صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاربة ل(أيام وذكريات) حسن مكي

في تمهيده للكتاب يتحدث الدكتور حسن محمد مكي ،رئيس الوزراء الأسبق عن رحلته مع الحياة منذ أن ولد في "صبيا""حين كانت ما تزال عاصمة دولة إدريسية تعيش لحظاتها الأخير "ص9.
ليعيش "خلال عهود ثلاثة أئمة "الإمام المتوكل على الله يحي بن محمد حميد الدين والإمام الناصر لدين الله أحمد بن يحي حميد الدين ،والإمام المنصور بالله محمد البدر بن أحمد حميد الدين "ومعاصرته لخمسة من رؤساء الجمهورية ،وأربع دول اختفت من الوجود ،الأيام الأخيرة من دولة الأدارسة والمملكة المتوكلية اليمنية ،وجمهورية اليمن الديمقراطية ،والجمهورية العربية اليمنية ".
يرى حسن محمد مكي أن حياته كلها "ارتبطت بعملية التحديث والتنمية لإخراج اليمن من عزلتها وتخلفها "ص9.
ولعلّ هذا الطموح بحسب تفسير حسن مكي "هو نفسه ما جعلني أتعرض لأكثر من عملية اغتيال سياسية "طبعا من تلك المحاولات حين تم ّإرساله للحوار والتفاوض مع النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب ،رئيس هيئة الأركان،ففي أحداث أغسطس 1968م،وبعد دخول حسن مكي ،ومحسن العيني والعطار ...الخ إلى قوات الصاعقة تم الضرب عليهم مما أدى إلى اصابة مكي وهم في العرضي بعد خروجهم من مقر الصاعقة ، في تلك العملية ،ولحسن مكي تفسير موضوعي ، لأحداث اغسطس ،فهو يرى أن الصدام كان "على خلفية حدة التناقضات في صفوف الضباط وبدأت تخرج عن حدود السيطرة .وأدى تمسك "الجانبين"المتصارعين بمطالبهما ،ومغالات الضباط الشباب من كل الاتجاهات بالإضافة إلى الضغوط الخارجية الرامية إلى إقصاء المتشددين من الجمهوريين بهدف تهيئة الأجواء الملائمة للمصالحة المريحة ،فضلا عن تعصب الزعامة القبلية التي كانت تغذي تلك التناقضات، ثم التعجيل بتفجير الموقف في وجه الجميع ،في شكل التعجيل بتفجير الموقف في وجه الجميع في شكل أحداث أغسطس 1968م المأساوية "ص13.وتصحيحا للخلط الذي قام به "عبد الله بركات في كتابه "مساريماني –دار الثقافة العربية -2003م-حين قال بأن حسن مكي أصيب برصاصة في رأسه وهو داخل مقر الصاعقة ،فيستدرك مكي على بركات بأنه أصيب حين خرجوا من فرقة الصاعقة باتجاه العرضي ،وهناك خرج لهم رجل يحمل رشاشا ،وأطلق عليهم بغرض قتلهم ،وهناك كانت إصابته .يشير عبد الله بركات في كتابه "مسار يماني "إلى أن عودة حسن مكي مرة أخرى إلى مقر فرقة الصاعقة من أجل ابلاغ النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب بموافقة حسن العمري على شروط عبد الرقيب عبد الوهاب وأصحابه ،والتي منها إطلاق سراح مثنى جبران قائد المدفعية ،في حصار السبعين يوما ،المعتقل لدى حسن العمري ...والحقيقة التي يرويها حسن مكي أن عودته كانت من أجل التضامن مع زملائه الوزراء المحتجزين هناك ،وليس لإبلاغهم بالموافقة على الشروط "وتصحيحا لهذا العرض اقول أن العمري لم يوافق على الشروط التي عرضها الطرف الآخر في النزاع .ولعلّ بعض الإخوة المشاركين في الوساطة قد عرفوا عند وصولنا إلى الفريق العمري أن ساعة الصفر قد تحددت فامتنعوا عن العودة إلى الزملاء المحتجزين دون أن يصدني أحد عن العودة إلى مقر قوات الصاعقة للوساطة .كما أن ضباط الصاعقة الذين احتجزوا الوزراء كانوا يعتقدون أن وجود هؤلاء المحتجزين لديهم ضمانة لعدم قصف المقر ،وظنوا ذلك لأن رئيس الوزراء والوزراء لن يفجروا المبنى فوق رؤوس زملائهم .وقد اتضح أن هذا كان تقديرا خاطئا .لأن وجود المحتجزين لم يمنع تفجير الوضع العسكري وقصف المبنى الذي كنّا محتجزين فيه، ولولا قرار عبد الرقيب إخلاء المبنى عندما بدأت القذائف تتساقط في الساحة لكنا فارقنا الحياة في الحال تحت الأنقاض "ص236.
