شمال العاصمة صنعاء.. إلى الحصيلة:
حاوره: وليد العمري
برأيك، لماذا تم تغيير اسم تبة المناضل الفريق حسن العمري والتي تقع شرق العاصمة صنعاء، وما الهدف من وراء تغيير اسم هذا المعلم التاريخي؟
- لقد أوضحت ذلك في رسالتي الموجّهة للأخ أمين العاصمة والتي نشرتها صحيفتكم الموقّرة في أعداد سابقة، وكنت مؤدباً فيها لم أتعمد جرح أحد، ولكن يبدو أنه لا مناص من قول الحقيقة، وهي أن الفريق حسن العمري هزم الملكيين تلك الهزيمة الساحقة، في منطقة تقع في عمق منطقة سنحان، وقد لعب الخبثاء والمندسون على الثورة لعبتهم القذرة في عهد، وفي عقل الرئيس صالح، وأوهموه أن تخليد تبّة العمري، وهي في قلب سنحان، سيقلل من قيمته وهيبته كرئيس جمهورية من سنحان، ويبدو أنه صدَّقهم وأعطاهم فوق ما أرادوا، حيث جعلها حديقة للحيوان، إمعاناً في تشويه الحدث وصاحبه، ومسح ذكر هذه المعركة الفاصلة وأبطالها من ذاكرة الأجيال. ونعتقد أن ذلك كان قراراً مدروساً، ومؤامرة دُبِّرت بليل ضد العمري ورفاقه من أبطال السبعين، بل ضد الثورة والنظام الجمهوري، سواءً أدرك هذا الرئيس السابق أو لم يدرك، فقد كان الرئيس على كل حال وهو المسئول الأول، مع احترامنا له، عمَّا لحق بالفريق العمري من ظلم وتشويه، ولقد ساعد على ذلك انقراض المناضلين، وصمت هيئتهم الموقَّرة، وشراء ذمم بعضهم، وكذلك سكوت كبار مشايخ الحدا وآل العمري، وخوف من كانوا مقربين منهم من الرئيس صالح على مصالحهم ووظائفهم.
واليوم نناشد الرئيس عبد ربه منصور هادي، واللواء حمود بدر، رئيس جمعية مناضلي الثورة اليمنية، وجميع من تبقى من أبطال السبعين، ومعالي الأخ أمين العاصمة وجميع الشرفاء أن يتعاونوا في إزالة هذا المنكر، وإعادة الاعتبار إلى تبة العمري بأن تعود كما عرفها الشعب اليمني تبة العمري.
ونؤكد أننا لن نسكت على هذا الباطل، وسوف نناضل بالكلمة حتى نُزْهقه، أو يلعن التاريخ من شارك في صنع هذا الباطل أو سكت عنه.
ماذا لو حدثتنا بإيجاز عن القضية التي تداولتها الصحف بخصوص ما حصل من خلاف بين المناضل الفريق حسن العمري والمناضل عبدالرقيب عبدالوهاب؟
- أنا من مواليد الثورة وما بعدها، وقد قرأت مثلك ما قِيل من حقائق وأكاذيب حول هذا الموضوع، والتاريخ الحقيقي يستقى من دراسة كافة الروايات واستخلاص الحقيقة منها بمنهجية وموضوعية وحياد.
دعك من المهرجين والكذّابين والذين يريدون تزييف التاريخ كما تمليه عليهم رغباتهم وشهواتهم .
فعلى الرغم من أن الفرق بين الرجلين كالفرق بين السماء والأرض، فإن المتابع المدقّق يمكن أن يتوصل إلى الحقيقة، وهي أنه لم يكن بين الفريق حسن العمري والمناضل عبد الرقيب خلاف، وكل الكُتَّاب المنصفين قالوا إن الفريق حسن العمري كان يعتبر عبد الرقيب مثل ابنه، وأنه فضَّله على كثير من القادة وعيَّنه رئيساً للأركان وهو برتبة نقيب إضافة إلى قوات الصاعقة .