وفيما يتعلق بالخلاف بين الرئيس الإرياني والجناح المتعاون مع السعودية ،تظهر قضية الحدود واتفاقية الطائف كقضية رئيسية أطاحت بالرئيس الإرياني "وبدأت الساحة الوطنية تشهد من جديد خلافات وانقسامات حادة بين فريقين ،الأول من أنصار التعاون مع السعودية وفقا لشروطها والثاني يسعى إلى تعزيز الشخصية الوطنية المستقلة ،ويريد بناء علاقات جوار وتعاون مع المملكة العربية السعودية تنطلق من اعتبارات الاحترام المتبادل والتعامل المتكافئ، وتمحورت قضايا الصراع في تلك الأيام حول قضية تسوية خلافات الحدود مع السعودية ،وتنفيذ مطالب الجيش الإصلاحية ،وسياسة التعامل مع أعمال العنف في المناطق الوسطى "ص245.
"وكان واضحا أن بعض الضباط ومشايخ القبائل الكبار ،وبخاصة في مجلس الشورى برئاسة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ،يعارضون بشدة سياسة الرئيس القاضي الإرياني والمجلس الجمهوري .إذ طغى على السطح خلاف القاضي الإرياني مع رئيس الحكومة القاضي عبد الله الحجري ،بسبب ملف العلاقات اليمنية السعودية .واشتد الخلاف عندما ذهب الحجري على رأس وفد رسمي في زيارة للسعودية ووقع ،دون تشاور مع المجلس الجمهوري ودون أي تكليف ببت قضايا الحدود ،على بيان ينهي قضية تاريخية مثل النزاع الحدودي دون مفاوضات ودون مشاورات ،وكأن الأمر يتصل بنزاع عادي لا يحتاج إلى بذل جهد للتشاور والإقناع والدراسة .وتحول هذا الخلاف الداخلي إلى خلاف مع السعودية "ص225.
لكن حين أصبح مكي رئيسا للوزراء في 1974م وذهب إلى السعودية ،وجد نفسه يوقع على بيان بعد تشاوره مع الرئيس الإرياني ،يقر فيه بالتزام اليمن بالتعهدات والقرارات المتعلقة بقضية الحدود ،دون الدخول في تفاصيل تلك الالتزامات! وكان حريصا على عدم التطرق للبيان الذي وقعه محمد النعمان الذي كان وزيرا للخارجية في حكومة الحجري ،حين ذهبوا إلى السعودية بوفد برئاسة الحجري !
لقد كان الحجري متعصبا ورجعيا حسب رؤية الدكتور حسن مكي ،لكنه كان "على الرغم من اختلافنا في الآراء رجلا صادقا ومؤمنا واثقا من نفسه ،وشجاعا في مواقفه ووفيا مع أصدقائه "ص248.