لقد كان الخلاف بين الثورة والشرعية، والدولة الناشئة التي كان رئيسها آنذاك القاضي عبد الرحمن الإرياني، وبين جماعة انقلابية متمردة على الشرعية، بقيادة عبد الرقيب وجماعته، وهي جماعة انطلقت من منطلق مذهبي وحزبي ومناطقي بغيض، ولما رفعت هذه الجماعة السلاح في وجه الدولة حدثت أحداث 23 أغسطس الأسود عام 68م واجهها الجيش اليمني بقوة، وبدأت العاصمة تتعفَّن من جثث ضحايا القتال الطائفي الأحمق، فتدارك الرئيس الإرياني ورئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة الفريق العمري الأوضاع الخطرة واتخذا قراراً حكيماً قضى بخروج عبد الرقيب ومن معه من الانقلابيين وعددهم (6) وقادة القوات المسلحة المدافعين عن الشرعية وعددهم (17) والمجموع (23) قائداً عسكرياً من اليمن مؤقتاً حتى تهدأ الأوضاع، وتم نفيهم جميعاً للجزائر، ولمَّا هدأت الأوضاع واستقرت البلاد، أمر الفريق العمري بعودتهم جميعاً، ولكن كما يعلم الجميع عبد الرقيب عاد مع رفاقه إلى عدن، ومن ثم عاد إلى العاصمة صنعاء سراً، حيث أعاد كرته الحزبية وجمع له عدداً من المقاتلين من الصاعقة، واحتل موقعي عيبان وظفار وهدَّد بضرب صنعاء، وقد هاجم بعض المناطق في العاصمة وتمركز من معه في العرضي وأماكن أخرى واحتلوا بعض البيوت. ودخل عبد الرقيب بيت علي سيف الخولاني فجأة، فرحب الأخير به طالباً أن يلقي السلاح ويعود إلى رشده وسوف يكلِّم الفريق العمري أن يعود لعمله، ولكنه لم يبدِ قبولاً فاتصل بالفريق العمري ليخبره، فقال له أقنعه أن يأتي إلينا ولن يجد إلاّ كل ترحيب، وأرسل إليه عدداً من الضباط لإقناعه، ولكن أصحابه أطلقوا النار عليهم قبل وصولهم، فأمطروهم بالرصاص من بيت علي سيف، ومن حوله، وتحركت دورية كانت موجودة بالقرب، فحصلت المواجهة المؤسفة التي أدت لمقتل عبد الرقيب رحمه الله وكانت القوة التي تواجدت في المنطقة قد تألّمت من موقف عبد الرقيب وأرادت أن تأخذ جثته لتسحبها في الشوارع، فاتصل علي سيف ليبلغ الفريق بالحادث فأصيب الفريق بصدمة كبيرة، وأرسل الشيخ أحمد علي المطري لتسلم جثمانه ودفنه بكرامة ومنع الغاضبين من الجيش من استلامه.
لكن الصحف تتحدث عكس ما ذكرته تماماً.. على ماذا استندتَ في حديثك هذا؟
- دعك من الصحف الصفراء. ومن المرجفين في المدينة، والحاقدين، ارجع إلى روايات المنصفين والمعاصرين من الثوَّار، كاللواء المرحوم يحيى المتوكل، واللواء حسين المسوري، وكثير ممن كتبوا ووثّقوا عن هذه المرحلة.. ودعك من الصحف والأهواء.
وإن من مصادري الخاصة أشخاصاً عاصروا الفريق العمري لحظة بلحظة طوال حياته، ومنهم شقيقه الأستاذ والمناضل الكبير/ علي محمد الرزاقي، وقد استحلفته يوماً بالله أن يقول لي الحقيقة، فأكد لي أن الفريق كان من أكبر المدافعين عن عبد الرقيب وأنه لم يكن له علم بمقتله، وأنه حزن عليه حزناً شديداً، وأن عبد الرقيب لو وصل إلى منزل الفريق لكان عيَّنه رئيس أركان من جديد.
الانعزال عن العمل السياسي الذي قرّره الفريق حسن العمري أثار الكثير من التساؤلات.. هل لك أن تطلعنا على فحواها اليوم خاصة وأن التاريخ بدأ يعيد نفسه؟
ربما سوف أكشف لك بجواب هذا السؤال جديداً لم يُذكر من قبل، وهذا من مصادر مقربة من الفريق حسن العمري رحمه الله تعالى.
الفريق العمري لم يعتزل السياسة وإنما عُزل ضمن مؤامرة كبيرة، كان الرئيس الإرياني وكثير من المحيطين به من المدبِّرين لها.