يبدو أن الخلاف بين إبراهيم الحمدي وحسن مكي يبدأ من فترة رئاسة القاضي الإرياني ،فحسن مكي كان من المقربين ،ورجل الثقة لدى الإرياني ...فحين تم تعيين حسن العمري رئيسا للوزراء ،وهو القرار الذي صدر عام 3مارس 1974م "فإن هذا الترشيح ظل يثير حفيظة بعض المشايخ الكبار في مجلس الشورى ،ونائب القائد العام للقوات المسلحة آنذاك العقيد إبراهيم الحمدي الذي كانت طموحاته السياسية واضحة وكبيرة ، إلاّ أن إلحاح القاضي الإرياني وتمسكه بترشيحي قد أسكت جميع الأصوات المعارضة للحكومة الجديدة "واستمرت العلاقة بينه وإبراهيم الحمدي سلبية حتى بعد قيام حركة 13 يونيو 1974م ،وتعيين حسن مكي مديرا لجامعة صنعاء ،فاللواء محمد عبد الله الإرياني يروي في مذكراته كيف أن الحمدي كان مستاء من زيارة الإرياني لمكي ،عندما عاد الارياني إلى صنعاء قادما من لندن التي يعمل بها سفيرا لليمن منذ بدء حركة 13 يونيو، ومنع من العودة إلى صنعاء طيلة عام ،وكانت حجة الرئيس الحمدي في منع اللواء الإرياني من العودة إلى صنعاء ولو بزيارة -هي أن مجلس ا لقيادة معترض على عودته في تلك الظروف وأنه بحاجة إلى وقت لإقناعهم ،فاللواء الإرياني كان قائدا عاما للقوات المسلحة ،لهذا كانوا يخشون وجوده في اليمن بعد الحركة مباشرة ،وسمحوا له بالعودة إلى صنعاء بعد عام من الحركة ...
يرى مكي أن "العقيد ابراهيم الحمدي قد استقال من الحكومة السابقة عندما اشتدت الخلافات ،وتفرغ لقيادة قوات الاحتياط العام ولمنصب نائب القائد العام للقوات المسلحة لدعم مركزه العسكري ،استعداداً لحسم الصراع "طبعا لمن لا يعلم فقوات الاحتياط تأسست بعد الصراع على السلاح السوفيتي الذي كان سببا لأحداث مارس ،وتنازع الصاعقة والمظلات من جهة والعمري والمشايخ من جهة أخرى على ذلك السلاح ،فتم الاتفاق على أن يكون السلاح تابعا للقائد العام ،ويتم تأسيس فرقة العاصفة ،وهي إلى جوار المدرعات من عملت على قصف الصاعقة والمظلات بذلك السلاح السوفيتي ،ومن العاصفة تم تكوين وتطوير قوات الاحتياط ،وهي قوات قامت على أساس أنها البديل لقوات الصاعقة ،كقوات تدخل سريع".
يتحدث حسن مكي عن طموح الحمدي ونشاطه في التعاونيات ،وقوات الاحتياط بعد إزاحة الرئيس الإرياني فيشير مكي إلى اجتماع إبراهيم الحمدي ومجموعة من الضباط مع صالح الهديان ،الملحق العسكري السعودي-267.وإلى حديثه مع سنان أبو لحوم حين جاء أبو لحوم إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة حاملا استقالة الأحمر بحسب ما خططوا له مع الشيخ الأحمر ،ومما قاله سنان لمكي ،بعد معاتبة مكي لسنان بسبب انقلابهم على القاضي الإرياني ،وتبديله بالعسكر ،ثم طلب من سنان ألاّ يصيبوا الإرياني بمكروه،فطمأنه سنان بقوله "لن يصيبه مكروه دعوه يذهب والحمدي مؤقت ونستطيع الاستغناء عنه ببساطة في أي وقت "ص267.
لقد كان موضوع العلاقات مع السعودية بخصوص الحدود "قضية حرجة وحساسة ،خاصة وأن المملكة كانت تقدم دعما ماليا شهريا قدره مائة مليون ريال سعودي لسد العجز في الميزانية "لا يصل المبلغ بكامله إلى وزارة المالية لأن الوسطاء من الجانبين يستولون على جزء منه "ص256.
رؤية حسن مكي للسياسة الخارجية للإمام يحي :
بخصوص الدعم العسكري والمادي الذي كانت تقدمه الدول الأوروبية مثل إيطاليا وبريطانيا ،ورفْض الإمام يحي الاستفادة منه ،يعيده حسن مكي إلى جمود الإمام يحي "لقد كان ما يمثله موقف الإمام يحي في رفضه للدعم الخارجي لكونه "أضعف القوى المحلية قدرة على الاستفادة من القوى الخارجية بسبب يعود إلى عجزه النابع من شخصيته المنزوية ،ومن طبيعة نظامه السياسي المتجمد .فكان أعجز عن أن يفهم التحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة "ص12.
مع أن موقف الإمام يحي موقف وطني ،كان يفترض أن يكون محل تقدير،لرفضه التدخلات الخارجية والانخراط في تبعية تشبه تبعية الأدارسة للإيطاليين والسعودية للبريطانيين آنذاك .بل إن مطالبة الامام يحي بالجنوب المحتل من قبل البريطانيين اعتبرها مكي واحدة من مثالب وأخطاء الإمام يحي!"وزادت مطالبته باستعادة جنوب اليمن المحتل من الاستعمار البريطاني ،واصطدامه في حرب مع البريطانيين على حدود مملكته مع المحميات البريطانية ،من تقليل حظوظه السياسية ،وقللت من فرص حصوله على دعم سياسي خارجي لطموحاته السياسية المعلنة "ص12-13.
بعد حادثة محاولة اغتيال الإمام أحمد ،تم أخذ حسن مكي إلى القصر "دار البوني "وهناك شاهد تعذيبا علنيا ل"عبد الله اللقية أحد المشاركين في محاولة الاغتيال ،الذي كان محتجزا في قفص الأسود الخاص بالإمام ،وكان خلالها يتعرض للضرب المبرح ،وكان صوته يتعالى مع كل جلدة تنزل على جسده .وكان التحقيق يجري على قدم وساق مع الجماعة المتهمة بمحاولة الاغتيال ،واللافت للنظر أن التحقيق العلني أمام الجميع كان يتم بشكل علني أمام جميع المتواجدين في المكان .وكان يتولى التحقيق العلني أمام الجميع كل من أحمد محمد الشامي ،وعبد الله السلال قائد حرس ولي العهد البدر في الحديدة ،وغيرهما من المسئولين "ص78.
لكن حسن مكي يترك موضوع التعذيب مبهما ،فذكره لاسم الشامي والسلال يوحي بأن التعذيب كان يتم بإشرافهما !
لحسن مكي تحليل منطقي ،وجدير بالتأمل بخصوص الولايات المتحدة الأمريكية ،واعترافها بالنظام الجمهوري في اليمن ،وفي نفس الوقت دعمها للملكيين وتكثيف تواجدها في السعودية،لحمايتها وحماية المصالح الأمريكية ،بعد أن أصبح وجود القوات المصرية وقتالها لحماية النظام الجمهوري المهدد حقيقة واقعة .ولا يستبعد أن يكون للمخابرات الأمريكية دور في زيادة استدراج مصر واستنزافها عسكريا واقتصاديا !لإضعاف نظام عبد الناصر على المستوى الداخلي والعربي والدولي .وضعضعة قواته في اليمن استعدادا لسحقها فيما بعد ،في الحرب الخاطفة التي شنتها اسرائيل بدعم أمريكي على مصر وبقية الدول العربية في الخامس من يونيو 1967م –ص128.
مفارقات مضحكة تعكس طبيعة العلاقة السلبية بين الشيخ سنان أبو لحوم والدكتور حسن محمد مكي :
حين يورد مكي بعض المفارقات المضحكة بخصوص سنان ابو لحوم ،ونجد الشيخ سنان في مذكراته يصف مكي بالضعيف وغير القادر على تحمل مسئولية رئاسة الوزراء التي كلفه بها الرئيس عبد الرحمن الإرياني –فإن هذه المفارقات تعكس من حيث الحرص على توثيقها تلك العلاقة السلبية بين الرجلين ،مكي وسنان !