فبعد أن وضعهم الفريق حسن العمري على الكراسي وهزم الملكية للأبد، خافوا منه على أنفسهم، خاصة بعد أن بلغت شعبيته لدى الناس ذروتها، وبعد انتصار السبعين، والتفاف قيادات الجيش حوله، ومحبة الجميع له من قيادات عسكرية وقبلية ومشائخ وغيرهم.
ولقد درسوا شخصية الفريق جيداً، وحاكوا خيوط المؤامرة على أساسها.. الفريق بطل ولا يصبر على ضيم ودمه حامٍ ومتسرِّع في ردود أفعاله خصوصاً ضد ما هو غلط، وهذه نقطة ضعفه وقوته، والفريق رئيس وزراء وقائد عسكري وسياسي كبير، وسوف يخاف على سمعته وشرفه الكبير أن تُمس، وقد يفضِّل سمعته على منصبه فيحنق أو يبتعد عن ممارسة مهامه لفترة، وقد يتسرَّع ويستقيل... وهذه نقطة ضعف أخرى. فكروا ودبّروا فجاءوا بالمواطن الحرازي الذي كانت تربطه علاقة مشبوهة بالحمدي وأناس آخرين، وبطريقة ما شبكوا هاتف المصور الحرازي بهاتف منزل الفريق حسن العمري، وطلبوا إليه التجسس عليه وسماع كل ما يدور، وفي ذات ليلة أراد الفريق الاتصال فسمع أن شخصاً يتكلم، فسأله: من أنت؟ فقال له مؤنّباً: من أنت أنت؟ قال: أنا الفريق حسن العمري وهذا تلفون منزلي، كيف حدث أنك تتكلم منه؟ فرد عليه الحرازي بوقاحة: من أبوك يا فاعل ويا تارك.. وقذفه وذكر زوجته وبناته بالاسم وذكرهن بسوء كبير؟ اشتاط الفريق غضباً وطلب من الحرازي أن يفصح عن شخصيته، وما ذا يريد؟ فزاده سباً وشتماً وقذفاً!!
ومع الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد لم يشك الفريق في أن هذا ليس حادثاً عابراً، بل مؤامرة سياسية، فأرسل الفريق للمواصلات على الفور ليخبروه كيف أن تليفون رئيس الوزراء مشترك مع مواطن، وخصوصيته منتهكة!!؟
فلما بحثوا وجدوا أنه تلفون الفريق مشترك مع استديو للتصوير يملكه هذا المصور (الحرازي)، وكان قريباً من منزل الفريق، اتصل به الفريق مرة أخرى يسأله كيف حدث هذا الخطأ، ولكنه تكلم عليه من جديد وسبّه وذكر بناته بسوء قلب الفريق الدنيا، وضاق به الحال وطلب البحث عن استديو الحرازي وحبسه والتحقيق معه. ذهب المكلفون للأستديو فلم يجدوه، فقيل لهم إن بيته جوار الإذاعة، فذهبوا للبيت واعتقلوه، قال شاهد عيان منهم "دخلنا البيت وإذ في الحجرة ثلاثة عيال يتصصب العرق من جباههم وهم نيام فقلنا له يا عاصي والديك أما تخاف الله في هؤلاء الصغار، ولم تجد إلا الفريق تتجسس عليه، وتسبه وتلعنه بدون سبب من الذي دفعك لهذا؟؟" قال: (فلم يرد علينا ولم يقاوم وقد لاحظ القوة المكلفة باعتقاله تحاصر البيت، واعترف أنه فعل ذلك وأخذناه إلى سجن القلعة ورجعنا للفريق وهو يسأل من هو؟ من دفعه؟ لماذا؟ وهدأنا خاطره وقلنا غداً يحققوا معه ونعرف كل شيء فركب سيارته واتجه نحو القلعة فركبنا وراءه وخرج الموكب كله).. وأضاف: (واحضروا إليه الحرازي والفريق واقف يسأله من أنت ومن تكون؟ ومن دفعك؟ فرد عليه بنفس الأسلوب السخيف الوقح لدرجة أننا خفنا أن يأمرنا بإعدامه... لقد سبّه وسفّه بناته وذكر أهله من جديد وهذه المرة على مرأى ومسمع.. ) وفي ثورة غضب:(طلب الفريق عصا ليضربه فتباطأنا وحاولنا أن نثنيه وهو يقول: سمعتم ما قال؟ لكن أحد المرافقين ناوله عصا، فضربه ضربة واحدة صادفت أنها وقعت في رأسه على غير قصد فسقط، ومسكنا الفريق وأبعدناه عنه فرحين بتمكُّنا من ذلك، ولكن مسئولي السجن أخبرونا بأنه مات). خرج الفريق غاضباً مهموماً، وحزيناً وهو يقول أردت تأديبه ومعرفة من دفعه لا قتله.. تعلمون أني كنت أحرص الناس على حياته، ولا يشرّفني قتله، لأنه مواطن وأنا مسئول عليه أمام الله، ولأني أريد أن أعرف من وراءه، لم أكن أقصد هذه النتيجة هو قتل نفسه بحماقته، وعدنا للبيت يخيم علينا جو من الحزن). قتل الحرازي فكان مقتله على نحو ما يريد أعداء الفريق.. وبدأ الإرياني ومن حوله يتحدث عن القضاء والعدالة، وأرسل للفريق رسلاً أن لا تحزن، ليس هذا بيدك، هذا حادث عرضي .. وسوف تقوم الدولة بدفع ديته، وتُراضي أهله، وأرى أن تأخذ لك إجازة تريح أعصابك لفترة وجيزة، وجهّزوا للفريق التذاكر سريعاً، وودّعوه ليقضي إجازة قصيرة في بيروت ولم يكد يصل بيروت حتى عزلوه.
هي مؤامرة كبيرة حصل بسببها قتل خطأ بما لا يقتل غالباً، والمقتول متهم غير بريئ، ارتكب عدة جرائم وانتهك بكل وقاحة عرض وخصوصية رئيس الوزراء القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن دفعه لذلك بلاؤه العظيم في حماية اليمن وصنعاء بالذات من السقوط والهوان!!
تلك هي الحقيقة وما خفي كان أعظم ..
وبعدها منع الفريق من العودة حتى لليمن، وصار يكابد ألم النفي والجحود والنكران لما قدمه لليمن، ويوم عاد بدون إذن. استقبله وزير الداخلية يحيى المتوكل استقبالاً رسمياً في المطار، فعاتبه الرئيس إبراهيم الحمدي، فقال له المتوكل: (هذا يا أخ إبراهيم هو الذي وضعني ووضعك على الكرسي)، وكان الحمدي مدير مكتبه، والمتوكل السكرتير الخاص به قبل ذلك. وقِيل إن اللواء يحيى المتوكل قد دفع ثمن تلك الكلمة، فغيّره إبراهيم الحمدي من الداخلية.
وللتاريخ ورغم حبي الشديد للرئيس الحمدي إلاّ أن ذلك لا يمنع من قول الحق، وهو أن الحمدي قد حاول جاهداً اغتيال الفريق خلال تلك الزيارة، وهو في طريقه للحدا، أو العودة منها، ولكن المحاولة فشلت، و ضرب عليه حصاراً في منزله حتى اضطر لمغادرة اليمن.
ومن المفارقات العجيبة أن الكثير من قادة اليمن الذين جاءوا للحكم بفضل حسن العمري قد قتلوا الشعب اليمني مراراً، وذبحوا منه بالمئات والآلاف ذبح النعاج، ولم يرف لهم جفن، ومازالوا يتشبثون بمناصبهم حتى اللحظة، ولكن الفريق حسن العمري الذي كان يدافع عن اليمن من الخيانة والرخص، وكان يدافع عن شرف البلاد والعباد يؤاخذ بمقتل مواطن خطأ، وكان ذلك الخطأ أثناء ممارسته لمهام وظيفته وفي ظروف استثنائية صعبة !!!
سؤال أخير.. اليمن تتجه إلى أين؟
- اليمن عملياً تعبر إلى الحوار حسب المبادرة التي فرضتها عليه القوى المتناحرة سابقاً والمتحاورة لاحقاً، ويعلم الله إلى أين؟ وعلامَ يتحاورون؟
إن كان الحوار من أجل اليمن، فالأمل في الله وفي نتائج الحوار كبير... وإن كانوا يتحاورن من أجل أنفسهم ومصالحهم، كما هو الظاهر، فالنتيجة معروفة سوف تسير اليمن إلى هاوية الانقسام والتشظّي لا قدر الله.
* صحيفة المنتصف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.