من هذه المفارقات عندما خرجا للتمشي في شارع الكونيش "وكان معنا الشيخ سنان أبو لحوم ،بثيابه اليمنية المهيبة التي يرتديها في العادة مشايخ المناطق الوسطى والجنوبية من اليمن ،"الدسمال" أو العمامة الملونة والملفوفة على نحو أقرب إلى ما هو معروف في الهند ،"والدجلة" أو البالطو الطويل و"الجهاز "المكون من" الجنبية "والحزام المثبتة إليه ،ولمّا شاهده بعض الأطفال صاحوا "الساحر أهه""هذا هو الساحر "وظلوا يرددون الصراخ ونحن نصدهم والشيخ سنان مستاء حتى ابتعدنا عنهم "ص147.
والمفارقة الثانية هي حين وقع صدام بين "محسن السري "وكان وزير الخارجية، وسنان أبو لحوم مما جعل الشيخ سنان يستل جنبيته في وجه محسن السري وزير الخارجية ،لولا أن حسين الدفعي وزير الدفاع وزوج أخت السري – أخرج مسدسه طالبا من سنان أن يعيد جنبيته!
لسنان أبو لحوم والقوسي وغيرهم من المشايخ مواقف كثيرة في إشهار السلاح بوجه السلال أو بوجه حسن العمري وفي اجتماعات رسمية ،فهم ينظرون للمبنطلين سواء أكانوا عسكريين أو مدنيين نظرة انتقاص ،واستعلاء !
عن السلال :
يصف مكي عبد الله السلال ،فيقول "وقد كانت شخصية السلال تتسم بالمغامرة والسخرية .إذ كان يسخر من كل شيء .وكان جريئا وطموحا ،ومستعدا لفعل أي شيء لإرضاء طموحه .وسيتضح ذلك على نحو لا لبس فيه فيما بعد .وقد لاحظت قبل الثورة وبعدها ،وحتى بعد عودته من الخارج بعد سنين من الاطاحة بحكمه ليعيش مواطنا عاديا ،أنه لا يطمئن إلى مشايخ القبائل ،وكان يعتقد أن اليمن لن تتطور ما داموا يتحكمون في السلطة وقد أدى شكه العميق فيهم إلى زيادة عدم اطمئنانه إليهم ،وخوفه على تطوير اليمن من تأثيرهم بعد الثورة "ص158.في انطباع مكي تجاه السلال نوع من الموضوعية وآخر ذاتي ،وشخصي يتعلق بطبيعة العلاقة بين السلال وبين حسن مكي ،وهي بالتأكيد ليست بالعلاقة الإيجابية مقارنة بقربه من الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني ...
ينتقد حسن مكي بموضوعية نادرة –رغم أنه كان عند هزيمة 5 يونيو 1967م في سجون ناصر بمصر –ينتقد أولئك الذين يحاولون اختزال مشكلة اليمن بالتدخل المصري ،ويرى أن مشكلة اليمن معقدة وترتبط بمشاكل الحركة الوطنية قبل سبتمبر ،ثم ما بعدها ،ودور الانجليز من خلال سلطان بيحان، والدور السعودي الذي جند المرتزقة داخليا وخارجيا لإسقاط النظام الجمهوري.
ولا ينسى الدكتور حسن محمد مكي أن يذكر في مذكراته دور عبد الصمد مطهر والمقاول سلام علي ثابت في دعم ثورة سبتمبر فيقول "مما ينبغي ذكره أن عبد الصمد مطهر من التجار الذين دعموا الثورة ،ومن الإنصاف ذكر مقاول وطني آخر دعم الجمهورية ودعم صمود صنعاء أيام الحصار ،وهو المقاول سلام علي ثابت ،وهو من مهّد مطار الجراف حتى يمكن استخدامه بدلا من مطار الرحبة الذي أوقف القصف استخدامه وبنى حديقة الشعب ،وكان له دور في رعاية المقاتلين ،وكان من العاملين في بناء العاصمة الجديدة "ص225.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.